تزداد الضغوط على الرئيس الإيراني حسن روحاني قبل عام من الانتخابات الرئاسية بسبب عدم إحراز أي تقدم يذكر على صعيد جذب الاستثمارات الأجنبية للمساهمة في رفع مستوى معيشة المواطن والاقتصاد العام الذي تدهور خلال سنوات العقوبات الأممية التي رُفعت مع بدء سريان الاتفاق النووي الإيراني مطلع العام الجاري.
ومن المفترض أن تحقق إيران بعد رفع العقوبات خطوات مهمة على صعيد دفع الاقتصاد المحلي للأمام وجذب الاستثمارات الأجنبية وخفض معدل التضخم العالي ومعدل البطالة والفقر ومعدلات الفساد في الدولة، بحسب وعود روحاني وأنصار الاتفاق النووي.
لكن على الرغم من رفع العقوبات منذ يناير/ كانون الثاني الماضي إلا أن طهران لم تتمكن من إقامة علاقات مصرفية مع البنوك الدولية الكبرى في أوروبا والولايات المتحدة، فيما استطاعت ذلك فقط مع عدد محدود من البنوك والمؤسسات الأجنبية الصغرى.
وفشل إيران في تحقيق الاستفادة الكاملة من النظام المالي العالمي بعد عام على توقيع اتفاقها النووي مع القوى العالمية الكبرى وأكثر من 6 أشهر على رفع العقوبات، يزيد من حدة الخلاف السياسي داخل طهران.
يعتبر حجم ما حصلت عليه إيران من تمويل أجنبي منذ رفع العقوبات الأممية عن طهران صغيرًا بالمعايير الدولية.
حيث تلقي المعارضة الإيرانية من المتشددين، اللوم على حسن روحاني وأنصاره لإخفاقهم في الاتفاق النووي وتحقيق تحسن سريع في مستويات المعيشة ودون أن تصل الاستثمارات الأجنية إلى نتائجها الموعودة، وبحسب ما ورد على لسان مسؤول إيراني فإن بوادر التحسن الاقتصادي لن تتضح قبل عام 2019 بافتراض أن يسير كل شيء بسلاسة.
فالبنوك الأمريكية لا تزال محظورة من العمل مع إيران بسبب العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران، كما تواجه البنوك الأوروبية معوقات من التعامل مع طهران أبرزها صفقات إيران بالدولار وإتمامها عبر النظام المالي الأمريكي، ولا تزال قصة تغريم بنك بي إن بي باريبا الفرنسي بنحو 9 مليارات دولار في العام 2014 بسبب انتهاك عقوبات مالية أمريكية شاخصة أمام البنوك الغربية.
خروج بريطانيا وترشح ترامب
حدثان مهمان هذا العام يسببان الأرق للحكومة الإيرانية ويقوضان من مساعيها تجاه جذب الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد، الأول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فبحسب ما نقل عن مسؤول إيراني فإن “الخوف من العواقب المالية لانفصال بريطانيا جعلها والدول الأوروبية أكثر حرصًا في التعامل مع إيران وقد تبنت أغلبها سياسة التريث والانتظار”، علمًا أن بريطانيا لا زالت ملتزمة بمعالجة مخاوف البنوك، إلا أن خبراء ماليين سبق وأن حذروا أن خروج بريطانيا من الاتحاد لن يكون بثمن رخيص إذ توقعوا أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي وتمر البلاد بفترة ركود إلى أن تتضح شكل العلاقة مع أوروبا والعالم بعد المغادرة وهذا سيخفف من شهية البنوك الغربية للاستثمار في إيران، هذا فضلًا عن الاضطرابات التي حصلت في أوروبا بعد خروج بريطانيا والتي زادت من سياسة الحذر لدى البنوك الغربية الكبيرة وعدم دخولها في المخاطرة في استثمارات كبيرة خارج البلاد.
أما الخطر الآخر فهو قادم من دونالد ترامب مرشح الحزب الجمهوري الرسمي للانتخابات الأمريكية، إذ تعهد ترامب حال فوزه في الانتخابات المزمع عقدها أواخر العام الحالي، تمزيق الاتفاق النووي الإيراني الذي تم في عهد أوباما وهذا سيعمل على تعقيد مساعي طهران للوصول لاتفاق مع القوى الكبرى قد يعيدها إلى نقطة البداية.
لذا فإن البنوك الغربية تنظر إلى الانتخابات الرئاسية الأمريكية باعتبارها أحد عوامل المخاطر السياسية، ففي حال فوز ترامب فإن هذا قد يكون له أثر سلبي بارز على أنشطتها مع إيران.
ذكر مسؤول في بنك ألماني أنه لا يمكنهم المجازفة بالتورط في إيران ما دام ترامب مرشحًا للانتخابات الرئاسية الأمريكية.
الخزانة الأمريكية من جهتها تفيد أنها لن تقف في طريق أي نشاط مسموح به في إيران، ولكن معظم البنوك الكبيرة في الغرب تخشى مخالفة العقوبات الأمريكية على إيران بما في ذلك التعامل مع الحرس الثوري الإيراني الذي يملك مصالح واسعة في قطاع الأعمال من خلال شركات له تمثله على الواجهة.
وفي هذا الصدد فإن البنوك ترفض التعامل مع طهران من باب عدم وضوح الرابط بين الحرس الثوري والاستثمارات والأعمال المختلفة التي تعلن الحكومة الإيرانية عرضها للاستثمار الأجنبي.
هذه العراقيل استدعت من طهران أن تلتفت إلى حلول بديلة لتنشيط الاقتصاد، فقام مسؤولون من طهران بزيارة روسيا وعدد من الدول الإفريقية، وقام رئيس الصين بزيارة إيران لبحث سبل الفرص التجارية المتاحة، وحتى النجاح في إيجاد بدائل لمؤسسات مالية كبرى تستثمر في الأسواق الإيرانية، فإن هذا يقلل من فرص فوز روحاني في الانتخابات المقبلة ويقوي من شوكة المعارضة المتشددة المعادين أصلًا للغرب، وهذا قد يرسم ملامح علاقة جديدة بين إيران والدول الكبرى.