في روايته “كرسي الرئاسة” كشف الكاتب المكسيكي كارلوس فوينتس، عن المزاج السياسي للساسة المتنافسين على كراسي الحكم حول العالم، وقدم في فصل خاص كيف يمكن للمرأة أن تقود دفة الحكم في دولة ما حول العالم، دون السقوط في هاوية وقذارة المطبخ السياسي حولها، مؤكدا أن السيدات القويات فقط هن القادرات على تجاوز صعاب السياسة ومحاذيرها وعليهن أن يكن “نساء من حديد”.
من هنا يتناول “نون بوست” سيرة سيدات حكمن العالم، وحاربن خلال ذلك الكثير من الأمواج العاتية داخليا بالتصدي أو الوقوع ضحية الانقلابات ، وخارجيا بالموائمة والمداهنة لمعترك التحالفات الدولية، ونبدأ من النهاية حيث تتوقع دوائر سياسية عالمية نجاح مرشحة الديمقراطيين بأمريكا هيلاري كلينتون في تجاوز منافسها الجمهوري “ترامب” في انتخابات الرئاسة الأمريكية نهاية العام الحالي، لتكون بذلك أول امرأة فى تاريخ أمريكا تتولى رئاسة الدولة.
كلينتون البراجماتية
معروف عن كلينتون إنجازاتها العديدة فى مختلف المجالات، ودورها البارز فى الدفاع عن النساء والأطفال، والمساومة فى أجور العاملين، ونجاحها في جمع مليارات الدولارات بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر؛ لإعادة تطوير وبناء مركز التجارة العالمى الذى انهار إثر الهجمات، والآن دعمها لقضايا الأقليات واللاجئين والمهمشين بالداخل الأمريكي، ومعروف عنها أيضا البراجماتية ومهاراتها في الصمود، ولا سيما بعد الكوارث في العراق وليبيا، وفضائح وايت ووتر، ومونيكا لوينسكي، ومكتب سفريات البيت الأبيض، وقضية بنغازي، وبذلك يتوقع لها الكثير من المحللين أن تصبح حذرة في سياستها في حال الوصول للبيت الأبيض من ورطة أجنبية جديدة إذا ما أصبحت رئيسة للبلاد، وفحوى خطابها الأخير مقارنة بخطاب ترامب أن أمريكا تواجه الآن قرارًا مصيريًا حول هويتها الأساسية.
سيرليف والحرب الأهلية
سيرة كلينتون الذاتية تشبه إلى حد كبير، إلين جونسون سيرليف، رئيسة ليبيريا منذ العام 2006 وهي المرأة الأولى التي تحكم دولة إفريقية، ولقّبت بالمرأة الحديدية، وفازت بجائزة نوبل للسلام في العام 2011.
فقبل 10 سنوات، أصبحت إلين جونسون سيرليف، أول امرأة تتولى منصب رئيس جمهورية لدولة أفريقية، عندما فازت بانتخابات الرئاسة لليبيريا، في إطار عملية ديمقراطية، وضعت بها حدا للنزاع المسلح في بلادها، إلين من مواليد 29 أكتوبر عام 1938، في مونروفيا، عاصمة ليبيريا، واشتهرت بانتقاداتها لحكومة ويليام تولبرت، عند عودتها إلى ليبيريا بعد حصولها على الماجستير في الإدارة العامة من جامعة هارفارد عام 1971، وشاركت في السباق الانتخابي كمرشحة لمنصب نائبة الرئيس، لكن الديكتاتور صامويل دوي، أمر بوضعها تحت الإقامة الجبرية، ليتم الإفراج عنها بعد فترة بطلب من المجتمع الدولي، وتم ترشيحها للرئاسة في انتخابات عام 1997 وحصلت على المركز الثاني مع فارق بسيط، وبعد الانقلاب على حكم دوي الذي قاده تشارلز تايلور كانت سيرليف في البداية من مؤيدي تايلور، إلا أنها انتقلت بعد قليل إلى معسكر المعارضة، حتى ترشحها عام 2005 لانتخابات الرئاسة، وصنفتها مجلة “فوربس” ضمن أكثر 100 شخصية نسائية تأثيرا على مستوى العالم، حيث رسمت المرحلة الأبرز في تاريخ بلادها بفوزها في انتخابات 2005 التي أنهت حربا أهلية استمرت لـ14 عاما، ونجحت في تشكيل حكومة شاملة تداوي جراح الحرب، وتلقت إشادة دولية واسعة لعملها من أجل إعادة إعمار ليبيريا، وفازت في العام 2011 بجائزة نوبل للسلام.
