البيت الأبيض يكشف أخيرًا “قواعد اللعبة” لاعتقال وقتل المتهمين بالإرهاب

أعلنت إدارة أوباما مبادئها التوجيهية الداخلية، بشأن كيفية اتخاذ قرار قتل أو اعتقال الإرهابيين المزعومين في جميع أنحاء العالم، بعد ثلاث سنوات من دخولها حيز التنفيذ، والتي تعطي نظرة عن البيروقراطية وحرب الطائرات دون طيار، المسؤولة عن مئات الغارات في اليمن وباكستان والصومال وأماكن أخرى، وسيسلم نظام الرئيس أوباما هذه المبادئ لمن سيخلفه.
وتبين المبادئ التوجيهية أن العملية ترتكز في البيت الأبيض، وتحديدًا في مجلس الأمن القومي، كما تصف أيضًا عملية الموافقة على ما يسمى توقيع الضربات، حيث يكون الهدف من الضربة ليس معروفًا “إرهاب ذو قيمة عالية”، لكن بعض الأهداف الإرهابية الأخرى يمكن أن تكون عبارة عن مجموعة من الناس يظهرون سلوكًا مشتبهًا به، أو سيارة أو مبنى أو غيرها من البنى التحتية.
ومع كل هذه التفاصيل الإجرائية، فإن هذه التوجيهات الرئاسية، أو “قواعد اللعبة”، كما كان يطلق عليها، لا تقدم رؤية جديدة في متى وأين، وتحت أي ظرف يمكن للسلطات قتل شخص ما، أو أي نوع من الذكاء قد يصبح ضروريًا، لاتخاذ مثل هذا القرار.
والكثير من هذه المستندات، التي صدرت بتاريخ 22 مايو 2013، أعطت أصداءً لتصريحات أدلى بها مسؤولون في الإدارة الأمريكية على مدى عدة سنوات ماضية، وعن المواد التي سبق إصدارها، وقدمت المعايير العامة لاستهداف أهداف إرهابية، بعيدًا عن ساحات القتال النشطة العامة، وفي شهر مايو، عندما ألقى الرئيس خطابًا، أعطى نسخة مختصرة من هذه المبادئ التوجيهيه، ووعد بأن الولايات المتحدة ستتخذ إجراءات مميتة ضد الإرهابيين، إذا استمروا في تشكيل تهديد وشيك لمواطني الولايات المتحدة ، أو إذا كانت القبضة ليست محكمة.
واستغرق الحصول على نسخة كاملة منقحة من هذه التوجيهات السرية، والمكونة من 18 صفحة، رفع دعوى قضائية من قبل الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية، ويقول جميل جعفر نائب المدير القانوني لاتحاد الحريات المدنية: “إن هذه الوثيقة لا تقول لنا شيئًا جديدًا حول المعايير الموضوعية، التي يستخدمونها لتحديد ما إذا كان يمكن أن تستهدف أي شخص”، مضيفًا كنا نأمل أن يكون لديهم توضيحًا عما تعنيه تلك الكلمات “المستمرة” و”وشيك” و”ممكنا” أو “غير مجدية”.
وفي بيان، شكك اتحاد الحريات المدنية أيضًا في أنه كيف يمكن التوفيق بين المعايير الصارمة نسبيًا، مع رؤى شهود العيان والصحفيين، وبحوث حقوق الإنسان، التي وثقت أعدادًا كبيرة من الضحايا بين المارة من هجمات الطائرات دون طيار.
من يوافق على “الإجراءات المباشرة”
ووفقًا للإرشادات، فإن وكالة التشغيل – وكالة المخابرات المركزية أو وزارة الدفاع – تعد “خطط التشغيل لاتخاذ إجراءات مباشرة”، سواء ضربات أو اعتقالات، أو حالات أخرى، وتخضع تلك الخطط لمراجعة قانونية، من قبل وكالات المحامين العامين والمستشار القانوني لمجلس الأمن القومي، ومن ثم يتم اعتبارها من دائرة المستشارين في البيت الأبيض، التي تعرف باسم مدراء المدارس “لجان النواب”، وتتكون من رؤساء أو نواب رؤساء وزارات الخارجية والدفاع والعدل والأمن الداخلي، كذلك وكالة الاستخبارات المركزية، وهيئة الأركان المشتركة، والمركز القومي لمكافحة الإرهاب.
