أعادت حادثة اختطاف الطفلة نهال والعثور عليها مقتولة، الهواجسَ التي عاشها الجزائريون سنة 2012، والسنوات التي تلتها، عندما تزايدت عمليات اختطاف الأطفال ثم العثور على جثثهم في أماكن مهجورة.
وعثرت الشرطة الجزائرية مؤخرًا على بقايا إنسان متكونة من جمجمة وشعر وعظام في قرية آث علي ببلدية أيت تودرت، قبل أن يعلن وكيل الجمهورية لدى محكمة واسيف (40 كلم جنوب تيزي وزو)، رسميًا، وفاة الطفلة “نهال سي محند” البالغة من العمر 4 سنوات بعد أن أثبتت تحاليل الحمض النووي من طرف المعهد الوطني للأدلة الجنائية وعلم الإجرام للدرك الوطني بالعاصمة الجزائرية، أنّ تحليل الجثة التي تم العثور عليها أثبتت أنها للطفلة نهال التي اختفت يوم 21 يوليو 2016 بقرية آيت علي ببلدية أيت تودر بواسيف بتيزي وزو.
تؤكد قصة اختطاف وقتل الطفلة نهال، استمرار وقائع اختطاف الأطفال في الجزائر رغم ما تعلنه الدولة من جهود لاحتواء الظاهرة
وكانت الطفلة نهال سي محند قد اختفت، فور قدومها من محافظة وهران رفقة أبويها في زيارة إلى جديها بقرية آث علي بمحافظة تيزي وزو.
استمرار عمليات اختطاف الأطفال
وتؤكد قصة اختطاف وقتل الطفلة نهال، استمرار وقائع اختطاف الأطفال في الجزائر رغم ما تعلنه الدولة من جهود لاحتواء الظاهرة، وأعادت هذه الحادثة كابوسًا يؤرق العائلات الجزائرية، منذ سنوات، حتى إنها باتت تشكل هاجسًا لكل العائلات خوفًا من أن يلقى أبناؤها نفس المصير.
وأدان نشطاء وحقوقيون جزائريون، جريمة اختطاف وقتل الطفلة نهال، وقبلها عشرات الأطفال الذين تم قتلهم من طرف عصابات إجرام قُبض على العديد منهم.
تحتل الجزائر المرتبة الأولى في العالم العربي من ناحية تسجيل قضايا الاختطاف بواقع 1349 قضية
ونظم جزائريون في بعض مناطق البلاد تجمعات عقب صلاة الجمعة تدعو لتسليط أقصى العقوبات في حق مختطفي الأطفال من أجل وعدم تكرار هذه الحوادث الأليمة.
إدانة واسعة للحادثة (أرشيف)
وعرفت الجزائر، مؤخرًا، اتساع دائرة اختطاف الأطفال، وتابع الرأي العام في الأشهر الماضية عدة قصص من هذا القبيل، بعضها انتهى بشكل مأساوي كما وقع في قصة الطفل أنيس الذي عثر عليه ميتًا، وبعضها انتهى بشكل سعيد كقصة أمين الذي حررته قوات الدرك الوطني من أيادي خاطفيه.
وتحتل الجزائر المرتبة الأولى في العالم العربي من ناحية تسجيل قضايا الاختطاف بواقع 1349 قضية ما بين اختطاف واختفاء في الجزائر منذ الاستقلال.
في مقابل ذلك، دعا وزير العدل الجزائري، حافظ الأختام الطيب لوح، إلى “تفادي التهويل الإعلامي” على حد قوله، ودعا إلى تناول ظاهرة اختطاف الأطفال بموضوعية.
المطالبة بتفعيل عقوبة الإعدام
ملف اختطاف وقتل الطفلة نهال، أعاد مسألة عقوبة الإعدام إلى الواجهة، في خضم جدل كبير بين منظمات حقوق الإنسان التي تطالب بإلغاء العقوبة والاستعاضة عنها بالسجن المؤبد، وبين رجال الدين والأحزاب الإسلامية التي تدفع إلى تطبيقها.
واعتبرت أحزاب سياسية، أن عدم تفعيل عقوبة الإعدام في حق خاطفي الأطفال هو “مشاركة في الجريمة وتواطؤ عليها وتشجيع على تناميها”.
ويرى جزائريون أن تجميد عقوبة الإعدام يتنافى مع الشريعة الاسلامية، كونه تعطيل لحكم القصاص الإلهي.
طالب خطباء الجمعة بالجزائر في خطبتهم الموحدة أمس التي حملت شعار “جمعة القصاص”، بتفعيل عقوبة الإعدام
وينص قانون العقوبات الجزائري على عقوبة الإعدام في أكثر من 12 مادة، موجودة بين المادة 61 إلى المادة 90 وردت في أقسام وأبواب تتعلق بأمن الدولة والتعدي على الدفاع الوطني والمؤامرات على سلامة الوطن باستثناء المادة 263 من القانون العام التي تحدثت عن الإعدام في حالة إزهاق الروح.
وطالب خطباء الجمعة بالجزائر في خطبتهم الموحدة أمس التي حملت شعار “جمعة القصاص”، بتفعيل عقوبة الإعدام، حتى تكون رادعة للمجرمين الذين يختطفون ويقتلون الأطفال، حسب قولهم، مؤكدين أن عدم تفعيل عقوبة الإعدام ساهم بقوة في تفشي الإجرام.
دعوات لتطبيق عقوبة الإعدام
بدوره طالب رئيس جمعية “ندى” للدفاع عن حقوق الأطفال بالجزائر عبد الرحمن عرعار، بإعادة تفعيل عقوبة الإعدام، وقال في تصريحات صحفية “حان وقت رفع التجميد عن عقوبة الإعدام، خاصة في جريمة قتل واختطاف الأطفال”.
ورغم وجود عقوبة الإعدام في النصوص القانونية الجزائرية، فهي تبقى مجمدة التطبيق في الواقع منذ التسعينات، إذ لا يزال أشهر محكوم عليه بالإعدام بجريمة اغتيال الرئيس الراحل محمد بوضياف سنة 1992، قابعًا بالسجن إلى اليوم.