يتوالى سقوط عمالقة التورنت واحدًا تلو الآخر، قبل أسبوعين كان قد أغلق موقع KickassTorrents الشهير بعد اعتقال مؤسسه، وبالأمس أغلق أكبر محرك بحث تورنت Torrentz.eu، وكذا طالت هذه الحملة الموقع الشهير “خليج القراصنة “The Pirate Bay
حيث تفاجئ المستخدمون خلال الساعات القليلة الماضية بإغلاق محرك بحث التورنت الشهير “Torrentz” إذ لم يعد بالإمكان إجراء أي عملية بحث، رغم أن الواجهة الرئيسية للموقع ما زالت موجودة، علما أن “Torrentz” هو واحد من بين 10 مواقع للتورنت الأكثر استخدامًا حول العالم، وقد تم إطلاقه قبل 13 سنة من الآن.
و على عكس موقع KickassTorrents الذي أغلق بأمر من السلطات الأمريكية قبل أن يعود للعمل بصيغة جديدة فإن الأمر لم يكن مشابها بالنسبة لموقع Torrentz، حيث من غير المعروف سبب التوقف المفاجئ للموقع و لا ما إن كان سيعود من جديد في وقت قريب.
هذا المحرك الذي نال شعبية كبيرة نظرًا لسهولة استخدامه وأرشفته لأهم وأكبر مواقع التورنت وتقديمه خدمة مميزة وهي البحث فقط في مواقع التورنت للوصول إلى ما تريده.
وبما أن الموقع مجرد محرك بحث فهو لا يستضيف أي محتوى مقرصن ولا يسهل الوصول إليه كمواقع التورنت المعروفة، إنما مجرد محرك بحث لأرشفة التورنت من المواقع الأخرى وهو ما كان يستخدمه ملايين الناس يوميًا.
وهكذا تنتهي قصة واحد من أقدم وأهم مواقع التورنت لدى رواده والذي تأسس حتى قبل الأسطورة The Pirate Bay، حيث في العادة بعد إغلاق أي موقع تورنت شهير تظهر مواقع مستنسخة منه في محاولة لإبقائه متاحًا حتى لو بنطاقات أخرى، إلا أن هذا لم يحدث حتى الآن.
مطاردة عالمية
لا زال الكونجرس الأمريكي و وزارة العدل الأمريكية تطارد في المواقع التي لطالما اعتبرها رواد الإنترنت كنزًا بالنسبة إليهم، لما توفره من محتوى مجاني بكافة الأشكال وهو ما يزيد تكلفته عن آلاف الدولارات.
و في ظل هذه الحملة العالمية، فقد تم قبل أسبوعين إلقاء القبض على مؤسس موقع التورنت الشهير KickassTorrents أرتم فايولين، في دولة بولندا، و هو أوكراني الجنسية يبلغ من العمر 30 عامًا.
وبحسب ما قد صرح به موقع Gizmodo أن قرار إلقاء القبض على آرتم وإغلاق الموقع جاء بناءً على العديد من البلاغات والشكوى ضد مواقع التورنت، حيث تتهم هذه المواقع تساهم بشكل كبير في عمليات انتهاك حقوق الملكية الفكرية، كما اتهم صاحب الموقع أيضًا بتبييض الأموال والتهرب الضريبي، حيث أن مؤسس الموقع يجني ما يقارب 30 مليون دولار من إعلانات الموقع سنويًا.
وبسبب نشاط الموقع وشهرته فإنه قد تسبب بنشر محتوى وانتاجات محمية بحقوق الملكية بقيمة تزيد عن مليار دولار. وبما أن سيرفرات الموقع تقع في ولاية شيكاغو الأمريكية فقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية هي الجهة التي ستلاحقه.
المفاجأة الكبرى التي صدمن السلطات الأمريكية أنه تم نقل موقع kickass إلى دومين آخر بالتالي أصبح الموقع متاح مرة أخرى، ولكن كان من المحتمل أن يتم غلق هذا الدومين الجديد، بعد أن يتم الإبلاغ عنه، لتستمر الحرب الشرسة على التورنت.
وعن مصير المحتوى الموجود في الموقع، فبالتأكيد يتم إزالة هذا المحتوى على مدار الفترات القادمة، وسيصبح بالفعل غير متاح في كل مواقع الإنترنت بشكل فعلي، وهو ما يعد إيذانًا لعصر القضاء على جميع مواقع “التورنت”، وهو ما أكدت عليه السلطات الأمريكية، ما يعني قُرب انتهاء ظاهرة تسريب الأفلام والألعاب وغيرها من أشكال المحتوى.
