يعاني قطاع النسيج والملابس في تونس، من العديد من المشاكل والصعوبات نتيجة الأزمة الهيكلية التي يشهدها القطاع منذ سنوات، فضلاً عن تنامي عدد الشركات المستوردة للملابس الجاهزة وبيعها داخل البلاد وتزايد ظاهرة التهريب.
هذه الأزمة التي يعيش على وقعها قطاع النسيج والملابس، منذ أكثر من 10 سنوات، أدت إلى غلق ما لا يقل عن 300 مؤسسة وتسريح حوالي 40 ألف عامل خلال السنوات الخمس الأخيرة.
انخفاض صادرات القطاع
وتراجعت صادرات تونس من الملابس سنة 2015 بنسبة 28% مقارنة بسنة 2014، كما انخفضت واردات المواد الأولية إلى 17 بالمائة مما أدى إلى انحسار مساهمة القطاع في الميزان التجاري إلى 12.4%.
يرتكز التصدير في قطاع النسيج والملابس على الاتحاد الأوروبي
وتتراوح معدلات عائدات صادرات قطاع النسيج والملابس والجلود والأحذية سنويًا ما بين 3 و4 آلاف مليون دينار، أي قرابة 4% من الصادرات الوطنية.
وتمثل دول الاتحاد الأوروبي أهم وجهات التصدير في قطاع النسيج والملابس حيث تستقطب 96% من الصادرات.
وزارة الصناعة والطاقة والمناجم في تونس، من جهتها، أقرت بوجود العديد من الصعوبات التي يواجهها قطاع الملابس والنسيج في بلادها، نتيجة التداعيات السلبية للأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد، فضلاً عن منافسة المنسوجات الآسيوية للمنسوجات المحلية خاصة في الأسواق الأوروبية.
يوفر القطاع نحو 186 ألف فرصة عمل، منها 91 ألف فرصة توفرها المؤسسات المصدرة كليًا
يوجد في تونس، 2135 مؤسسة في قطاع النسيج والملابس من بينها 1690 مؤسسة تصديرية بنسبة 100%، كما نجد حوالي 997 مؤسسة ذات مساهمة أجنبية من بينها 632 ذات رأس مال أجنبي 100%.
ويوفر القطاع نحو 186 ألف فرصة عمل، منها 91 ألف فرصة توفرها المؤسسات المصدرة كليًا، وهو ما يعادل أكثر من 35% من العدد الإجمالي للفرص التي توفرها مختلف مؤسسات الصناعات المعملية.
أسباب الازمة
يؤكد العديد من المتابعين أن قطاع النسيج والملابس في تونس، يسير نحو الاندثار، نتيجة الأزمات التي يعرفها، على رأسها الأزمة الهيكلية التي يعيش على وقعها منذ أكثر من عشر سنوات.
يحمّل العديد من المتدخلين في القطاع، الحكومة التونسية مسؤولية المخاطر التي يواجهها قطاعهم
يرجع المراقبين تراجع القطاع إلى الأزمة الهيكلية التي يعرفها إلى جانب إغراق السوق المحلية بالمنتجات الموردة والمهربة، التي تعرض في المحلات وفي المساحات الكبرى، إضافة إلى تزايد ظاهرة التجارة الموازية.
ويحمل العديد من المتدخلين في القطاع، الحكومة التونسية مسؤولية المخاطر التي يواجهها قطاعهم خاصة وأنه تم فتح أبواب التوريد على مصراعيه دون قيد أو شرط ما أدى إلى ارتفاع الواردات من الملابس الجاهزة خلال السنوات الماضية إلى نحو 3% حسب تعبيرهم.
ارتفعت نسبة المنتجات الأجنبية من الملابس الجاهزة في السوق التونسية إلى 85%
وارتفعت نسبة المنتجات الأجنبية من الملابس الجاهزة في السوق التونسية إلى 85%، مقابل انخفاض نسبة المنتجات التونسية إلى ما دون 15%.
نتيجة هذه الأزمة، فقدت تونس العديد من الأسواق الخارجية نتيجة المنافسة الكبيرة من المغرب وتركيا ورومانيا، الأمر الذي أدى إلى حرمانها من طلبيات جديدة وافدة سواء من عملائها التقليديين أو عملاء جدد.
ارتفاع ظاهرة التجارة الموازية
من جهته قال الكاتب العام للجامعة العامة للنسيج والملابس والجلود والأحذية الحبيب الحزامي، إن “صمود قطاع النسيج، هو مسألة ظرفية، وقد لا يطول، في ظل تواصل التهريب والاستيراد العشوائي”.
وأرجع النقابي، هذا التهديد “بعدم احترام مبادئ الحصة، والمعاملة بالمثل”، لافتًا إلى أن “تهديدات حقيقية تواجه المصانع التي تنشط في تونس، وخاصة المصانع التي تقوم بعمليات المناولة، وتلك ذات النشاط المزدوج التي توجه نسبة عالية من منتجاتها إلى السوق المحلية”.
حملة وطنية للدفاع عن المنتج التونسي
سعيًا لإنقاذ قطاع النسيج والملابس في تونس أعلنت الجامعة العامة للنسيج التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) عن إطلاق حملة وطنية موجهة إلى التونسيين للدفاع عن منتج بلادهم ودعوتهم للتوجّه نحو الملابس والأحذية التونسية المصنوعة بأياد تونسية حماية للآلاف من مواقع العمل وحفاظًا على مورد رزق آلاف التونسيين.
يقدّم قطاع النسيج، على أنه أحد أكثر الصناعات حركية في العالم
وأكد القائمون على هذه الحملة، أن حملتهم تأتي في ظل تنامي عدد الشركات المستوردة للملابس الجاهزة وبيعها في تونس، على اعتبار ما يمثله ذلك من خطر على النسيج الاقتصادي الوطني وكذلك على النسيج الاجتماعي وعلى مواطن الشغل.
ضرورة دعم الإنتاج المحلي
يقدّم قطاع النسيج، على أنه أحد أكثر الصناعات حركية في العالم، ذلك أنه يعرف طلبًا عالميًا متناميًا بنسبة حوالي 3% سنويًا، ويبلغ حجم المبادلات التجارية الدولية فيه حوالي 400 مليار دولار، وتحتل المرتبة الخامسة بين مبادلات المنتجات المعمليّة، وتوجد في أوروبا حوالي 100 ألف مؤسسة تشغل مليونين ونصف عامل، وتحتل المرتبة الأولي في قائمة المصدرين العالميين بنسبة 40%من حجم التجارة العالمية لمنتجات النسيج والملابس، تليها مباشرة الدول الآسيوية بنسبة 38%، ثم دول أمريكا اللاتينية بنسبة 9%.