تيريزا ماي تاتشر الجديدة
إذا كانت كلينتون على مقربة من البيت الأبيض كرئيسة لأقوى دولة بالعالم، فإن سلفتها تيريزا ماي، وزيرة الداخلية البريطانية السابقة، تسلمت رئاسة الحكومة في المملكة المتحدة في 13 يوليو الماضي، عقب استفتاء البريطانيين على الخروج من الاتحاد الأوروبي، واستقالة ديفيد كاميرون، لكن قبل الحديث عن ماي، لابد من تناول سيرة حياة الملهمة الأم في بريطانيا مارجريت تلتشر.
كانت تاتشر أول امرأة تتولى رئاسة الحكومة في تاريخ بريطانيا العريقة، وهي أكثر الشخصيات شعبية بين رؤساء الحكومة البريطانيين حسب استطلاعات رأي متعددة، وهي أيضاً أول رئيسة للوزراء يتم انتخابها ثلاث مرات متتالية، وكان فوزها في كل مرة ساحقاً، وهي أيضا صاحبة أطول مدة على كرسي الحكم، إذ استمرت أحد عشر عاماً متصلة قبل استقالتها طواعية، ولذلك أطلق على حقبة الثمانينات عقد “التاتشرية” نسبة إليها.
ابنة البقال
تعد تاتشر صاحبة الكثير من الألقاب التي أطلقت عليها طوال مسيرتها السياسية الحافلة، وأول تلك الألقاب كان لقب “ابنة البقال” الذي أطلقته عليها الصحافة البريطانية، ولدت سنة 1925، واسمها بالكامل مارغريت هيلاروبرتس، وهي الابنة الثانية لوالدها صاحب دكان البقالة أسفل بيت العائلة الذي قضت فيه تاتشر ثمانية عشر عاماً.
المسار السياسي الأسطوري لتاتشر بدأ بمحاولتين فاشلتين، ثم بعدهما نجحت في الانتخابات البرلمانية، لتصبح عضواً في مجلس العموم البريطاني، وهناك أخذت مواهبها السياسية تتفتح، فجلسات مجلس العموم أصبحت مجالا لتظهر فيها براعتها الخطابية وأسلوبها المؤثر، وصوتها الرزين وشخصيتها الآسرة، كل هذه المواهب جعلتها عضوة متميزة في مجلس العموم البريطاني “البرلمان”، وواحدة من الأعضاء البارزين في حزب المحافظين ليتم تعيينها متحدثة باسم الحزب.
أما أول منصب هام تولته تاتشر فكان المنصب الذي أسنده إليها ماكميلان رئيس الوزراء البريطاني في وزارة التأمين الاجتماعي، وقد برزت مواهبها بشكل واضح عندما ألقت أول خطاب بخصوص العمل في الوزارة، حيث تميز بالدقة والحيوية واتساع الرؤية.
وفي حكومة “إدوارد هيث”، تولت منصب وزيرة التعليم، وتركت بصمات هامة على السياسة التعليمية البريطانية، حيث اهتمت بالتربية وبالمراحل الأولى من التعليم، كما عملت على زيادة أعداد المعلمين المؤهلين، وإعادة تدريبهم وتكوينهم.
وكانت خسارة “إدوارد هيث” للانتخابات ثلاث مرات من أربعة خاضها حزب المحافظين تحت قيادته، هي التي دفعت تاتشر لأن ترشح نفسها ضده في انتخابات زعامة الحزب، وقد حققت انتصاراً ساحقاً وتأهلت لخوض المعركة الانتخابية في 1979، حيث حققت انتصاراً تاريخياً، وأصبحت أول رئيسة للوزراء في تاريخ بريطانيا.
