بدأ عهد الميلاد الجديد بين روسيا وتركيا الذي قال عنه أردوغان قبيل سفره إلى سان بطرسبورغ الروسية، حيث أكد بوتين في المؤتمر الصحفي الذي جمع الزعيمين أن روسيا تريد استئناف العلاقات مع تركيا بشكل كامل، وقد تم رسم الخطوات الأولى لاستعادة المستوى الذي كانت عليه العلاقات بين البلدين قبل أزمة إسقاط الطائرة في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي 201، ولم يخف على أحد محاولة كلا الزعيمين عدم التطرق في المؤتمر لمناقشة الأزمة السورية مع تأكيدهما على السعي لإيجاد حلول للأزمة السورية من خلال لقاءات بين وزارتي الخارجية في البلدين وأجهزتهما الاستخباراتية.
حيث طغى على اللقاء نقاش القضايا الاقتصادية سواء المعمول بها مثل السيل التركي والمحطة النووية أكويو وإيجاد فرص استثمارية لرفع التعاون الاقتصادي بين البلدين فضلاً عن محاولة حل المشاكل العالقة المتعلقة بالرحلات السياحية والقيود المفروضة على الواردات التركية والتأشيرات على الأتراك.
الموقف الأمريكي من اللقاء الروسي أفاد أنه لن يضعف العلاقات الثنائية بين أنقرة وواشنطن
تأثر العلاقات الاقتصادية الروسية – التركية بالأرقام
يبلغ حجم التبادل التجاري للبضائع بين البلدين قرابة 30 مليار دولار سنويًا مع وجود ملياري دولار استثمارات متراكمة بين البلدين، فيما يستهدف البلدان أن يصل حجم التبادل التجاري في العام 2023 نحو 100 مليار دولار، تستورد تركيا غاز روسي بمقدار 26 مليار مترمكعب أي ما نسبته 55% من احتياجات تركيا من الغاز الطبيعي، وبلغ حجم الصادرات الروسية إلى تركيا 17.8 مليار دولار في العام 2014، ويتم العمل على بناء محطة أكويو النووية في تركيا بقيمة 25 مليار دولار وجاري التفاوض بشأن مشروع “السيل التركي” للغاز الطبيعي.
أما تركيا فتحتل المرتبة السابعة بين الدول المصدرة إلى روسيا، ويشكل السياح الروس موردًا مهمًا للاقتصاد التركي حيث زار 4.38 مليون روسي ادخلوا نحو 36 مليار دولار إلى الاقتصاد التركي، وتصدر تركيا إلى روسيا المنتجات النسيجية والأغذية وسيارات ومنتجات متنوعة، يذكر أن عدد المعاهدات الموقعة بين البلدين تبلغ 60 معاهدة في جميع المجالات.
أما خسائر تركيا بعد توتر العلاقات مع روسيا، انخفاض عائدات السياحة من روسيا بنحو 78% حيث تراجعت أعداد السياح الروس بنسبة 93% في يونيو/ حزيران الماضي مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، وتوقف المفاوضات بشأن مشروع السيل التركي للغاز الطبيعي وتراجع الصادرات التركية الغذائية إلى قرابة 730 مليون دولار وبلغت الخسائر الاقتصادية في العام 2015 للاقتصاد التركي قرابة 20 مليار دولار أي ما نسبته 3% من الناتج المحلي الإجمالي التركي، وتراجعت نسبة المبادلات التجارية بين البلدين بنسبة 43% إلى 6.1 مليار دولار في الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي.
مرحلة مختلفة في العلاقات الروسية التركية
صرح أردوغان قائلاً إن الجانبين يمتلكان الإرداة اللازمة لتطوير العلاقات بين البلدين التي ستدخل مرحلة مختلفة وسيتم رفع مستوى التعاون في مجال الصناعات الدفاعية وإعداد برنامج للتعاون التجاري والاقتصادي والثقافي والصناعي يشمل الأعوام من 2016 وحتى العام 2019.
