خطأ الرئيس مرسي

لفهم خطأ سياسة الدكتور مرسي في الحكم يجب أن نرجع قليلا إلى الوراء لفهم كيف تعاملت القوى الإسلامية مع الثورة.
بعد انتهاء أيام الاعتصام في ميدان التحرير يوم 11 فبراير 2011 كانت القوى الإسلامية بأغلبيتها هى الأكثر رغبه في تغيير حقيقيى في بنية نظام المجتمع و الدوله من أجل مصر أفضل، لكن طرق التعامل اختلفت و انقسم التيار الإسلامي في طريقه إدراته للتغير و تعامله مع الدوله و المجتمع إلى ثلاث مجموعات :
– المجموعه الأولى : رأت أن النظام من الفساد الأخلاقي و القيمى مما لا يصلح معه “إصلاح “، و بالتالى فإن الطريقه المثلى هى التغيير الشامل و الحقيقي و استثمار حاله الثورة في المجتمع من أجل الدخول في مواجهات حقيقية و حاسمه مع بنية الدولة و المجتمع الفاسده ، فدخلت في صدام حقيقي مع الجيش ، و القضاء و الإعلام ..ومؤسسات الدوله بدون أن تخفى حقيقة ما تريد أو تواريه ، كان خطاب هذا المجموعه يستميل عامة الشعب المتدين و الغير مسيس و الراغب في التغيير الحقيقي لأنه كره حاله الدوله و المجتمع الممتردية، و كان على رأس هذه المجموعه الشيخ حازم صلاح أبو اسماعيل و بعض الإتجاهات الإسلامية الأخرى ، و لأن صوت هذه المجموعه كان الأقوى فإن كل أجهزة الدوله العميقة (الجيش_القضاء_الإعلام ..) تعاملت مع هذه المجموعه بقوة ودخلت معها في حرب مفتوحه بلا هوده دون أن تفكر في المجموعات الأخرى ، و قمة الصراع كانت في اللحطة التى تدخلت فيها يد اللجنه العليا للإنتخابات الرئاسية لتطيح بالشبخ حازم من سباق الرئاسة بعد أن تأكد الجميع أنه الأوفر حظا بالفوز .
– المجموعه الثانية : فوجئت بالثورة بعد أن كانت بعيده عن العمل السياسي تماما و كانت تدير حياتها من خلال عدم الصدام مع أجهزة الدوله ( الأمن بالخصوص ) قبل 25يناير 2011 بل و في أغلب الأحيان من خلال التنسيق معه، فدخلت السياسية وهى لاتزال تتذكر أنها كانت تمد يدها للنظام القديم فيما سبق و تتعاون معه ( الأمن _الحزب الوطنى _كبار العائلات …) ، في البداية كانت تظهر في مظهر القوى الإسلامية ، لكنها في الجوهر كانت من بقايا النظام السابق من حيث المضمون و الفكر ،لذلك كان خيارها هو التعاون مع أجهزة الدوله و كسب ودها و الوقوف في صفها ، أفضل مثال على هذه المجموعه هى حزب النور ، و قمه الوضوح في موقف هذه المجموعه كان يوم 3/7/2013 عندما اختارت أن تقف مع الدوله (الجيش_الشرطة_القضاء_الإعلام_الأزهر_الكنيسة….) و لا تتصادم معها ،جوهر هذه المجموعه البحث عن الإصلاح من داخل النظام دون دخول في موجهات أو صدامات ، و دون عداء لأحد.
– المجموعه الثالثه : شاركت في الثورة وهى تحلم بتغيير حقيقي و جذري ، تعلم أن أجهزة الدوله لن تسمح لها بالعمل و التغيير لكنها كانت تراهن على الوقت وعلى الشعب ، كانت تريد أن تغيير في بنية المجتمع و الدوله بعمق دون دخول في صراع معها “الآن ” ، تعمل بجهد على تأجيل المواجهه من خلال كسب الوقت و محاوله الإصلاح التدريجي و الإنجازات الصغيرة المتتالية ، المثال الأبرز لهذه المجموعه هو الإخوان المسلمين وحزب الحرية و العداله ، و أزعم أن هذه المجموعه كانت الغالبه في عموم التيار الإسلامي حتى قبل الإنقلاب بشهور قليله ،عندما تغير الوضع.
قبل الإنقلاب بشهرين تقريبا :
شعر الرئيس محمد مرسي ومعه حزبه وجماعته أن الطريق الذى سلكوه كان خاطئا ، و أنه لا تغيير حقيقي بدون مواجهه حقيقية مع الدوله العميقه ، و أن كل تأجيل هو في صالح الدوله العميقه وخصم من فرص نجاح تجربة التغيير ،كان هذا المعنى واضحا جدا في أخر خطاب للرئيس قبل 30 يونيو عندما قال في بدايته: سنه كفاية
و الخطأ وارد و تصحيحيه واجب
كان و كأنه يبدى الندم على ما سبق لمؤيديه ، و لمن حلموا بالتغيير على يديه .
لكن كانت الأمور قد وصلت لمرحله اللاعوده ….الإنقلاب سيتم ، و أى إجراءات لن توقفه ، و حتى ما اتخذه الرئيس من إجراءت قبل الإنقلاب كان أقل بكثيير مما يجب.
خطأ الرئيس الرئيسي أنه أختار تأجيل المواجهه و كسب الوقت ،
خطأه أنه لم يدخل منذ أول يوم في مواجهه مع أركان الدوله العميقه من أجل تغيير حقيقي في بنيتها ،
خطأه أنه أختار أن يؤخر توقيت المعركه بدلا من أن يقدمها كما كانت تنصحه المجموعه الأولى .
لكن هذا الخطأ كان سيصبح “خطيئه ” لو استمع لكلام المجموعه الثانية و من يقف معها من القوى المدنية ، و قوى الدوله العميقة التى لا تريد تغيير حقيقي و لا تريد مواجهه .
بصريح العبارة :
خطا الرئيس ليس كما يزعم البعض في أنه دخل في مواجهه مع نظام الدوله حتى أطاحت به الدوله أو أنه فشل في أدارتها ، بل في أنه أجل الدخول في هذه المواجهه حتى أطاح به النظام قبل أن يستطيع هو أن يطيح به ،و كان يظن أنه يمكن أن يديرها يدون الدخول في هذه المواجهه .
– رغم خطأ الرئيس الذى ذكرته ، لكنه خطأ المجتهد الذى له أجر و أن لم يصب الحقيقية ، لا ينقص ذلك من حبه في قلبي شئ ولا من تقديرى له ، و لا يغير من قناعاتى من أنه أفضل من حكم مصر في العصر الحديث .