حينما تم انتخابها، كانت مؤشرات الاقتصاد البريطاني سيئة للغاية، فمعدلات النمو كانت منخفضة، والتضخم في ازدياد وأعداد العاطلين في ارتفاع، وهي الحالة نفسها التي تعيشها بريطانيا الآن، فبدأت تاتشر مراحل الإصلاح الطويل الذي أتى بثماره بعد أعوام لتصبح بريطانيا في طليعة الدول الصناعية الكبرى، وليرتفع معدل الدخل بها إلى حد كبير، بعد انخفاض معدلات التضخم والبطالة.
تميزت مارغريت تاتشر بالعناد والصلابة والتمسك برأيها حتى النهاية، مما أدى إلى استقالة عدد كبير من وزرائها ومعاونيها، وكان من الطبيعي أن ينقلب عليها حزبها متهماً إياها بالديكتاتورية والتصلب؛ خوفاً من حدوث انقسامات خطيرة تهدد كيان الحزب فآثرت تاتشر الانسحاب.
ماي ومآسي الخروج من الاتحاد
وتعد ماي ثاني امرأة تتولى رئاسة الحكومة في تاريخ بريطانيا، بعد تاتشر، وظهرت مقارنات عديدة تشبه بينهما، وهي واحدة من أكثر الوزراء البريطانيين الذين تولوا لوقت طويل المسؤولية في منصب وزراة الداخلية في تاريخ بريطانيا، وسطع نجمها في السياسة البريطانية لأول مرة عام 2013 ، حينما نجحت فيما فشل فيه كثير من الوزراء قبلها، في قضية ترحيل الجهادي الإسلامي ابو قتادة الفلسطيني، وإبعاده إلى الأردن، وتعهدت بالعمل على توحيد دعاة البقاء في الاتحاد الأوروبي، ودعاة الخروج داخل حزب المحافظين، ودعمت سياسة تحديث حزب المحافظين، وينظر إليها على أنها شخصية قوية في السياسة البريطانية ومن بين أبرز السياسيين.
دشنت تيريزا ماي المسؤولية السياسية داخل حزب المحافظين عام 1986 بانتخابها مستشارة محلية، ثم بانتخابها نائبة عام 1997 بمنطقة ميدنهيد ، وكان مسارها السياسي “عاديا” بحيث لم تكد تعرف على الساحة الإعلامية، إلا بعد أن عينت وزيرة للداخلية، عندما فاز المحافظون بانتخابات 2010، وبقيت في هذه المهمة الصعبة لمدة ست سنوات كاملة، وهي أطول مدة خدمة في هذا المنصب منذ 1892.
ورغم أنها كانت من الداعين للبقاء بالحضن الأوروبي، وخاضت حملة للبقاء داخل الاتحاد الأوروبي، فإن ماي تعهدت بتفعيل الخروج من الاتحاد واستبعدت تنظيم استفتاء ثان حول الموضوع، ورفضت أي محاولة للانضمام مرة أخرى.
إرنا الحديدية
على مسافة ليست بعيدة تأتي قصة حياة “إرنا سولبرغ” التي انتخبت رئيسة لوزراء النرويج في عام 2013، وتزعمت حزب المحافظين منذ عام 2004، وهي المرأة الثانية التي تتولى منصب رئيسة الوزراء في النرويج، ورغم معاناتها من اضطراب عسر القراءة منذ السادسة عشر من عمرها، شقت طريقها في الجامعة وكانت تشارك في النقاشات العامة، وانتخبت رئيسة لاتحاد الطلبة في عام 1979، وتخصصت في العلوم السياسية والإحصاء والاقتصاد.
لقبتها وسائل الإعلام النرويجية بـ “إرنا الحديدية”، حيث اشتهرت بتبنيها مواقف متشددة فيما يخص سياسة الهجرة ومنح اللجوء للأجانب، وهي نفس مواقف “ماي” في بريطانيا الآن.
في عهدها الآن تعد النرويج ثالث أغنى بلد في العالم من حيث القيمة النقدية، مع ثاني أكبر احتياطي للفرد الواحد من أي دولة أخرى، وخامس أكبر مصدر للنفط، وتساهم الصناعات البترولية بحوالي ربع الناتج المحلي الإجمالي. وفي أعقاب الأزمة المالية العالمية للفترة الممتدة بين سنوات 2007 و 2010، اعتبر المصرفيون الكرونة النرويجية إحدى أكثر العملات ثباتاً في العالم.
