ترجمة حفصة جودة
هناك جوع في ثقافتنا لسماع قصص حقيقة من الآباء والأمهات عن حياتهم مع الأطفال، لقد كنت أكتب بكثافة وعلى نطاق واسع عن أبنائي لمدة 7 سنوات، دون التفكير ولو لمرة واحدة بشأن مشاعرهم وخصوصيتهم، ثم توقف عن الكتابة منذ عدة أشهر.
كنت أتمنى أن أقول إنني تأملت بعمق مدى أخلاقية الكتابة عن أولادي والتمحور حول الاهتمام بشخصيتي، لكن ما حدث بالفعل هو أن والدي طلب مني ذلك، فقد هاتفني بعد أن كتبت تدوينة عن أول علامات بلوغ ابني، لقد بدا الحد الفاصل واضحًا عندما كتبت عن تلك الأمور الخاصة، لكنني فعلت، كما أنني لم أتوقف لجزء من الثانية وكنت مستعدة للقيام بأكثر من ذلك، ربما تشعرون بالصدمة، لكن الكثيرين يهتمون بتلك الأمور.
نحن نعيش في سباق مشاركة الموضوعات على الإنترنت، ومن أحد الموضوعات الناشئة والرائعة: النشاط الجنسي للمراهقين، خاصة بالنسبة للآباء والأمهات الذين يستطيعون التعامل مع أسئلة الأطفال الصعبة والمحرجة، فمثلاً لقد قرأت بنهم كتاب بيجي أورنشتاين الجديد “الفتيات والجنس” وشعرت بالصدمة والانزعاج أثناء قراءته.
عندما تحدث إليّ والدي قال: “إليزابيث، هل نتوقف قليلاً للنظر بعمق فيما كتبت عنه؟”، أردت الدفاع عن نفسي فقلت له “أبي، إنني أعتبر نفسي شاعرة طائفية مثل سيكستون وشارون أولدز، والمصور الفوتوغرافي سالي مان”، لكنه قال “لا أتحدث عن الفن هنا، لكنني أتحدث عن حفيدي”.
لقد كان كالأسد بالنسبة لحفيده، استمعت لكلماته التي لامست قلبي، قلب الأم الذي يجمع بين الشدة واللين، ثم شكرته بصدق على تعليقه وأغلقت الهاتف، ثم بدأت بالصراخ في وجوه حيوانات ابنتي المحنطة والتي كانت متفهمة ومتسامحة.
وهكذا بدأت المعركة بعلاقتي بجملة نورا إيفورن “كل شيء ما هو إلا نسخة”، وكان شعار المعركة هو العذر الفني لطباعة كل ما أريد عندما أريد مع رؤية ضيقة الأفق للغاية، لكن ربما لا يمكن اعتبار جميع الأشياء بأنها نسخة، إنها حياة الناس ويجب علينا مراعاة واحترام الخصوصية، كانت هذه وجهة نظر جديدة بالنسبة لي في مجتمع يقوم على الثقافة الطائفية واستعراض العري.
عندما بدأت التدوين كان أطفالي ما زالوا في طور الرضاعة أحملهم على ذراعي، كانوا مخلوقات صغيرة، تبكي وتشرب الحليب، ولهم أعين زرقاء عميقة، لقد استخدمت المدونة كقناة بث مباشر لتساعدني على التعافي من اكتئاب ما بعد الولادة، والتي كانت “سنوات ضياع” بالنسبة لي و”سنوات ذهبية” لأطفالي، حيث غرقت في غسيل الأكواب وتغيير الحفاضات والحصول على نوم متقطع، لقد جعلتني الكتابة أشعر بفرح ومعاناة الأمومة في القصص التي أكتبها، هذه القصص كنت أعتبرها “ديوراما”.
لقد كنت الراوي دائمًا، الشخصية الرئيسية والبطلة التي تضربها العاصفة، والأم التي لم تتمكن من الذهاب إلى العمل حتى بلغ أطفالها عامين من عمرهم، والأم التي اكتشفت الكسور في واجبات الصف الرابع المنزلية، لقد كان أطفالي دائما تابعين لي.
لقد فضحت عاداتهم الغذائية في غرف الدردشة، ونشرت ما يقولونه على الفيسبوك، لقد وجهت لهم انتقادات فظيعة ولكن بمودة واهتمام كبيرين، كما يفعل هواة جمع الفراشات.
أعتقد أن صور سالي مان لأطفالها مشرقة وراقية، بينما يراها آخرون كتصوير إباحي للأطفال، الخطوط الفاصلة بين الفن والخصوصية ضبابية، فيجب أن نضع ذلك في الاعتبار بعناية، وهو ما لم أكن افعله.
لكنني وسالي مان لا ننتمي لنفس الفئة، فأنا أم مدونة من بالتيمور تكتب عن أشياء مثل قمل الرأس، أما هي ففنانة من الطراز العالمي، ولكننا قمنا بالشيء نفسه: تعرية أطفالنا علنًا.
لم يمنحني أولادي إذنًا لسرد قصصهم، وتصويرهم عرايا في المسبح، كما فعلت سالي مان، وكما أرى ذلك الآن فلا أود أن أفسد تألق أولادي، أو تخريب بداية حياتهم تحت ما يسمى بالفن.
وإذا قررت مواصلة الكتابة، فيجب أن أدرك أنني بحاجة إلى مواد جديدة، ولذلك سأنظر داخلي بعمق أو خارج نفسي، وللحصول على الإلهام؛ سأقوم بالكتابة عن الطبيعة، والبيئة، والبحر، وعن أشياء أكبر مني، لقد قرأت كتاب جون مير “Braiding Sweetgrass” حيث قال “الطبيعة خُلقت ليراها الجميع”، أما التربية فهي بيني وبين أطفالي، وليست للنشر.
المصدر: نيويورك تايمز