حيث اتفق صندوق الاستثمار المباشر الروسي وشركة التطوير والاستثمار التركية ونيسانس على توسيع تعاونهما الاستثماري ليبلغ حجم استثمار الأموال المتوقع 200 مليون دولار من كل جانب، حيث سيتم البحث عن مشاريع استثمارية جذابة في الاتحاد الروسي بحيث يتم استهداف الرعاية الصحية والبناء والبنية التحتية والعقارات التجارية كمجالات ذات أولوية للتعاون بين الطرفين بحسب ما أدلى به الصندوق الروسي، الذي يبلغ رأسماله الاحتياطي قرابة 10 مليارات دولار.
وسيتم منح مشروع محطة أكويو النووية وضعية الاستثمار الاستراتيجي بحسب ما صرح به الرئيس التركي وقال إنه سيتم اتخاذ الخطوات اللازمة بهذ الخصوص، بينما صرح بوتين أن الجانب التركي اتخذ قرارات سياسية محددة لاستمرار العمل في تنفيذ مشروعي الطاقة الاستراتيجيين: السيل التركي ومحطة أكويو، وأوضح أن واحدًا من أنابيب السيل التركي يهدف لتلبية الاحتياجات المتزايدة للسوق التركية من الغاز في حين أن الآخر لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر تركيا.
وعن موعد انتهاء مشروع السيل التركي الذي تم تعليق العمل فيه إبان الأزمة بين البلدين، قال ألكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي إن أول فرع من خط أنابيب السيل التركي يمكن أن يبنى في النصف الثاني من العام 2019 وصرح أنه قبل البدء بالمشروع على كلا البلدين أن يتفقا على كل الوثائق القانونية للتوقيع على خريطة طريق اتفاق حكومي لتنفيذ المشروع والحصول على تصاريح له.
والجدير بالذكر أن روسيا سبق وأن ألغت في العام 2014 مشروع السيل الجنوبي لنقل الغاز من روسيا إلى أوروبا الجنوبية مارًا عبر بلغاريا وصربيا وهنغاريا، بعد قرار صدر عن البرلمان الأوروبي يعيق تنفيذ المشروع حيث توجهت المفوضية الأوروبية إلى حكومة بلغاريا تطلب منها وقف الأعمال، لذا لم تحصل روسيا على موافقة السلطات البلغارية.
وتقرر في الزيارة إعادة العمل على زيادة التبادل التجاري إلى مستوى 100 مليار دولار في الأعوام القادمة، وذكر بوتين بهذا الخصوص أن موسكو وأنقرة ستوليان اهتمامًا خاصًا بزيادة الاستثمارات والتبادل التجاري حيث تتمتع الحكومتين بدعم أوساط الأعمال في هذا الاتجاه.
رحلات التشارتر ستستأنف قريبًا بحسب ما أكده بوتين حيث قال إنها مسألة فنية وستتم في أقرب وقت حيث سيساهم إعادة رحلات الشارتر من روسيا إلى تركيا إلى عودة شريان الحياة لقطاع السياحة في تركيا، وقد أكد الرئيس التركي في المؤتمر الصحفي أن القطاع السياحي تكبد خسائر فادحة جراء القيود الروسية المفروضة على تركيا وأكد على اتخاذ خطوات فعالة من أجل استئناف الرحلات السياحية بين البلدين.
رحلة التشارتر هي عبارة عن قيام شركات طيران غير منتظمة بتنظيم رحلات منخفضة التكلفة للوفود السياحية ضمن رحلات سياحية شاملة في مواسم معينة بشرط تحقيق حجز يتجاوز 90% من حمولة الطائرة، وحول التأشيرات المفروضة على الأتراك من قبل روسيا قال بوتين إنه ينبغي معالجتها مع الأخذ بالاعتبار صلتها بقضايا التعاون الاقتصادي.
كما وذكر وزير التنمية الاقتصادية الروسي ألكسي أولوكايف أنه سيرفع الحظر المفروض على المنتجات الزراعية التركية قبل نهاية العام الحالي، مع ضرورة أن تتحقق روسيا من أن المنتجات الزراعية التركية ستلبي بعض المعايير المعينة.