أعدمت السلطات الإيرانية ما يزيد عن 20 معتقلًا سياسيًا من الأقلية الكردية السنية، ووفق ما ذكر موقع “كوردستان24” أن عدد من نفذ فيهم حكم الإعدام يصل إلى 36 معتقلًا من بينهم الداعية الشهير شهرام أحمدي.
اختلفت الأعداد الواردة بحق الإعدامات التي تم تنفيذها، بسبب ممارسة السلطات الإيرانية تعتيم متعمد على هذه القضية، لكن قدّرت جمعيات حقوقية أن عدد الذين تم إعدامهم يتراوح بين 10 و20 شخصًا.
اتهمت إيران المعتقلين بالانتماء لجماعة “التوحيد والجهاد” في محافظة كردستان الإيرانية، وقد اتهم الادعاء العام الإيراني الذين أعدموا ليلة الثلاثاء الماضية بارتكاب ما وصفها بـ “جرائم إرهاب ضد الشعب”.
وذكر المدعي العام إن الهجمات التي أدينوا فيها تسببت في مقتل 21 شخصًا بينهم أفراد من الشرطة وإصابة 40 آخرين، مشيرًا إلى ارتباط المدانين بعمليات تفجير في مدينة سنندج وصناعة متفجرات.
إلا أن المنظمات الحقوقية الدولية أكدت أن الإدانات جاءت نتيجة لاعترافات انتزعت بالإكراه من المعتقلين، هذا وأدانت منظمة هيومن رايتس ووتش ما قالت إنه “إعدام جماعي لعشرة مساجين على الأقل”، حيث قالت الحقوقية سارة ليا واتسون مديرة المنظمة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا إن إيران أعدمت 230 شخصًا على الأقل خلال عام 2016.
كما استنكر المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد بن الحسين الإعدام الجماعي لـ 20 شخصًا في إيران الأسبوع الماضي بسبب جرائم مزعومة تتعلق بالإرهاب.
وذكرت إذاعة الأمم المتحدة أن “التقارير تشير إلى أن معظم الذين أعدموا كانوا أكرادًا من الأقلية السنية في المجتمع. وفي كثير من الحالات، كانت هناك شكوك جدية حول عدالة المحاكمات، ومراعاة الإجراءات القانونية وغيرها من الحقوق”.
وأضافت: “أفادت التقارير بأن شهرام أحمدي، أحد الرجال الذين أعدموا، تعرض للضرب وأجبر على التوقيع على ورقة بيضاء سجل عليها اعترافا زائفا. ولم يتمكن أفراد أسرته من زيارته قبل إعدامه، ووردت إليهم توجيهات بالتوجه إلى المقبرة بدلًا من السجن غربي طهران”.
ومن جهة أخرى تداول ناشطون إيرانيون مقطعا بثته “حملة الدفاع عن السجناء السياسيين بإيران”، عن اعتصام نظمه المعتقلون السنة في سجن رجائي شهر بمقاطعة كرج، جنوب غرب طهران، حيث هتف المعتقلون بعبارات التكبير، احتجاجًا على تنفيذ الإعدامات الجماعية سرًا ضد 21 ممن أسموهم “الدعاة وطلبة العلوم الدينية”.
معتقلون آخرون قد يطالهم نفس المصير
تشير تقارير حقوقية إلى أنه يقبع حاليًا أكثر من 200 من الطائفة السنية الكردية، مهددون بالإعدام الوشيك في سجن رجائي شهر بمدينة كرج، غرب طهران، بتهم “التآمر ضد الأمن القومي” و”الدعاية ضد النظام”، حسب التهم الموجهة إليهم بمحاكم الثورة الإيرانية.
ويتوزع المعتقلون الآخرون على سجون كرج وطهران وسنندج وهمدان وكرمانشاه وأرومية وسقز ومهاباد ومريوان، فيما تشير التقارير إلى أنهم محرومون من حقوقهم الأساسية كباقي السجناء، وتتم معاملتهم بقسوة من قبل سلطات السجون، وفي الكثير من الأحيان يُمنعون من القيام بفرائضهم الدينية، حسب ما ذكرت التقارير.
