ترجمة وتحرير نون بوست
أدانت عدد من منظمات حقوق الإنسان الشركات الصينية العملاقة، متهمة إياها بإرسال الأسلحة للميليشيات الكونغولية وتمويلها، وتتخذ الشركات الصينية هذه الاستراتيجية، بهدف الحصول على الذهب بأسعار رخيصة من المناطق التي تشهد حروبًا.
ومن بين هذه الجماعات المسلحة، نذكر مجموعة “المواطنون الغاضبون” التي ظهرت في السنوات القليلة الماضية والتي سرعان ما تمكنت من إظهار نفوذها وقوتها من خلال السيطرة على مناجم الذهب في منطقة شابوندا، جنوب كيفو، واحدة من الأماكن المعزولة، العنيفة والغنية بالمعادن.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن المنطقة تظم حوالي 30 مجموعة من الميليشيات التي تسعى للسيطرة على مناجم الذهب في شرق الكونغو، والتي تغذيها في الغالب تمويلات الدول المجاورة أو الشركات الإلكترونية العملاقة التي تستغل تجارتها غير المشروعة، وعلى رأس قائمة هذه الشركات تأتي مجموعة “هوى كون للتعدين” التي تمول جماعة “المواطنون الغاضبون” بعشرات الآلاف من الدولارات شهريًا، على مدى العامين الماضيين، وفضلاً عن ذلك، قامت هذه الشركة بتسليح الجماعة ببنادق آلية.
وما تم ذكره سابقًا، هو جزء من التقرير الذي نشرته منظمة غلوبال ويتنس، التي تعقبت مسار الذهب من المناجم إلى الإمارات العربية، سويسرا أو الأسواق الرئيسية لشراء وبيع هذا المعدن الثمين.
هذه المنطقة، شابوندا، التي تزدهر فيها التجارة غير القانونية لهذا المعدن الثمين، هي منطقة معزولة، لا توجد فيها تغطية لا للراديو أو للهاتف، ولا تتواجد فيها طرقات، وتبعد عن العاصمة كينشاسا حوالي ثلاثة آلاف كيلومتر، ويعاني الأطفال فيها من سوء التغذية والمدنيون من وحشية الجماعات المسلحة.
كما يتنافس في هذه المنطقة الجشع والقسوة، فوفقًا لمصادر في منظمات إنسانية مختلفة في شابوندا، تزدهر كذلك في هذه المنطقة تجارة الأعضاء، خاصة للأطفال الذين يتم قتلهم باستمرار.
معرض الوحشية
ومن بين الجماعات المسلحة الأخرى التي تمولها الشركات العملاقة الصينية، نذكر ميليشيات “العقيد شيكا”، في منطقة واليكالي المجاورة، والتي ارتكبت فيها مجازر حقيقية ليس فقط ضد السكان المدنيين، بل أيضًا ضد القوات الدولية للأمم المتحدة في مناطق التعدين في شمال كيفو.
كما قامت هذه المجموعة بالاغتصاب الجماعي لـ 387 امرأةً وطفلاً خلال عام 2010، وخلال شهر سبتمبر/ أيلول من عام 2012، غزا رجال شيكا قرية بينغا، وارتكبوا مجازر في حق القادة المحليين، بقطع رؤوسهم ووضعها أمام المنازل لإجبار السكان على الرحيل.
ومن العناصر الخطيرة المتواجدة في المنطقة، يأتي “نتابو نتابيري شيكا”؛ وهو أحد أمراء الحرب و”رجل الأعمال” الذي يتعامل مع الشركات الصينية المشبوهة، وقد انتهى أمر هذا الرجل الخطير بالاستسلام للخوذات الزرقاء بهدف التمتع بالتسريح السلمي والثروة الكبيرة التي يجنيها مقابل إنتاج المعادن الذي يوفره للعديد من الشركات الدولية.
وتشغل الغالبية العظمى من المناجم التي يديرها المتمردون، القصر في ظروف مشابهة للعبودية مقابل دولار واحد في اليوم لكل حقيبة يتم جمعها، وما سبق ذكره هو مجرد مثال على ما يحدث في مئات المزارع الصغيرة المنتشرة في جميع أنحاء شرق البلاد الأغنى بالمعادن في العالم، ولكن أيضًا الأكثر فقرًا في مجال التنمية البشرية، فغالبية ثرواته تستفيد منها الدول المجاورة مثل رواندا وأوغندا عبر هذه التجارة المربحة، وذلك على مدى عقود من الزمن.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الميليشيات التي فقدت عددًا من أعضائها، أو أحد أفراد العائلة في المجازر، من أجل الفوز، مع هذا الاتجار غير المشروع، بنحو 100 مليون يورو سنويًا، ولكن، من جهة أخرى، فشلت هذه المليشيات في رفع الضرائب المتخلدة بذمة الدولة الكونغولية التي تقدر بقيمة 38 مليار دولار، وأغرقوها في الحرب الأكثر دموية منذ الحرب العالمية، والتي تقدر حصيلة الضحايا فيها بخمسة ملايين خلال أكثر من عقدين.
وبالإضافة إلى ذلك، ليس من الصعب شراء شذرات الذهب الجديدة أو التعامل مع المافيا في هذه المنطقة، ففي مطعم هادئ في فيرونغا، وخلال حوار أحد الصحفيين مع أحدهم، أظهر له بعضًا من هذه الشذرات وأكد له “أنه إلى جانب الشركات الإلكترونية العملاقة، نتعامل كذلك مع الشركات المصنعة لمستحضرات التجميل”.
ومن المليشيات الأخرى التي تنتفع من ثروات الذهب نذكر المجموعة المسلحة “القوات الديمقراطية المتحالفة”، التي تختلف في بعض النقاط مع باقي المليشيات، ومن بين نقاط الاختلاف، نذكر أن هذه المجموعة هي ذات مرجعية جهادية، وتعتنق الديانة المسيحية، وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذه المجموعة مسلحة بشكل جيد وتحافظ على علاقات مع المجموعة الإرهابية الصومالية “الشباب” أو النيجيرية “بوكو حرام”، ويتم تمويل هذه المجموعة من خلال تجارة الذهب في مدينة بني، وبيع عاج الفيلة بعد قتلها.
ومن بين الجرائم التي ارتكبتها القوات الديمقراطية المتحالفة، نذكر أنه في الأشهر القليلة الماضية، قامت الجماعة المسلحة بقتل أكثر من 550 مدنيًا، بينهم العديد من الأطفال.
ووفقًا لبعض الناجين من هذه المجازر، تلقت الميليشيا قيمة 250 دولارًا مقابل الفرد الواحد، وللأسف، لا تزال هذه المناطق خارج نطاق السيطرة، وغالبًا ما تبقى هذه الجرائم دون عقاب.
المصدر: صحيفة ألموندو الإسبانية