فجّر وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي “قنبلةً سياسية” داخل قبة البرلمان في جلسة استجوابه، أول أمس، حول شبهات فساد في وزارته، وذلك باتهامه لرئيس البرلمان سليم الجبوري وأفراد في مكتبه بالإضافة إلى نواب آخرين ضمن كتلة الجبوري، بالفساد.
العبيدي دخل البرلمان مرتدياً بزّته العسكرية ومعه عدد كبير من الضباط على مستوى عالٍ في وزارته، وظهر بمظهر القوي، وما أن بدأت جلسة الإستجواب حتى بدأ يفجّر قنابله، فاتهم رئيس البرلمان ونائبين في كتلته “اتحاد القوى” بابتزازه لتمرير عقود تسليح مشبوهة وغير قانونية ، وتحدّث بلغةٍ حادة وقوية وصلت في أحيان كثيرة إلى شتمهم.
ما ذكره الوزير فاجأ الجميع بلا شك لا بل صدمهم، ولاقى تفاعلاً كبيراً من الشارع العراقي، ليس لأنه تحدّث عن فساد وابتزاز، فالكل يعلم أن ما ذكره العبيدي شيء لا يذكر أمام أهوال الفساد التي تنخر مؤسسات الدولة العراقية، لكن لأنه ولأول مرة يخرج شخص يدير وزارة مهمة ويكشف هذه الملفات ويتحدّث بكل هذه الجرأة التي لم يسبق لأحدٍ بمثل مركزه من قبل أن تحدّث كما تحدّث هو، ثم خرج منتصراً “إعلامياً” على المجلس التشريعي بأكمله، كصقرٍ نزل إلى الأرض واصطاد فريسته ثم حلّق.
هذا الإنتصار “الإعلامي والشعبي” لا يمنع أن يكون الوزير قد وقع في “إشكالية قانونية”، زيادةً على ما طرحه البعض من أنه تعامل بـ”انتقائية”، فاتهاماته كانت عبارة عن: (قالوا لي نريد العقد الفلاني، طلبوا مني العقد الفلاني)، لكنه لم يكشف شيئاً مكتوبا، بالإضافة إلى أن العقود التي تحدّث عنها لم تبرم مع الأسماء التي ذكرها، وإنما أُبرمت مع آخرين لم يكشف عن أسمائهم !
الأمر الآخر؛ هو أن النائب في البرلمان فائق الشيخ علي، تحدّث أمس عن صفقات مشبوهة في وزارة الدفاع ربح من خلالها سياسيون المليارات، وأكد الشيخ أن الجميع “لم يذكروا اسماً منهم” بما فيهم الوزير، كما ذكر النائب عبد الرحمن اللويزي أن وزير الدفاع أخبره بأنه “يملك ملف لكل نائب في البرلمان”، إذاً لماذا لم يذكر الوزير سوى نواب الكتلة الأضعف؟
نستشفّ من هذا، أن وزير الدفاع كان صقراً أمام نواب كتلة “اتحاد القوى” الضعيفة والمشتتة، و “حمامة” أمام نواب الكتل القوية والمؤثرة، ورغم ذلك، الوزير ربح “شعبياً و إعلامياً”، لكن على المستوى القانوني – وهو الأهم- لم تُحسَم القضية بعد، فمازال كلامه يمثّل اتهاماً والمتهم بريء حتى تثبت إدانته.
ختاماً: مصير خالد العبيدي كوزير للدفاع سيحدده البرلمان – الذي زاد فيه أعداؤه- حصراً، لكن في الشارع العراقي ارتفعت شعبيته بشكل كبير جدا، السؤال المطروح: ماذا لو خسر الوزير جولته قضائياً؛ هل سيجرؤ النواب على رفع أيديهم ضده، أم أنهم سيترددون خوفا من غضب الشارع ؟