وتحتفظ الآن لبلادها بنموذج الرعاية الإسكندنافية، بوجود نظام رعاية صحية عالمي ودعم نظام التعليم العالي، ونظام شامل للضمان الاجتماعي، وصنفت النرويج أكثر البلدان سلمية في العالم في استطلاع لسنة 2007 من قبل مؤشر السلام العالمي.
دى كيرشنر ونهضة الأرجنتين
شخصية نسائية أخرى جذبت انتباه العالم مؤخرا مثل كلينتون، هي كريستينا فرنانديز دى كيرشنر رئيسة دولة الارجنتين، التي حكمت الأرجنتين منذ عام 2007 إلى عام 2011 ، وكانت أول امرأة تحكم الارجنتين، وشهد عهدها نهضة اقتصادية كبيرة، حيث تسلمت الحكم والبلاد تعانى الديون والأزمات المالية، ووضعت خطط تقشفية وبرامج اقتصادية لمواجهة الأزمات، واستطاعت تسديد الجزء الأكبر من ديونها إلى البنك الدولى، وتابعت مسيرتها بالتعاون مع النقابات العمالية والشركات الكبيرة بتخفيف الضرائب عنها مقابل إحداث أماكن عمل، فقللت من نسب البطالة بالبلاد، حتى أضحت الأرجنتين اقتصاديا أهم بلد فى أمريكا اللاتينية بعد البرازيل والمكسيك.
باك غن ملهمة الاقتصاديين
قصة نجاح ” دى كيرشنر” في الأرجنتين لا تختلف كثيرا عن قصة صعود “باك غن هي” رئيسة كوريا الجنوبية حتى العام بعد المقبل 2018، التي ترأست الحزب الوطني الكبير بين 2004 و2006 ثم في 2011–2012، وتقلدت عضوية الجمعية الوطنية لأربعة ولايات متتالية منذ سنة 1998، وهي ابنة باك تشونغ هي الذي كان رئيسا لكوريا الجنوبية من 1963 حتى 1979، وتعتبر أكثر السياسيين تأثيراً اقتصاديا منذ حقبة “كم يونغ سام، وكم داي جنغ، وكم جونغ بل”.
صنفت في العام 2014 من أقوى الشخصيات السياسية والاقتصادية في العالم، وقادت نهضة بلادها الاقتصادية ضمن مجموعة النمور الآسيوية لتصبح على قمة آسيا اقتصاديا مناطحة الصين واليابان.
ميركل.. فتاة كول
لن نكون منصفين إن تجاهلنا “أنغيلا ميركل” مستشارة ألمانيا التي تولت مقاليد الحكم في عام 2005، بعد فوز حزبها بالأغلبية في البرلمان، وهي تتزعم الحزب الديمقراطي المسيحي منذ عام 2000، وتعد أول امرأة تتولى هذا المنصب في البلاد، واختارتها مجلة فوربس كأقوى امرأة في العالم لعام 2011، وهي بذلك حازت على الصدارة في قائمة أقوى امرأة في العالم في خمس سنوات.
بدأت قصة ميركل مع السياسة في الثمانينيات من القرن الماضي، حينما انضمت لحزب نهضة الديمقراطية بألمانيا الغربية وقتها، وأصبحت متحدثة باسم الحكومة المنتخبة تحت رئاسة لوثار دي مايزيير، وانضمت بعد الوحدة الألمانية لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، وأصبحت وزيرة لشؤون المرأة والشباب تحت حكومة هلموت كول (1990 – 1994)، وأطلقت عليها الصحافة الألمانية “فتاة كول” لأنها كانت قريبة منه حزبياً وفكرياً ، وبعد هزيمة كول في انتخابات عام 1998 أمام الحزب المنافس الحزب الديمقراطي الاجتماعي بزعامة غيرهارد شرودر، استقال كول، وصعدت ميركل لتصبح أمينة عامة لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، وانتخبت في سابقة تاريخية في 10 أبريل 2000 كرئيسة للحزب، كأول امرأة وأول بروتستانتينية تتولى مثل هذا المنصب في حزب له جذور مسيحية كاثوليكية متشددة، وبعد ذلك أصبح طريقها خالياً تماماً لأن تكون الشخصية الأولى في حزب الاتحاد ثم الدولة الألمانية.
