ترجمة من التركية نون بوست
لا يقل التنظيم النسوي التابع لمنظمة فتح الله غولن، أهمية عن التنظيم الشبابي التابع للمنظمة، حيث قام التنظيم النسوي بجمع التبرعات وتوفير السيولة المالية للمنظمة بعد المحاولة الانقلابية التي جرت يوم 15 تموز/يوليو. كما بدأت الحقائق تتكشف أكثر فأكثر حول هذا التنظيم وآليات عمليه ومهامه.
وقد لاحظنا قادة التنظيم النسوي، وهنّ ما يطلق عليهنّ “الأبلة” (أي الأخت الأكبر)، لاحظناهم وهم يطوفون على البيوت ويطلبون من الناس “عدم التصويت لحزب العدالة والتنمية”، وشاهدناهم كذلك يخرجون في مظاهرات بعد وضع صحيفة زمان تحت الوصاية، كما تواجدوا في العديد من المظاهرات والاحتجاجات ضد حزب العدالة والتنمية. فما هو التنظيم النسوي؟ وما دور “الأبلة” فيه؟
جمع “الهمة” (التبرعات)
وقد تحدث “أوميت أكدمير” مسؤول سابق في جمعية تابعة لمنظمة غولن، بأنّ عدد النساء اللواتي يقمن بدور “الأبلة” يُقدر في منظمة غولن بـ 73 ألف امرأة، مشيرا إلى أنّه من السهل عليهنّ الوصول إلى المناصب الحساسة في الدولة، كون فتح الله غولن يمنحهن الفتاوي للقيام بأي شيء من أجل التمويه والوصول إلى المنصب، معتمدين على أنّ الغاية تبرر الوسيلة، وأنه يجوز لهن نزع الحجاب، والتبرّج، في مقابل الوصول إلى الغاية المطلوبة منهن.
وأشار “أكدمير”، الذي ترك منصبه بعد أحداث 17-25 كانون أول/ديسمبر، إلى أنّ هؤلاء النسوة استلمن ملف جمع ما يسمونه “الهمّة”، وهي التبرعات التي تجمعها المنظمة من رجال الأعمال ومن أتباعها، وذلك بعد اكتشاف العاملين على جمع “الهمة” من الرجال. وأضاف بأنّ كل “أبلة” فتحت لها دكانا، أو محل تجاري، من أجل التغطية على عملهن الحقيقي وهو جمع التبرعات، حيث كانت تأتي النسوة إليهن كأنهن يردن شراء بضائع، لكن الواقع يقمن بتسليم التبرعات “للأبلة” المسؤولة التي تعمل في المحل من باب التمويه، حيث لاحظت السلطات افتتاح العديد من المحلات والدكاكين في عموم أنحاء تركيا من قبل نساء التنظيم.
ثلاثة تصنيفات
تُقسّم مرتبة “الأبلة” إلى ثلاثة أصناف، “أبلة” مسؤولة عن المنطقة، و”أبلة” مسؤولة عن المدينة، و”أبلة” عن المحافظة، وكل واحدة منهن مسؤولة عن الفتيات اللواتي يتواجدن في منطقتها، حيث تكون “أبلة” المنطقة مسؤولة عن البيوت والشقق التي تقع في منطقتها، ومنطقتها تكون تابعة “للأبلة” المسؤولة عن المدينة، وهكذا.
زواج على الكتالوج
يُمنع منعا باتا على الفتيات اللواتي يحصلن على منحة دراسية، ويسكنّ في بيت أو شقة من الشقق التابعة لمنظمة غولن، يُمنع عليهن منعا باتا الزواج بأي شخص خارج المنظمة. وأي فتاة تسعى للخروج من الشقة أو البيت، يتم نشر أخبار سيئة عنها وتشويه سمعتها بين الفتيات، من أجل الضغط عليها ومنعها من الخروج.
أما الزواج، فمسؤولة عنه “أبلة” المحافظة و”أبلة” الزواج، حيث يقمن هؤلاء بتجهيز كتالوج للفتيات المتواجدات تحت إمرتهنّ، ويضعن فيه كل المعلومات من صورها الشخصية وعمرها ودراستها وطولها وغيرها من التفاصيل، ويسلمْنَ هذا الكتالوج “للأخ الأكبر” المسؤول عن المحافظة، والذي بدوره يعرض هذه الفتيات على الشباب، لكي يختاروا من بينهن ما يناسبه للزواج، وبعد اختياره يجمع الشاب بالفتاة لمدة ربع ساعة، واذا وافق الطرفان يجلسوا سويا ساعة أخرى، ثم يقررا بعد أسبوع القرار النهائي. ويستطيع الشاب الجلوس مع أكثر من فتاة حتى يجد الفتاة المناسبة له.
الزواج الاستراتيجي
كما أنّ فتح الله غولن، يُصدر فتواه وتعليماته، ليس بإجازة ما يُسمى “الزواج الاستراتيجي” فحسب، وإنما يجعله ضرورة وواجب على المرأة. و”الزواج الاستراتيجي” المقصود منه، هو أنْ يُطلب من الفتاة الزواج من شخص له مكانة في الجيش أو جهاز الشرطة أو في السياسة، وذلك بهدف الدخول إلى حياته والتنصت عليه وعلى أصدقائه، ومعرفة كل التفاصيل عن عمله، وذلك عن طريق تعرض الفتاة لهم ومحاولة إشعارهم بحبهن لهم، حتى يصلن إلى الزواج منهم.
ويجوز لمنْ تريد أنْ تقوم بمهمة “الزواج الاستراتيجي” أنْ تتبرج، وتتواجد في الأماكن المزدحمة والحيوية، وفي الفعاليات الاجتماعية، حيث كُل ذلك مُباح بفتوى من غولن. ويتم إخبار من يردن القيام بهذه المهمة، بأنّ مهمتهن ليس الزواج، وإنما “الخدمة”، أي استخدام الزواج كوسيلة لخدمة المنظمة، ويمارسوا كل الضغوط على الفتيات للقبول بهذه المهمة. ونتج عن هذا الزواج الكثير من المشاكل العائلية، والتي في الغالب تنتهي بالطلاق، مع انتهاء المهمة الموكلة إلى الفتاة.
وقد أشارت إحدى المعلمات، اللواتي عملن مع منظمة غولن، إلى أنّ “الأبلة” قد طلبت منها التوجه إلى بيوت طلبتها، بحجة أنها تريد مراقبة تصرفات هؤلاء الطلبة في بيوتهن، لتقييم سلوكهن، ومعظم الطلبة كانوا في مدرستها هم من أبناء موظفين في جهاز الشرطة، وعناصر في الجيش، وذهبت إلى العائلات بالفعل وجمعت معلومات عنهم، وقامت بتسليم هذه المعلومات إلى “الأبلة” المسؤولة.
والمُلفت للانتباه، هو أنه برغم هذا الدور الكبير للتنظيم النسوي، إلا أنّ منظمة غولن لا تمنحهن أي مركز فيه صُنع للقرار، حيث ترتبط كل “أبلة” محافظة، “بالإمام” المسؤول عن التنظيم الشبابي في هذه المحافظة، ولا تستطيع العناصر النسوية الوصول إلى مرتبة “الإمام” أو إلى منصب مماثل له في التنظيم النسوي.
المصدر: صباح