تعلمت السباحة في سن الثالثة على يد والدها وهي تعمل منذ أصبحت في سن العاشرة لتشارك في دورة الألعاب الأولمبية، إنها يسرا مارديني؛ الشابة التي تبلغ 18 ربيعًا، اللاجئة السورية في ألمانيا والتي تشارك في بطولة السباحة في أولمبياد ريو دي جانيرو، هي نفسها التي ساعدت قبل عام بالضبط مع أختها على سحب القارب المطاطي الذي كان يُقلهم إلى اليونان وعلى متنه عشرون شخصًا، فبعدما كان مصير القارب الغرق المحتم بسبب تعطل في المحرك وتسرب المياه إلى داخله، قفز من القارب سباحتين ماهرتين هما يسرا وسارة مارديني، سبحتا بالقارب لمدة ثلاث ساعات متواصلة حتى وصلتا به إلى شاطئ جزيرة لسبوس اليونانية وأنقذتا كل من في القارب.
فهل هي الصدفة فقط، التي حملت مارديني للمشاركة في بطولة الألعاب الأولمبية في ريو دي جانيرو، أم هو الموقف البطولي الذي أنقذت مع شقيقتها 20 شخصًا على متن ذلك القارب المتهالك!
لا الصدفة ولا الثلاث ساعات اللتان حملتا يسرا إلى ريو دي جانيرو؛ بل هو حلمها وشقغفها الذي رافقها منذ طفولتها، فهي سبق لها وأن أحرزت لقب بطولة سوريا في مسابقات 200 و400 متر سباحة حرة، وبطولة في سباق 100 و200 متر فراشة كما شاركت في العام 2012 في دورة الألعاب الآسيوية، وكذلك شاركت في نفس العام في بطولة العالم للسباحة للمسافات القصيرة بتركيا.
الكثيرمن الناس يعتبرونني مصدر إلهام ولا أريد أن أخيب أملهم، المهاجرون ليسوا فقط ضحايا، يمكننا أن نفعل ونحقق شيئًا ما
يسرا كانت تحلم أن تشارك في الأولمبياد وتمثل بلادها في هذا الحدث الرياضي الكبير، لم تكن تعتقد في يوم من الأيام أن الأقدار ستحملها للمشاركة في أولمبياد ريو دي جانيرو فهذا الحلم كان أقرب من المستحيل إلى أن جاء رئيس اللجنة الأولمبية توماس باخ ومنحها وغيرها من اللاجئين حق المشاركة بصفة “البعثة الأولمبية للاجئين” وقال: ” في ظل حرمان هؤلاء اللاجئين من تشكيل فريق وطني وفي غياب علمهم ونشيدهم الوطني أيضًا، نرحب بهم للمشاركة في الألعاب الأولمبية وسنضمهم تحت علمنا ونشيدنا الوطني، هكذا سيكون لهؤلاء منزل يشاركونه مع 11 ألف رياضي”، وأكدت اللجنة أن الفريق سينافس بمهاراته الرياضية وليس بوضعه السياسي.
بعد وصول الشقيقتين مارديني إلى برلين قامت جمعية خيرية محلية بإدخالهما إلى نادي سباحة قريب من مخيم اللاجئين يحمل اسم“Wasserfreunde Spanddau 04” ففي ألمانيا 90 ألف نادي رياضي، ومن خلال دعم اللجنة الأولمبية للاجئين في مجال الرياضة وتخصيص 2 مليون دولار لهم، سيتمكن اللاجئون من الانضمام لتلك النوادي وممارسة الرياضة في برامح الاندماج من خلال الرياضة.
ووقع الاختيار على يسرا من بين المرشحين لفريق اللاجئين ليشارك في أولمبياد ريو دي جانيرو، وتم تعيين المدرب سيفين لصقل موهبتها بالشكل الذي يمكنها من تحقيق الفوز في البطولة.
يسرا في الأولمبياد
بدأت يسرا البطولة بداية مشجعة حيث أحرزت المركز الأول على مجموعتها في منافسات الـ 100 متر فراشة إلا أنها حصلت على المركز 41 في المجمل من حيث توقيت جميع المتسابقات وهذا لا يأهلها لعبور التصفيات سوى أن فرصة تنتظر مارديني يوم الأربعاء القادم في تصفيات الـ100 متر سباحة حرة قد تمكنها من العبور إذا كانت ضمن أفضل 16 زمنًا.
مدرب مارديني يقول أن الإصرار هو الشيء الذي قد يقودها للفوز في الأولمبياد على الرغم أن هدفهما كان منصبًا على المشاركة في أولمبياد طوكيو على المدى الطويل. وما تحتاج إليه لتحقيق الفوز هو القدرة على اجتياز المسافة المحددة في وقت أقل بثوان مما تحققه في التدريبات وهذا يتطلب منها مزيدًا من التمرين والإلتزام بالوجبات الصحية.
فخورة بتمثيل جميع اللاجئين وأدعوهم لمواصلة الكفاح وعدم التخلي مطلقًا عن أحلامهم.
إلا أن هناك أمر آخر قد يساعد مارديني على الفوز وهو الحب الذي منحه العالم لها إذ خطفت يسرا الأضواء في البطولة وبدأت تتلقى مئات الطلبات لعمل لقاءات تلفزيونية وصحفية معها وقررت هوليود إنتاج فيلم سينمائي يحكي قصة كفاح وبطولة يسرا مارديني، كما طلبت محطة تلفزيونية كبيرة مرافقتها في مشوارها لمتابعة رحلتها في الأولمبياد إلا أن مدربها رفض ذلك ممتذرعًا أن ذلك سيشتت تركيزها ويحرف مسيرتها بالكامل بسبب وهج الإعلام.
قد يحتاج من مارديني حتى يوم الأربعاء القادم أن تجلس قليلا وتتأمل؛ عليها أن تحقق أحلام اللاجئين كونها تمثلهم، أولئك الذين غرقوا في البحر هربًا من الحرب الدائرة في بلادهم وتحقق الفوز لهم…أن تحمل حلم كل الأطفال الذي وجدوا على الشواطئ بعد غرق قواربهم المطاطية في عرض البحر… هذه الأفكار كفيلة بمارديني أن تمدها بحيوية وطاقة للظفر والفوز واعتلاء المنصة وتكون بحق ملهمة اللاجئين.