ترجمة وتحرير نون بوست
بعد محاولة الانقلاب في تركيا في 15 يوليو/تموز، احتلت حركة غولن مكانة مهمة في جدول الأعمال العالمي، مع العلم أن هذه الحركة نشطة في تركيا منذ 40 عاما وتعمل في 130 دولة، وتوظف مئات الآلاف من الأشخاص في مجالات التعليم والصحة والتجارة وتتجاوز عائداتها السنوية 50 مليار دولار.
وتصر معظم وسائل الإعلام الدولية على تصوير شبكة غولن كمنظمة مجتمع مدني إسلامية تدافع عن الإسلام المعتدل وتدعو إلى القيم الديمقراطية، وإلى أنها منفتحة على الحوار مع التيارات الأخرى، على الرغم من أن نحو 250 من أفراد الأمن والمدنيين قتلوا للدفاع عن الديمقراطية في 15 يوليو/تموز.
ويمكن القول أن الاستياء من الرئيس رجب طيب أردوغان في الخارج كان له دور في القراءة الخاطئة المستمرة للتطورات. كما أن الغضب والقلق من مأسسة النزاعات الاستبدادية لأردوغان في تركيا بعد 15 يولي/تموز، أثر على نظرة وسائل الإعلام الغربية لحركة غولن.
ولكن في أعقاب عمليات الفساد في ديسمبر 2013، بدأ الشعب التركي يميل إلى النظر إلى حركة غولن على أنها “دولة موازية” قريبة من الإرهاب، ليصبح السؤال الجوهري الآن؛ هل الغولينيون وراء محاولة انقلاب 15 يوليو/تموز؟
لكن كيف أمكن تضليل الرأي العام الدولي بهذه الدرجة؟
قبل كل شيء، نحن نميل إلى رؤية الهيكل الغوليني في النموذج الحديث كتنظيم هرمي، يتميز بانضباط أتباعه الذين يكرسون أنفسهم لزعيمهم الكاريزماتي. وهنا يكمن الخطء عند تحليل الهيكل الغوليني.
تحدث كهرمان سكول من جامعة اسطنبول شهير، إلى موقع ‘المونيتور’، قائلا أن ” الشبكة الغولينية تعتمد على علاقات أكثر تعقيدا”، وأضاف “خلافا للتصريحات الإعلامية المستمرة، لا أعتقد أن نموذج الشبكة الغولينية يشبه النموذج الهرمي الكلاسيكي للإرهابيين، فحركة غولن تمتلك، شبكات علنية شفافة للتجارة والتمويل والتعليم والإعلام والصحة ووسائل إعلام اجتماعية، بالإضافة إلى شبكات عسكرية سرية وبيروقراطية استخبارية”.
ومع ذلك، يركز الرأي العام العالمي، حتى الآن، على الشبكات الغولينية العلنية فقط، رغم أن شهادات الجنود المعتقلين بعد الانقلاب توضح اختلافات هائلة بين الشبكات العلنية والسرية لحركة غولن.
وعلاوة على ذلك، تُصور الروايات الرسمية التي تستخدمها الشبكات العلنية، فتح الله غولن كـ “قائد رأي” ينشر خدمته في جميع أنحاء العالم، لخدمة السلام العالمي من خلال ممارسة الأعمال التجارية في كل مكان، للتغلب على الأفكار المسبقة بين الأديان والثقافة، إلى جانب ضمان الحوار بين الأديان. ولكن ما نسمعه من شهادات ضباط الجيش المؤيدين لمنظمة فتح الله غولن الإرهابي (FETO)، تظهر أن الخطاب المستخدم من الشبكات السرية مختلف تماما.
وقد أشار رئيس الأركان العامة خلوصي عكار، الذي اختطف من قبل أقرب المقربين له في ليلة الانقلاب، إلى أن هاكان أفريم، اللواء في سلاح الجو، اقترب منه وقال له: “يمكننا أن نرتب لك مقابلة مع قائد الرأي فتح الله غولن، إذا أردت”.
الجنود في الشبكات السرية ملزمون بتنفيذ الأوامر التي تصل إليهم من “الإخوة الكبار” المدنيين، على الرغم من أنه لا أحد من الغولينين الذين يرتدون الزي العسكري يعرف أي ضابط آخر من نفس الانتماء العسكري.
كما تتكفل الجماعة التي تشكل جوهر الشبكة السرية بنشر التعليمات التي لا تناقش إلى مستويات أدنى؛ تعني هذه الطاعة العمياء أيضا أن العديد من ضباط القوات التركية المسلحة المتحصلين على شهادات الماجستير والدكتوراه كانوا يمررون ما تلقوه إلى “الأخوة الكبار” الذين لا يعرفونهم أصلا.
وقد كشفت التحقيقات أن “الأخوة الكبار” للشبكات السرية والأئمة على الميدان أثبتوا مهارتهم، فاستعملوا وسائل التواصل الاجتماعية للتواصل فيما بينهم، وكانت وسائل الاتصال المفضلة لديهم تطبيق الرسائل ‘كوفير مي’، الذي يمحو الرسائل بعد قراءتها، وكذلك تطبيق ‘واتس أب’.
لكن لماذا لم تنجح هذه الشبكة السرية في 15 يونيو/تموز؟
كانت السرية المطلقة السبب الأساسي لفشلهم، حيث فشلت محاولة الانقلاب التي تتطلب إجراءات منسقة وإيديولوجية مشتركة ومركز عمليات مشترك وزعيما، بسبب إدمانهم على السرية المطلقة.
والآن يمكن طرح بعض الأسئلة الهامة:
– هل جميع ضباط القوات المسلحة التركية الذين اعتقلوا أو تم تسريحهم، ينتمون إلى خلية سرية؟ هل أثرت هذه الشبكة أيضا في الضباط الذين كانت لديهم دوافع أخرى، مثل معارضة الحكومة أو الذين لديهم مصالح ذاتية مثل التقدم الوظيفي؟
– هل تتمكن عمليات التطهير الجماعي للقضاء والجيش والشرطة وأجهزة المخابرات من ضمان القضاء التام على خلايا التنظيم الإرهابي السري؟
– كيف ستتغير شبكات منظمة غولن الارهابية في تركيا والعالم بعد 15 يوليو؟ هل ستصبح أكثر سرية، أم أكثر شفافية؟
– هل تملك منظمة غولن الإرهابية خلايا نائمة قادرة على التسلل إلى الجهات الرسمية الهامة في الولايات المتحدة وبلدان أخرى؟
المصدر: المونيتور