بدأ رئيس الوزراء التونسي المكلّف يوسف الشاهد مشاورات تشكيل حكومة الوحدة الوطنية على أمل أن تعالج هذه الحكومة الجديدة، الملفات العالقة التي تركتها الحكومات التي سبقتها وأن تجد الحلول الكفيلة لتجاوز الأزمات التي تعيش على وقعها البلاد.
حكومة الشاهد ستجد نفسها أمام ملفات شائكة في مقدمتها الوضع الأمني والأزمة الاقتصادية وتحقيق التوازن الاجتماعي في البلاد، وستعتمد هذه الحكومة في عملها على “وثيقة قرطاج” التي قسمت أولوياتها على ستّة محاور رئيسية، أولها كسب الحرب على الإرهاب، وتسريع نسق النمو لتحقيق أهداف التنمية، ومقاومة الفساد وإرساء مقومات الحكومة الرشيدة، والتحكم في التوازنات المالية ومواصلة تنفيذ سياسات اجتماعية ناجعة، وإرساء سياسة خاصة بالمدن والجماعات المحلية، إضافة إلى دعم نجاعة العمل الحكومي واستكمال تركيز المؤسسات.
وضع اقتصادي صعب
تواجه تونس وضعًا اقتصاديًا واجتماعيًا وأمنيًا صعبًا دفع الحكومات المتعاقبة إلى التركيز على هذه النقاط الثلاثة.
تراجعت قيمة الدينار التونسي مقابل الدولار وارتفعت معدلات البطالة
اقتصاديًا، تواجه تونس وضعًا صعبًا، قال الشاهد إنه سيصارح الشعب بحقيقته، حيث لم تتجاوز نسبة النمو الاقتصادي في البلاد 1% خلال الربع الأول من 2016، فيما توقع البنك المركزي التونسي قبل أيام أن تبلغ نسبة النمو في 1.3% مقارنة مع نمو فعلي نسبته 0.8% سنة 2015.
كما تراجعت قيمة الدينار التونسي مقابل الدولار وارتفعت معدلات البطالة التي بلغت في الربع الأول من 2016 نحو 15.4% وازدادت معدلات الفساد في القطاع الخاص والعام وارتفعت معدلات المديونية.
ارتفاع نسبة البطالة في تونس
سبق لحزب نداء تونس الفائز في الانتخابات التشريعية الأخيرة أن وعد في حملته الانتخابية بإحداث 16 قطبًا تكنولوجيًا و800 كلم من الطرقات السيارة و20 ألف كلم من الألياف الضوئية ومنح مليار دينار قروضًا دون فوائد للشبان و20 مشروعًا صناعيًا كبيرًا و125 مليار استثمارات نصفها في الجهات الداخلية، وتهذيب 600 حي شعبي من جملة 1200 حي وإحداث مركب رياضي وثقافي وترفيهي في كل معتمدية، وإحداث 90 ألف موطن شغل، سنويًا.
وضع أمني غير مستقر
أمنيًا، تواجه تونس العديد من التهديدات الإرهابية التي تحول دون إعادة نسق الاستثمار الخارجي إلى مستواه الطبيعي أو مساعدة القطاع السياحي في إعادة نشاطه المعهود، كما تواجه البلاد العديد من التحديات لبسط نفوذها على كامل أنحاء البلاد، خاصة في المناطق الحدودية، حيث تنشط عصابات التهريب والإرهابيين.
استهداف منتجع بمحافظة سوسة
شهدت تونس، خلال السنوات الأخيرة، العديد من العمليات الإرهابية التي راح ضحيتها عشرات الجنود والأمنيين والسياح الأجانب، كان أعنفها في محافظة سوسة الساحلية حيث سقط 39 قتيلاً معظمهم من الأجانب.
ماتزال قضايا الاغتيال السياسي تراوح مكانها رغم تعهّد “نداء تونس” بالكشف عن حيثيتها
وسعت تونس على مر السنوات الستة الأخيرة إلى تدعيم القدرات المادية واللوجستية لقواتها الأمنية والعسكرية، إضافة إلى مقاومة التهريب وتشديد الرقابة على تمويلات الجمعيات ووضع استراتيجية وطنية لمقاومة الإرهاب، والتي ما تزال قيد الدرس إلى وقتنا الحالي.
أما قضايا الاغتيال السياسي فماتزال تراوح مكانها رغم تعهّد حزب نداء تونس منذ الحملة الانتخابية سنة 2014 بالكشف السريع عن قتلة شكري بلعيد ومحمد البراهمي.
احتقان اجتماعي كبير
على المستوى الاجتماعي، تعيش تونس على وقع احتقان اجتماعي كبير في مناطق عديدة من البلاد، نتيجة فشل الدولة في معالجة العديد من المسائل الاجتماعية على رأسها التشغيل، إلى جانب انهيار المقدرة الشرائية للمواطنين وتزايد معدلات الجريمة.
عرفت تونس خلال السنوات الأخيرة، العديد من التحركات الاحتجاجية، على غرار ما حصل في يناير 2016
وعرفت تونس، خلال السنوات الأخيرة، العديد من التحركات الاحتجاجية على غرار ما حصل في يناير 2016، حيث طالب المحتجون بالتشغيل وتكافؤ الفرص والتحكم في الأسعار ومحاربة الفساد، إلا أنه تم مواجهة احتجاجاتهم السلمية، أمنيًا، الأمر الذي زاد نسبة الاحتقان الذي تعيش على وقعها البلاد.
وشهدت تونس منذ 14 يناير 2011، تعاقب 7 حكومات على السلطة، كان أمامها مطالب ملحة هي تحقيق المطالب التي ثار من أجلها شعب يتوق للتشغيل والحرية وللكرامة الاجتماعية.