روسيف والاشتراكية
تتشابه مع ميركل في نشأتها الاشتراكية “ديلما روسيف”، والتي تعد المرأة الأولى التي تصل إلى سدّة الرئاسة في البرازيل عام 2011، بعد أن حصدت نسبة تصويت 58 بالمئة.
روسيف أو كما لقبها البرازيليون بالمرأة الحديدية، تعرضت للتعذيب إبان الديكتاتورية العسكرية، ولها العديد من الإنجازات السياسية الطويلة قبل توليها رئاسة البرازيل، حينما حاربت مرض السرطان، وكان لها دور بارز فى إصلاح ميزان المعاملات الجارية، وزيادة المدخرات المحلية، ودعم الاستثمارات وتحسين الإنتاجية فى البرازيل.
اشتهرت روسيف أول الأمر لأنها كانت مقربة من الرئيس البرازيلي السابق، لويس إنياسيو لولا دا سيلفا، وتتهمها وسائل الإعلام بأنها سيدة قاسية بسبب شدتها وسلوكها المزاجي، وتعنيفها وزرائها على الملأ، وهي تقترب في هذا السلوك بشدة من تاتشر، وصنفتها كذلك مجلة فوربس عام 2015 ضمن مجموعة من أقوى سبع نساء في العالم.
بدأت حياتها السياسية عضو في المقاومة السرية، وكان والدها بيدرو روسيف شيوعيا هاجر من بلغاريا، وانضمت إلى الحركة اليسارية المناهضة للدكتاتورية العسكرية التي استولت على الحكم في عام 1964، قبل أن يتم القبض عليها عام 1970 لتسجن 3 أعوام، وتتعرض للتعذيب بالصعق الكهربائي، لدورها في المقاومة السرية.
وفي 2005 كلفها “لولا” بتشكيل الحكومة بعد استقالة عدد من أصحاب الأسماء الكبرى بسبب فضيحة فساد هزّت البلاد، قبل أن تتولى حكم البلاد بعدها.
واجد .. أميرة الانتقام
بنجلاديش هي الأخرى كان لها نصيب في الأيدي الناعمة، حينما تولت شيخة حسينة واجد، منصب رئيس وزراء بنغلاديش منذ عام 2009، وهي زعيمة رابطة عوامي، وسبق لها أن تولت المنصب في عامي 1996 و2001، وتعد حسينة من أكثر النساء تأثيرا في العالم، حيث أدينت في عام 2007 بالفساد والقتل عندما استولى الجيش على الحكم في انقلاب عسكري، لكنها عادت إلى الحكم في الانتخابات التي جرت في عام 2008.
ولدت حسينة في عام 1947، وهي ابنة شيخ مجيب الرحمان، وهو أول رئيس في تاريخ بنغلاديش، والذي اغتيل في عام 1970، وعاشت في المنفى حتى عام 1981، وتعرضت لمحاولتي اغتيال في عامي 2004 و2007، واكتسبت لقب “الشيخة” منذ مقتل عائلتها كلها فى لحظة واحدة، الأب الرئيس المؤسس مجيب الرحمن، والأم، والإخوة، والأخوات، وزوجات الإخوة ٢٧ فردا فى ليلة واحدة، لم تنج منهم سوى حسينة، التى عادت من لندن بعد أن نشأت هناك لتحافظ على “زعامة البلاد” ، لتلقب بـ”أميرة الانتقام”، فى تصفية حساباتها مع من تعتقد أنهم قتلة أبيها بعد انقلاب عسكري دموي، قاده الجنرال ضياء الرحمن عام 1975، وخالفت القانون وانتزعت أحكاما بالإعدام تم تنفيذها على عشرات من العسكريين المتورطين فى قتل أفراد أسرتها.