ويجب أن تشمل الخطط الناحية القانونية والتكتيكية والمنطق السياسي لتنفيذ الضربات، وأي نوع من أصول الضربات والمراقبة ستستخدم، ومتى ستظل سلطة اتخاذ الإجراءات في مكانها، وفور وصول اللجنة إلى قرارها بشأن الخطة، يتم إبلاغ الرئيس لأخذ موافقته النهائية.
وتتضمن الوثيقة أنه ليس شرطًا أن يوقّع الرئيس على أسماء الأفراد ذوي القيمة الإرهابية العالية لقتلهم، ما لم يكن هناك خلاف داخل مجلس الأمن القومي، وإذا كان هذا الفرد هو مواطن أمريكي فيتم تقدير العقوبة في وزارة العدل، وإذا أرادت الوكالة أن ترشح شخصًا للقتل، فإنها تنشئ ملفًا تعريفيًا له، يعتمد على تقارير الاستخبارات، التي تتم مراجعتها من قبل لجنة مشتركة من مستشار مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض ليزا موناكو حاليًا، ومرة أخرى، يمر الملف عبر المحامين في الوكالة و مجلس الأمن القومي، قبل أن يذهب إلى لجنة النواب، وفي نهاية المطاف يصل إلى لجنة مديري المدارس لاتخاذ قرار نهائي.
وعلى الرغم من أن العملية تشير إلى وجود درجة عالية من السيطرة في البيت الأبيض، فبصفة عامة العملية الفعلية لا تزال تتم تحت قيادة الجيش أو وكالة المخابرات المركزية، وتتبع عملية مماثلة بالموافقة على خطط لتوجيه ضربات ضد أهداف إرهابية أخرى من الإرهابيين ذوي القيمة العالية، ويبدو أن القسم يعد لتوقيع ضربات ضد الذين تهاجمهم الولايات المتحدة دون معرفة هويتهم، وتشمل الأمثلة الواردة في سياسات المبادئ التوجيهية: المركبات التي تحمل العبوات الناسفة، أو البنية التحتية بما في ذلك مرافق تخزين المتفجرات، ولتنفيذ غارة فعلية، كما يبدو من المبادئ التوجيهية، فإن اللجنة والرئيس يتدخلون فقط عندما يكون هناك خلاف حول عملية.
وإذا كان المشتبه به تم القبض عليه، وهو أمر نادر الحدوث في ظل إدارة أوباما، فان الرئيس يجب أن يوافق على الخطة، وبين مختلف الاعتبارات فإن الخوض في قرار القبض على شخص ما، مثل كيف ومتى سيتم توقيفه والتحقيق معه، وإذا كان بالإمكان أن يحاكم في محكمة مدنية أو لجنة عسكرية، وشيء واحد قد كتب بوضوح: “في أي حال سوف يتم تقديم المعتقلين إلى مرافق الاحتجاز في القاعدة البحرية في خليج غوانتانامو”.
والعملية المنصوص عليها في المبادئ التوجيهية، هي أكثر تفصيلاً، لكنها لا تختلف كثيرًا عن تلك المذكورة في 2013، في وزارة الدفاع بشأن عرض نشرته صحيفة “إنترسبت” في الخريف الماضي، وعلى الرغم من أن الوثيقة تضمنت معلومات إضافية بشأن كيفية تنفيذ الجيش لضربات في اليمن والصومال في ذلك الوقت، وعلى سبيل المثال، تضمن عرض التفاصيل في الوثيقة أنه بمجرد أن تمت الموافقة من قبل البيت الأبيض على الهدف، كان لدى الجيش فترة سماح لمدة 60 يومًا للمضي قدمًا في العملية.
