دائمًا ما تثار نقاشات حول الدخل السنوي للأعمال ونسبة الإجهاد في الوظائف المختلفة، فهناك وظائف لا تتطلب أكثر من 32 ساعة عمل في الأسبوع أي دوام أربعة أيام في الأسبوع على افتراض أن العمل 8 ساعات يوميًا ويأخذ صاحبها دخلًا عاليًا دونًا عن وظائف أخرى تتطلب 48 ساعة عمل أو أكثر على مدى ستة أيام عمل ويوم إجازة واحد ويتقاضى صاحبها مرتبًا أقل من الأول بكثير، فما المحدد الرئيسي الذي يقف وراء هذا التفاوت، فهل جاء هذا الأمر اعتباطًا أم يتعلق بمزاج صاحب العمل الذي وظف العامل؟
محددات الدخل
وفيما يظهر أن أحد المؤشرات الرئيسية في تحديد الدخل لا يعتمد على عدد ساعات العمل بقدر ما يعتمد على القيمة المضافة التي يضيفها العامل، فالعامل الذي يقف على خط إنتاج عبوات بلاستيكية تناط له مهمة ترتيب أو تعبئة أو مراقبة علب البلاستيك على خط الإنتاج يختلف عن الشخص الذي تناط له إصلاح ماكينة الإنتاج في حال عطلها وهذا يختلف أيضًا مع الشخص الذي صنع هذه الماكينة، والأكثر اختلافًا من هذا وذاك هو المطور الذي يُعمل فكره البحثي في إيجاد طرق وبدائل لإنتاج علب البلاستيك بوقت وجهد أقل بحيث توفر تكاليف على صاحب المصنع.
وبالتالي فإن عمل المطور هو البحث من خلال أدوات بحثية منهجية يتقنها في تخصصه قد يوجد حلًا بسيطًا ولكن يوفر الملايين على صاحب المصنع، لذا فإن عمله البحثي له قيمة عالية جدًا مقارنة بما يفعله العامل الأول، ومن هنا يظهر أحد المحددات التي تضاعف من رقم الدخل وهو القيمة التي سيضيفها العامل.
مثال آخر، الشخص الذي يبيع في صالة مبيعات لهواتف محمولة يعمل في الأسبوع خمسة أو ستة أيام ويتقاضى معاشًا يتناسب مع المهارات التي يمتلكها والمهام التي ينفذها، في حين أن شخص آخر قد لا يعمل ثلاثة أيام في الأسبوع ويتقاضى معاشًا عاليًا، يتركز عمله في تطوير آلية عمل هاتف الشركة وإيجاد تحديثات جديدة لمضاعفة أداء وسرعة الجهاز بالإضافة للمزايا الأخرى، عمل هذا الشخص يعتمد على الجهد البحثي التطويري بشكل بحت وهذا ليس أمرًا يسيرًا ولا يتمكن الكثير من العمال إتقانه.
وهذا محدد آخر على حجم الدخل، الوفرة فمتى كان الأشخاص في مجال ما متوافرون بكثرة فإن المعاش يميل للانخفاض، في حين يميل للارتفاع في حالة الندرة أو قلة الأشخاص العاملين في هذا المجال، وبكل تأكيد تقف التراتبية الوظيفية كمحدد آخر في حجم الدخل فالرئيس التنفيذي يختلف معاشه عن المدير الإداري… إلخ.
تبقى أعمال أخرى مثل الطب بأنواعه والهندسة وباقي التخصصات وهي تتمتع بمعدلات دخل متفاوتة بحسب التخصص وصعوبته وغلاء ثمن المواد التي يعمل بها، فطبيب تقويم الأسنان يتقاضى دخلًا أعلى من طبيب التخصص العام، وطبيب القلبية يتقاضى أعلى من مهندس الديكور مثلاً، وطبيب العينية يتقاضى أكثر من المهندس المعماري وهكذا.
طبيب التقويم الأعلى دخلًا في الولايات المتحدة
بحسب مسح أجري على معلومات لمئات الوظائف في وزارة العمل الأمريكية وشبكة المعلومات المهنية في الولايات المتحدة تم تحديد الوظائف المرتفعة الأجر والأقل إجهادًا، طبعًا هذه الأعمال تتعلق ببيئة العمل الأمريكية دون غيرها، ولوحظ أن أكثر الوظائف التي حازت على دخول عليا تكون طبيعة العمل فيها بحثية علمية في مختلف التخصصات.
حيث بلغ دخل عالم المواد الذي يعمل في مجال البحوث ودراسة المستوى الذري والجزيئي وطرق تفاعلها مع بعضها البعض وتطوير منتجات أخرى 94.940 دولارًا وهذا التخصص مطلوب في الكثير من الوظائف البحثية، ويطلب في هذا العمل درجة البكالوريوس على الأقل، وحاملو درجتي الماجستير والدكتوراة.
فيما بلغ معدل الدخ لالسنوي لعالم الرياضيات 112.560 ألف دولار وهو مختص في إجراء البحوث الرياضية الأساسية أو في تطبيق تقنيات رياضية للعلوم وغيرها من المجالات وحل مشاكل في مختلف المجالات باستخدام الطرق الرياضية.
وفي مجال الطب بلغ أعلى دخل سنوي لطبيب تقويم الأسنان حيث يبلغ دخله السنوي 221 ألف دولار سنويًا، أما طبيب العيون يبلغ معدل دخله السنوي 115.70 دولارًا وطبيعة العمل هي فحص مشاكل البصر وأمراض العيون ووصف النظارات الطبية والعدسات اللاصقة حسب الحاجة.
وفي اختصاص الهندسة كان نصيب أعلى دخل لمهندسي قطع غيارات الحواسيب حيث يبلغ دخلهم السنوي 114 ألف دولار يقومون بتصميم وتطوير أجهزة الكمبيوتر والأداوت الملحقة بها لاستخدامات تجارية وصناعية وعسكرية، كما حقق مهندسو الكمبيوتر من المبرمجين ومطوري البرمجيات دخلاً سنويًا قارب الـ 100 ألف دولار.
ومن المهن الأخرى في القائمة متخصصو السمعيات بدخل سنوي بلغ 77 ألف دولار والمدراء التنفيذيون المسؤولون عن أنماط الصور البصرية في وسائل الإعلام والمنتجات والأفلام والمسلسلات، حيث بلغت رواتبهم السنوية 99 ألف دولار.