طبقت حسينة الجملة الشهيرة لـ”ونستون تشيرشل” “فى السياسة لا يوجد صديق دائم ولا عدو دائم، فقط توجد مصالح دائمة” .. حيث تحالفت قبل٢٠ عاما مع زعيمة المعارضة الشيخة خالدة ضياء؛ للقضاء على الديكتاتورية التى كانت قائمة آنذاك، وهو الوضع الذى انقلب بعد كل السنوات ليتحول التحالف إلى خصومة شرسة، وضعت البلاد على شفير الهاوية بشكل عرضها للتصدع، لتصبح بنجلاديش لعبة فى يد امرأتين تتبادلان المركز نفسه لمدة 33 عاما.
باشيلي مقاومة الديكتاتورية
نفس القصة مع اختلاف الأسماء فقط تتكرر الآن بدولة “تشيلي”، وبطلتها هذه المرة هي ميشيل باشيلي، التي أصبحت في عام 2013 رئيسة لدولة تشيلي للمرة الثانية، لتصبح أول رئيس في البلاد ينتخب مرتين.
ولدت ميشيل باشيلي في عام 1951 ودرست الطب في جامعة تشيلي، بتشجيع من والدها العسكري، واعتقلت وتعرضت للتعذيب بعد الانقلاب العسكري في عام 1975، وتمكنت العائلة من الهروب إلى المنفى في النمسا، ثم إلى ألمانيا الشرقية سابقا، قبل أن تعود من جديد للبلاد في عام 1979، لتعمل في مجال رعاية الأطفال، وتعين وزيرة للصحة في عام 1990، بعدما أرست تشيلي نظاما ديمقراطيا.
تعد باشيلي السياسية الاشتراكية أول امرأة في البلاد تمسك بزمام الرئاسة قبل ثماني سنوات، وشكّلت رمز تحوّل تشيلي بعد انتهاء حكم أوغستو بينوشيه العسكري عام 1990، وعندما تركت منصبها عام 2010، كانت لا تزال تتمتع بشعبية تفوق الثمانين في المئة، لكنها لم تستطع الترشح ثانية لأن قانون الانتخابات التشيلي يمنع الرئيس من البقاء في السلطة لولايتين متتاليتين.
تشير باشيلي على خطى والدها ألبيرتو باشيلي مارتينيز، الذي ظل وفياً لسلفادور أليندي، الرئيس الاشتراكي الذي قُتل بعد الانقلاب العسكري عام 1972، ومات والدها لاحقاً بالسم بعد عمليات تعذيب متكررة، وخلال ولايتها الأولى في سدة الرئاسة، نجحت باشيلي في إضفاء طابع ديمقراطي على قوات البلد العسكرية، وقدّمت الدعم لضحايا الحكم الديكتاتوري، وفي نهاية عام 2013، انتُخبت مرة ثانية لتخلف السياسي اليميني سيباستيان بينيرا، وتعهدت بتحقيق عدالة اجتماعية أكبر في سوق تشيلي الحرة، ونجحت في الانتقال من الحكم الديكتاتوري المستبد إلى الديمقراطية.
روبنسون عدوة إسرائيل
تولت ماري روبنسون منصب الرئيس في جمهورية أيرلندا من 3 ديسمبر 1990 إلى 12 سبتمبر 1997، فكانت بذلك سابع رئيس لتلك الجمهورية، وأول امرأة تصبح رئيساً لأيرلندا، قبل أن تعمل مفوضة بالأمم المتحدة لحقوق الإنسان من 1997 إلى 2002، وتعرضت لانتقادات بسبب انتقادها للسياسة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حتى أن أكاديمياً أمريكياً في أمريكان إنتربرايز إنستيتيوت، يدعى مايكل روبن اقترح محاكمتها بتهمة ارتكاب جرائم حرب لقيادتها -حسب زعمه- “مذبحة فكرية ضد اليهود وإسرائيل”.
تعد روبنسون أول رئيس دولة يزور رواندا في أعقاب عمليات الإبادة الجماعية التي وقعت هناك في عام 1994، كما كانت أول رئيس دولة يزور الصومال في أعقاب الأزمة التي حدثت هناك في عام 1992، وتلقت جائزة منظمة كير الإنسانية اعترافا بجهودها من أجل ذلك.
