في ظل تعتيمٍ إعلامي على ما يحدث في شمال سيناء بشكل عام، خرج تنظيم ولاية سيناء، بإصدار جديد زادت مدته على 35دقيقة، وقبل الخوض في تفاصيل الإصدار، والبحث خلف ما وثقه، فإنه تجدر الإشارة إلى أن هذا الإصدار لم تسبقه عملية كُبرى، كما كان التنظيم يفعل في السابق، حيث تكون الإصدارات مرآةً للعمليات على أرض الواقع.
المرتدون والمنافقون
أظهرت اللقطات الأولى في الإصدار، صورةً للرئيس السابق، محمد مرسي وصفته بواحدٍ من أذناب الكُفر الذين قسّموا البلاد والعباد، أتى ذلك تزامنًا مع عرض صور لعبدالفتاح السيسي وعدد من الحكام العرب، ثم أتت بعد ذلك صور لعدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، على رأسهم المرشد العام للجماعة والقيادي محمد البلتاجي، بوصفهم بالمنافقين، بسبب موقفهم “السلمي” من النظام المصري الحالي، كذلك ضمت هذه اللقطة صورةً لرئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور يوسف القرضاوي.
وهنا، يعتبر هذا الإعلان خطوةً جديدة في تعامل الولاية مع جماعة الاخوان، حيث كانت تكتفي الإصدارات السابقة، بإلقاء اللوم على الجماعة، وعلى منهجها الذي كبّدها المئات من الشهداء، والآلاف من المعتقلين.
كذلك فإن التنظيم في واحدٍ من أقوى إصداراته – منذ بيعته للدولة الإسلامية- وهو صولة الأنصار (2) كان يدعو شباب الإخوان إلى الانضمام إلى الولاية، وذلك للزود عن المعتقلين في سجون السيسي.
وتأكد التغيير في الموقف، هذا الإصدار، بالتأكيد على أن استمرار الحرب بين الدولة المصرية والولاية، يمايز بين “الحق والباطل”، وأن الساعين إلى الحق قد عرفوا طريقهم بالانضمام إلى صفوف الولاية.
يشار إلى أن تنظيم ولاية سيناء، قبل يومين فقط من حلول الذكرى السابقة لثورة الخامس والعشرين من يناير، قد دعى جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها، إلى التخلي عن السلمية، وأن “السلمية المزعومة لم تقتل إلا أهلها”.
وقال “أبو أسامة المصري” أحد أهم قادة التنظيم، والذي ظهر في الإصدار الذي حمل اسم “رسائل من أرض سيناء”، “ها هم الإخوان مرة أخرى في السجون، فأين هو فهم الواقع؟ أين هي الاستفادة من التجارب؟”، وتابع أبو أسامة حديثه للجماعة، “ندعوكم لتكفروا بالطاغوت باللسان والقلب واليد، وتنقذوا أنفسكم وتعيدوا لها كرامتها التي سُلبت، كما ندعوكم للقصاص لأبنائكم واسترداد أموالكم، وندعوكم لرفع السلاح في وجه الطاغوت والرد عن أعارضكم”.
المهاجرين
يصطلح المقاتلون ذوي الخلفيات الإسلامية، على المقاتل القادم من خارج البلاد بمصطلح “المهاجر”، ويأتي في هذا الإصدار إعلان ولاية سيناء للمرة الأولى، انضمام “مهاجرين” لها من خارج البلاد، مع أنه منذ عام 2011 وهناك مهاجرين انضموا الي التنظيم وقتما كان يحمل اسم “أنصار بيت المقدس” كما أن الإعلان بهذه الصورة عن وجود مهاجرين يُعد ضربةً أمنية لأجهزة الدولة، حيث أن الحصار المفروض على محافظة شمال سيناء بشكل عام، يعتبر كافيًا لخنق التنظيم، والحد من تحركاته.
وفي فبراير الماضي، زعمت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” الإسرائيلية، إن عددًا محدودًا من شباب قطاع غزة يتسللون من خلال الأنفاق الحدودية التي تربط بين القطاع وسيناء، من أجل الانضمام لصفوف ولاية سيناء وذلك بحسب مصادر داخل القطاع.
موقع المصدر، الناطق بالعربية والذي يبث من داخل الكيان الصهيوني، نقل عن مصادر في التاسع من مايو الماضي، أن 12 جهاديًا، منذ السادس من أبريل الماضي وحتى الثاني من مايو الماضي، غادروا قطاع غزة عبر الأنفاق الحدودية للقتال مع ولاية سيناء.