التورنت يُطارد الشركات العالمية
كشفت وثيقة مسربة من شركة سوني بيكتشرز عن طريقة جديدة تعتزم شركات صناعة الأفلام الأمريكية الكبرى استخدامها لمنع وصول المستخدمين إلى مواقع الملفات المقرصنة والتي تساعد بنشر الأفلام الجديدة بشكل غير قانوني.
وأوضحت الوثيقة قيام جمعية الفيلم الأمريكي، MPAA، باستشارة قانونية حول مدى نجاح دعوى قضائية لها لإلزام مزودي خدمات الإنترنت بمنع المستخدمين من الوصول إلى المواقع التي تخالف قوانين حماية الملكية الفكرية.
وظهر في الوثيقة، الصادرة عن مكتب Jenner&Block القانوني، أن جمعية الفيلم الأمريكي تريد حظر إمكانية الوصول إلى مواقع المحتوى المقرصن نهائيًا عبر إجبار مزودي خدمات الإنترنت على تعطيل عمليات البحث عن نظام أسماء النطاقات DNS الخاص بالمواقع المخالفة.
وفي حال تنفيذ تلك الطريقة من جانب مزودي خدمات الإنترنت فسيعجز المستخدمون في تلك الشركات عن الوصول إلى المواقع المحظورة، حيث سيذهب المستخدمون عند كتابتهم لنطاق أي من تلك المواقع إلى صفحة فارغة بدلًا من الصفحة الرئيسية للموقع المطلوب، وذلك لتعطيل النظام المسؤول عن تحويل النطاق المكتوب إلى عنوان بروتوكول الإنترنت، IP address، الخاص بالموقع.
وتجدر الإشارة إلى أن جمعية الفيلم الأمريكي تضم في عضويتها 6 من أكبر شركات صناعة الأفلام الأمريكية، وهم سوني بيكتشرز، ووالت ديزني ستوديوز، وباراماونت بيكتشرز، و20TH سنشري فوكس فيلم، ويونيفرسال سيتي ستوديوز، إضافة إلى وارنر بروس.
وكل هذه الإجراءات تعد خطوات إضافية في سياق الحرب المديدة بين قراصنة الإنترنت وبين الحكومات، التي سعت إلى منع هذه التجارة التي تكبد أصحاب الحقوق كل عام العدة من المليارات من الدولارات، كخسائر ناتجة عن توزيع المنتجات الإبداعية والفكرية والبرمجية وغيرها بشكل مجاني، دون الحصول على موافقة أصحابها أو منتجيها.
ولكن الأمر لا يخلُ من تواطؤ واضح بين الشركات الكبرى، حيث ورد في تفاصيل الأخبار إن عملية القبض على مؤسس موقع التورنت الأشهر kikassلم تكن لتتم لولا قيام شركتي آبل وفيسبوك بتسليم بياناته إلى السلطات الأميركية، بعد أن تسببت عملية شراء تمت عبر متجر آيتونز بالمساعدة في كشف شخصية الشاب البالغ من العمر 30 عامًا، والذي سبق له أن قام بإنشاء شركة وهمية في أوكرانيا تدعى “سيبر تونيات”، عمل موظفوها على تشغيل موقعه بشكل سري، وإدارة تبادل الملفات.
نبذة عن التورنت
بروتوكول “بت تورنت” الذي أطلق في العام 2001 على يد المبرمج برام كوهين، يعد البداية الأولى لتقنية جديدة في سياق البحث عن آلية سهلة لتبادل الملفات عبر شبكة الإنترنت، ولا سيما تلك الملفات ذات الحجم الكبير، التي يصعب على المستخدمين العاديين الحصول عليها وفق ما يستخدمونه من حزم الخدمة.
تقوم هذه التقنية على مشاركة الملفات عبر الإنترنت ما بين مستخدمي الإنترنت والمسمى “الند للند” أو “النظير للنظير”، حيث يكون تبادل الملفات بين الأشخاص دون وجود وسيط، وتختلف هذه التقنية عن الطرق السابقة في تحميل الملفات، بكونها تقوم على وجود الملفات على أجهزة المستخدمين الذين يتشاركونها، وليس على خوادم المواقع العادية أو خوادم “أف تي بي”.
وبمراجعة لتاريخ الحرب على هذه المواقع، يحتاج المتابع للعودة إلى سلسلة طويلة من الأخبار عن عمليات المتابعة القانونية لها ولأصحابها، وكذلك الأخبار التي تتحدث عن إجراءات الشركات ومواقع البحث المتضافرة في سبيل إنهاء هذه التجارة التي تمثل شريان الحياة لملايين من زوار الإنترنت الذين يتهمون الشركات العالمية الكبرى بالجشع.