أغلب هذه الاعتقالات تتم على خلفية نشاط مطالب برفض التمييز والاضطهاد ضد الأقلية السنية في إيران، حيث تشكو مجموعات سنية في إيران عمومًا مما يسمونه “التمييز الطائفي” ويتهمون النظام الإيراني بإقصائهم عن الحياة السياسية والحيلولة دون مشاركتهم في إدارة شؤون البلد ومنعهم من أداء شعائرهم.
الأقليات في إيران: تاريخ من الاضطهاد الدموي
حادثة الإعدامات الجماعية الأخيرة لنشطاء من الأكراد السنة في إيران بينهم الداعية شهرام أحمدي الذي اعتقل في العام 2009 واتهم بالانتماء لجماعات تكفيرية ، وحكم عليه بالإعدام بسبب نشاطه الدعوي في المساجد السنية الكردية، تفتح ملف الإعدامات المسيسة للأقليات في إيران، فليست هذه الحادثة المنفردة التي تقوم فيها السلطات الإيرانية بسياسة الإعدامات الجماعية.
آخر فيديو للداعية السني شهرام أحمدي قبل إعدامه في إيران
حيث شهد العام الماضي 2015 تنفيذ الإعدام بحق 6 نشطاء سنة من الأكراد الإيرانيين، وهم كل من حامد أحمدي وكمال ملائي وجمشید دهقاني وجهانغیر دهقاني وصديق محمدي وهادي حسيني، بتهم لا تختلف كثيرًا عن تهم الداعية شهرام أحمدي ومن أعدموا معه.
وكذلك في نوفمبر 2014، أعدم الشقيقان وحيد شه بخش (22 عاما) ومحمود شه بخش (23 عاما) من الأقلية البلوشية السنية، بتهم العمل ضد الأمن القومي الإيراني، وفي نفس العام كانت السلطات الإيرانية قد أعدمت في شهر يوليو الناشط البلوشي المعتقل في سجن زاهدان المركزي ياسين كرد بتهمة “محاربة الله ورسوله” بعد اعتقال استمر خمسة أعوام، على خلفية نشاطه المطالب بحقوق البلوش في إيران.
كما أعدمت السلطات الإيرانية عام 2013 حبيب الله ريغي، شقيق عبدالمالك ريغي، زعيم جماعة “جند الله” السنية، الذي أعدمته السلطات في يونيو 2010.
وفي أبريل من العام 2009 أعدمت السلطات الإيرانية الشيخ خليل الله زارعي والشيخ الحافظ صلاح الدين سيدي شنقا بتهم حمل وحفظ السلاح بطريقة غير شرعية ومعارضة النظام وتهديد الأمن القومي.
هذه الإعدامات الجماعية هي امتداد لسياسات ممنهجة تتم بحق الأقليات في إيران منذ اندلاع الثورة الإسلامية في العام 1979، فبعد الثورة الإيرانية بسنة واحدة، قامت القوات المسلحة الإيرانية بأمر من الرئيس الإيراني أبو الحسن بنی صدر بحملة تمشيط واسعة على المناطق الكردية في إيران وخاصة في مدن مهاباد وسنندج وباوه ومريوان، لمحاصرة تواجد العنصر الكردي في إيران.
وقد تتابعت سياسة الإقصاء السياسي والأيدلوجي على يد الحكومات المتعاقبة في إيران منذ ذلك الوقت ضد الهويات الوطنية والدينية والمذهبية التي تختلف مع هوية النظام الحاكم في طهران، وبالطبع في القلب منها الأقلية السنية التي بحسب بعض الإحصاءات تشكل 12% من السكان في إيران.
لذا تعد سياسة المحاكمات أمام ما يطلق عليها “المحاكم الثورية” في إيران، بوابة النظام الإيراني التي يعبر منها الناشطون من الأقليات العرقية والدينية إلى المشانق بعد إصدار أحكام على أساس تهم معلبة مسبقا، على غرار الإضرار بالأمن القومي.