ولا تحدد التوجيهات الصادرة حديثًا كم ستستمر العمليات، التي سمحت بها السلطات في الماضي، على الرغم من أنها ذكرت أن القضية ضد الأفراد الذين على قائمة توجيه ضربات قاتلة، يجب إعادة النظر فيها في كل عام، وتلاحظ اللجنة أيضًا أنه إذا أصبحت “خيارات الاعتقال” ممكنة في أي لحظة، فيجب أن يكون هناك إعادة تقييم عاجل من السلطة في أمر قتلهم.
ونشرت وزارة الدفاع أيضًا وثيقتين منقحتين بشكل كبير، تصف تنفيذها للتوجيهات السياسية العامة، جنبًا إلى جنب مع رسالة إلى مجلس الشيوخ في عام 2014، مشيرة إلى أن وزارة الدفاع الأمريكية تعتبر حركة طالبان وشبكة حقاني، والجماعات الاخرى التي تقاتل إلى جانبهم، ضد القوات الأمريكية في أفغانستان، هي “قوات مرتبطة” بتنظيم القاعدة، جنبًا إلى جنب مع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، الموجود في اليمن، وتم تعتيم بعض أجزاء من القائمة للقوات المرتبطة بالقاعدة، وجميع المجموعات التي تعتبر تابعة لتنظيم القاعدة أيضًا.
والقوات المرتبطة بالقاعدة، تندرج تحت ترخيص عام 2001، لاستخدام القوة العسكرية ضدها، الذي أصبح قانونًا بعد أسبوع فقط من هجمات 11 سبتمبر، التي استخدمتها الإدارة على مدى خمسة عشر عامًا، لتبرير العمليات الفتاكة في العديد من البلدان، وبعد عملية البيت الأبيض، عمل البنتاجون على ملاحظة تحليل الهدف تلو الهدف للسلطات القانونية، والجماعات التي لم يتم تحديدها حاليًا كقوات مرتبطة بالقاعدة، التي ربما لا تزال مستهدفة إذا طرأ وضع جديد، كما تتضمن الإرشادات تنازلاً كبيرًا للرئيس لتجاهله لحالات “الدفاع الوطني عن النفس”، و”الفرص العابرة”، أو حتى تخويله بتوجيه ضربة ضد أي شخص يشكل تهديدًا لأشخاص في بلد آخر.
لا ينطبق الدليل على العمليات في مناطق الأعمال العدائية الفعلية، التي تحددها الإدارة حاليًا في العراق وسوريا وأفغانستان، ما دفع متحدث باسم البيت الأبيض نيد بريس، للترويج مرة أخرى لتقارير بأن الضربات في المناطق القبلية، الخاضعة للإدارة الاتحادية في باكستان، على طول الحدود، لا يغطيها التوجيه، لكنه لم يكن واضحًا ما إذا كانت الضرابات المطلوبة في المنطقة الحدودية تقع في تعريف الإدارة عن الأعمال العدائية الفعلية.
والمبادئ التوجيهية هي أحد أكثر الاعتراضات في مؤسسة إدارة أوباما من ضربات مكافحة الإرهاب، ومن الطائرات دون طيار وغيرها من الوسائل، وبعيدًا عن ساحات المعارك التقليدية، وأصدر البيت الأبيض في الشهر الماضي، أرقامًا لضحايا هذه الضربات خلال رئاسة أوباما، مشيرًا إلى أن ما يصل إلى 2600 شخص لقوا حتفهم في 473 ضربة في 7 سنوات، وتعتقد الإدارة الأمريكية أن ما بين 64 و116 كانوا من المدنيين، ويبلغ العدد المتنازع عليه من المدنيين، الذي وضعه المراقبون الخارجيون ما بين 200 و1000.
وحتى مع انخفاض وتيرة هجمات الطائرات دون طيار، خصوصًا من قبل وكالة الاستخبارات المركزية، بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة من رئاسة أوباما، لكنها لم تنته تمامًا، فبعد ضرب القوات الأمريكية لزعيم حركة طالبان في غارة في باكستان في مايو، التي أسفرت عن مقتل سائق سيارة أجرة، كانت الضربات في اليمن أكثر تواترًا، وكان هناك اثنتان من الهجمات واسعة النطاق في اليمن والصومال في مارس، قتل فيها العشرات من المقاتلين المزعومين.
المصدر: إنترسبت / ترجمة: صحيفة التقرير