خدمت روبنسون قبل انتخابها رئيسة لجمهورية أيرلندا في عام 1990 كعضو في مجلس الشيوخ لمدة 20 عاما، وحصلت على إجازة القانون وقبلت في نقابة المحامين في عام 1967 وأصبحت بعد سنتين أصغر أستاذ لكرسي ريد للقانون الدستوري في كلية ترينتي بدبلن، ومنحت العديد من الدرجات الفخرية والميداليات والجوائز من جامعات ومنظمات إنسانية في مختلف أنحاء العالم.
براتيبها .. المرأة التي لا تعرف الخسارة
تتشابه روبنسون إلى حد كبير مع سيرة رئيسة الهند، براتيبها باتيل، كانت منذ عام 1962 حتى عام 1985 نائبة في برلمان ولاية ماهراشترا، وفي عام 2004 عينت حاكمة لولاية رجستهان، وفي 19 يوليو 2007 حققت فوزا ساحقا لتكون أول امرأة تشغل منصب رئاسة الهند لمدة خمس سنوات، متفوقة على منافسها نائب الرئيس المنتهية ولايته، بهايرون سينغ شكاوات بأكثر من 300,000 .
ولدت براتيبها ديفيسينج باتيل في 19 ديسمبر 1934 في مدينة جالجوان في ولاية ماهاراشترا, وكان عمرها 13 سنة عندما حصلت الهند على استقلالها, ودرست في مدينتها ثم أكملت دراستها في مدينة مومباي, وحصلت على درجة جامعية في القانون ومارست المحاماة في مدينتها جالجوان, وعندما بلغت من العمر 27 سنة انتخبت نائبة في برلمان ولاية ماهراشترا عام 1962.
تولت العديد من الوزارات في مجلس الوزراء فيما لا يقل عن 6 وزارات في الفترة من (1962 – 1985), تولت فيها وزارات الصحة والإسكان والتعليم، وأصبحت نائبة رئيس مجلس الشيوخ “راجيا سابهي” لمدة سنتين (نوفمبر 1986 – نوفمبر 1988)، وفي نفس العام عينها راجيف غاندي رئيس الوزراء الهندي السابق, رئيسة حزب المؤتمر بولاية ماهاراشترا, وبقيت في قيادة الحزب العليا, واختارت أن تبقى في حزب المؤتمر حتي بعدما فقدت منصبها، وابتعدت عن السياسة في فترة التسعينات، وعادت بعدها في 8 نوفمبر 2004 بعد تعيينها حاكمة لولاية رجستهان حتى 23 يوليو 2007، ولم تخسر في حياتها أية انتخابات خاضتها.
فازت برئاسة الهند في يوليو 2007 بـ 638,116 صوت ، متفوقة على أقرب منافسيها نائب الرئيس المنتهية ولايته بهايرون سينغ شكاوات الذي حصل على 331,306 صوت, كأول امرأة تصبح رئيسة للبلاد.
يصف محللون سياسيون فوز براتيبا باتيل بأنه مكسب كبير لزعيمة حزب المؤتمر سونيا غاندي، أرملة رئيس الوزراء الراحل راجيف غاندي، كما يرون أيضا أنها وصلت إلى منصب الرئاسة عن طريق الصدفة فقط، فقد كانت براتيبها في آخر قائمة طويلة وجرى اختيارها بعد أن شعر أعضاء التحالف بالحرج إزاء الاستمرار في الاعتراض على المرشحين الذين يقدمهم حزب المؤتمر.
براتيبها من أنصار حزب المؤتمر الهندي، وقريبة من رئيسة وزراء الهند السابقة أنديرا غاندي، ولا يعرف الكثيرون انها أدارت شؤون انديرا بعد وفاة ابنها الأصغر سانجاي في أواخر السبعينات.
هذا السلوك الدال على الولاء لأسرة غاندي تذكره راجيف، الابن الأكبر لأنديرا، وسونيا غاندي التي تعتبر الآن أقوى امرأة في الحياة السياسية في الهند .
القائمة تطول وهناك المزيد من الأيدي الناعمة التي قادت دولها لتصبح مؤثرة بالعالم وخطت بأناملهن حروف من ذهب في كتب التاريخ الحديث والمعاصر.