في نفس الشهر، نقل الموقع الصهيوني عن مصادر حمساوية، قولها، إن أبو مالك أبو شاويش -قائد ميداني بارز وأحد مؤسسي وحدة النخبة وقاد عمليات هامة خلال حرب غزة الأخيرة في مدينة رفح-، ويرافقه زوجته وأطفاله وصل إلى سيناء وكان يرافقه قائد سرية تتبع كتائب القسام في رفح مع عائلته.
لقطة الإصدار
يعتبر الإصدار في مجمله غير مثير مقارنةً بما أصدره التنظيم، من إصدارات هزّت الأوساط المصرية، كصولة الأنصار بجزئيه، على سبيل المثال، حيث شمل الإصدار على مشاهد كثيرة لعمليات قنص الجنود واستهداف آليات عسكرية وقوات مترجّلة، والمتابع لما يحدث في سيناء، يدرك أن هذه العمليات تحدث بشكل شبه يومي، حيث تشهد مدن الشيخ زويد ورفح وكمائنهم، عمليات كر وفر وهجوم وصد هجوم بين التنظيم والقوات الحكومية، بشكل متكرر.
الخارج عن المألوف كان لقطتين، الأولى هي استيلاء عناصر التنظيم على دبابة يمتلكها الجيش المصري، وتسييرها إلى مكان غير معلوم وعدم اعطابها كما كان يحدث في السابق، من الإستيلاء على المعدات ثم اعطابها، لتنضم هذه الدبابة إلى مدرعتين ظهر أن مقاتلي التنظيم حصلا عليهما في إصدار صولة الأنصار (2) في مايو عام 2015.
اللقطة الثانية، كانت في استهداف سيارة مدير أمن شمال سيناء، والذي وثق الإصدار استهدافها بعبوة ناسفة. وبعد البحث تبين أن هذه العملية وقعت في السادس من أبريل الماضي، حيث انفجرت عبوة ناسفة على الطريق الدولي العريش – القنطرة، بالقرب من منطقة الكيلو 17، غرب العريش أصيب على إثرها، اللواء ياسر حافظ مساعد مدير أمن شمال سيناء وقائد قوات الأمن بشمال سيناء.
هذه العملية، رغم الفشل في تحقيق الهدف منها، تعكس اختراقًا أمنيًا لجهاز الأمن في المحافظة، حيث أن المنطقة التي لا تهدأ ساعة واحدة من نهار أو ليل كيف وصل عناصر التنظيم إلى موعد مرور سيارة مدير الأمن؟.
الحديد والعبيد
وما يمكن اعتباره رسالةً من التنظيم إلى مجندي الجيش المصري، قال المتحدث في الإصدار، إن الخسائر في المعدات والآليات التي تكبدها الجيش على مدار حملاته الأخيرة، دفعته إلى اتباع ما يمكن وصفه بـ “القوات المترجلة” في تحركاته وتأمين طرقه، واصفًا ما حدث من تغيير الاستراتيجية بـ “فداء الحديد بالعبيد”، ووثق الإصدار، ترجل عدد من المجندين ومن خلفهم آليات عسكرية، ودعاهم إلى ما يمكن وصفه بعصيان الأوامر.
ومن اللقطات الهامة التي ظهرت في الإصدار، هو استهداف مجموعة من الجنود داخل كمين، بعبوة ناسفة زرعت في الأرض.
المشهد الأخير
توضح الدقائق الأخيرة في الإصدار، مقتل عنصرين من الشرطة المصرية (ضابط ومجند) على أيدي مقاتلي التنظيم، وقيل أنه تم أسرهم خلال الهجوم على حاجز الصفا الواقع جنوبي مدينة العريش.
هذه العملية، والتي وقعت في مارس الماضي، وتم توثيقها في إصدار سابق مطلع ابريل الماضي، حمل اسم “ إعداد الأباة لدحر الطغاة”، ووفقًا للإصدار السابق، فإن العملية تمت بتسعة انغامسيين، وأدت إلى مقتل ثمانية عشر عسكريًا، من بينهم ثلاثة ضباط، وفرار اثنين من الجنود، فيما اغتنم عناصر التنظيم العتاد بالكامل.
إلا أن التنظيم لم يُعلن حينها عن أسره للضابط والجندي، ويرجح أن هناك عملية تفاوض قد تمت بين التنظيم والسلطات المصرية إلا أن فشلها كان ثمنه، هو حياة الضابط والمجند.