اكتست حلب باللون الأحمر منذ فترة ليست بعيدة بسبب الحملة الهمجية على المدينة وريفها والتي أوقعت مئات المدنيين بمساعي الطيران الروسي وهجوم بري من قبل الميليشيات الإيرانية وحزب الله والنظام، وقد استطاع النظام إطباق الحصارعلى المدينة بعد قطع طريق الكاستيلو شمالي المدينة وإحكام حصار قوات النظام للأحياء الشرقية. وحلب في يد النظام وفي هذا الوقت بالذات تعني الكثير ليس للمدينة فحسب بل للثورة كلها ولمصير النظام السوري في مفاوضات جنيف التي ستحدد موعدها قريبًا؛ تعني فرض رؤية النظام السياسية على المعارضة وإضعاف موقفها أمام المجتمع الدولي لترضى بالحل الذي يصفها لها النظام وحلفاءه روسيا وإيران.
لكن حلب أبت ذلك…أبت إلا أن تقلب السحر على الساحر…وتعيد خلط الأوراق من جديد، فلا اللون الأحمر ولا الحصار يليقان بحلب، المدينة الاقتصادية الشامخة، ثقل سوريا وعزها قبل الثورة.
حلب المحاصرة من قبل قوات النظام تنتظر وصول أكبر مشاركة من الفصائل المقاتلة السورية منذ اندلاع الثورة لفكل الحصار عنها. وهذه المشاركة كما يؤكد أحمد كامل الكاتب والصحفي لنون بوست، أن المشاركين في الهجوم متنوعين لأقصى درجة؛ من الجيش الحر ومن جيش الفتح وجبهة فتح الشام (النصرة سابقًا) والفصائل المشاركة في الإئتلاف والمشاركة في المفاوضات، لذا فإن احتمالات فشل الهجوم لتحرير حلب ضئيلة جدًا، فهذه المرة الأولى على الإطلاق تحصل في الزمان والمكان وعلى مستوى سوريا كلها تشارك كل الفصائل بهذا التنظيم والزخم ويتوفر لها خطوط إمداد كبيرة من إدلب، فخطوط الإمداد الجنوبية والمطلة على تركيا تعتبر أكبر منطقة محررة في سوريا.
احتمالات فشل الهجوم لتحرير حلب ضئيلة جدًا، فهذه المرة الأولى على الإطلاق تحصل في الزمان والمكان وعلى مستوى سوريا كلها تشارك كل الفصائل بهذا التنظيم والزخم
لتكون معركة حلب أو كما أطلق عليها ملحمة حلب الكبرى هي المعركة “المصيرية” و”المحورية” بالنسبة للنظام السوري معركة بقاء أو سقوط، ولتتحول معركة حصار حلب بالنسبة له من معركة فرض حل إلى معركة مصير… من معركة كان سيكون فيها المحاصر إلى معركة أصبح محاصَر، وسرعان ما أصبح حلفاؤه يسعون وراء المعارضة لطرح بدائل ومقترحات في خطوة لإيقاف الهجوم باتجاه حلب والقبول ببقاء الأسد مع ثلاثة نواب له. إلا أن الإنتصارات على الأرض وحدها هي التي ستفرض الحل على طاولة المفاوضات في النهاية.
فالشهر الجاري سيشهد تحديد الجولة الثالثة من مؤتمر جنيف 3 والطرف الذي يكسب على الأرض هو الذي سيفرض حلوله في المؤتمر وقد كان نظام الأسد شبه مستبعد حتى تحقق له حصار حلب، لذا تبدو حلب اليوم في قلب العاصفة التي ستحدد مصير المفاوضات في جنيف وقد تحدد مصير بشار الأسد، لذا فإن المعارضة وضعت كل ثقلها في هذه المعركة لتترجم الانتصارات العسكرية إلى انتصارات سياسية.
وذكر أسعد الزعبي قبل يومين عن مقترحات قدمها لهم المبعوث الأممي دي مستورا تقضي بتخفيض صلاحيات الأسد وتعيين ثلاثة نواب له يتولون الأجهزة الأمنية والمالية والعسكرية وقد رفضت المعارضة هذه المقترحات واعتبرتها مقترحات إيرانية أو روسية.
ثلاثة مراحل لتحرير حلب
على مدى ثلاثة مراحل من معركة حلب تمتد على مسافة 20 كيلو متر استطاعت الفصائل خلالها من السيطرة على مدرسة الحكمة من خلال هجوم مفخختين والسيطرة على عدة تلال وقرى ومن ثم تحرير مشروع 1070 شقة في منطقة الحمدانية في المرحلة الثانية من العملية، وبعدها بدأت المرحلة الثالثة بالسيطرة على كامل قرية الحويز ليصبح الثوار على مسافة قريبة من بلدة الوضيحي الاستراتيجية. وباتت مدرسة المدفعية أكبر معقل للنظام جنوب غربي حلب محاصرة من ثلاثة جهات وبدأت قوات المعارضة دكها بالصواريخ والقذائف المدفعية منذ مساء الثلاثاء الماضي، وبحسب كامل فإن ما تبقى للمعارضة لفك الحصار واحد كيلو متر تقريبًا. علمًا أن قوات النظام تتمترس في حصون عسكرية في ريف حلب الجنوبي هي كلية المدفعية والأكاديمية العسكرية والمدرسة الفنية الجوية ولم تستطع قوات المعارضة حتى الآن اقتحام تلك الحصون والسيطرة عليها.
عند هذه المرحلة استعاد النظام التوازن نسبيًا لتبدأ معارك الكر والفر بين قوات النظام وقوات المعارضة. حيث أحبط جيش الفتح هجمات لقوات النظام على مشروع 1070 الواقع في حي الحمدانية كما حاولت أيضًا قوات النظام السيطرة على قرية الحويز وتلالها واستطاع السيطرة على نقطتين في محيط القرية.
وحول عدد النقاط التي استطاع مقاتلي المعارضة حتى الآن تحريرها فقد بلغت بحسب ما يؤكده أحمد كامل لنون بوست 17 نقطة استطاع النظام السوري استعادة نقطة هامشية فقط، علمًا أن ما يجري الآن في المعركة بالنسبة للمعارضة هو عملية تثبيت للمواقع والنقاط التي تم تحريرها.
بلغت عدد النقاط التي استطاع مقاتلي المعارضة حتى الآن تحريرها 17 نقطة استطاع النظام السوري استعادة نقطة واحدة فقط حتى الآن.
كما بدأ الطيران الروسي والسوري منذ صباح اليوم 4 آب/أغسطس سلسلة غارات كثيفة علىمحور مخيم حندرات ومنطقة الجندول شمال حلب في محاولة للتهميد لقوات النظام للتقدم هناك. وبلغ عدد القتلى أمس الأربعاء جراء الغارات على مدينة حلب وريفها 41، حيث أكد ناشطون أن أكثر من 150 غارة جوية استهدفت أمس مناطق سيطرة المعارضة داخل حلب الشرقية وكذلك جنوب وغرب وشمال المدينة.