صدر تقرير أعده السير “إريك بكل” الوزير السابق في حزب المحافظين، يتحدث عن أن الحكومة البريطانية والشرطة غضا الطرف عن أدلة تشير إلى وقوع عمليات تزوير في انتخابات في مناطق تسكنها أغلبية باكستانية وبنغلاديشية في بريطانيا خوفًا من إثارة مشكلات مع المجتمعات المسلمة القاطنة هناك.
فتحت هذه القضية صحيفة الديلي تليغراف البريطانية على صدر صفحتها الأولي في موضوع كتبه المحلل السياسي بالصحيفة، بيتر دومينتشاك، يشير مستندًا إلى تقرير السير بكل، إلى تجاهل الحكومة والشرطة لحالات تزوير في انتخابات في المناطق التي تقطنها أغلبية مسلمة في بريطانيا.
هذا وقد كشف التقرير عن 665 شكوى بوقوع مخالفات في التصويت خلال العام الماضي، فيما تعيش السلطات البريطانية حالة من غض الطرف والإنكار أمام هذه الممارسات الخطيرة بحسب بيتر دومينتشاك.
بداية القصة
بدأ السير “إريك بكل” تحقيقه بعد فضيحة تزوير الانتخابات في منطقة تاور هملت شرقي لندن، بعد أن قضت محكمة بعزل لطف الرحمن، عمدة المنطقة من منصبه، وإبطال نتيجة انتخابه بعد أن تبين للمحكمة أنه قام بتزوير الانتخابات وبممارسات انتخابية أخرى فاسدة، بحسب ما أوردت شبكة بي بي سي البريطانية.
أعد بكل تقريره عن الأمر، وقدم التقرير توصيات إلى رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، منها أن يقوم المصوتون بتقديم بطاقات الهوية قبل الإدلاء بأصواتهم، وأن تحيط الشرطة بمقار التصويت للحيلولة دون تخويف المصوتين.
حيث يؤكد إن قضايا تماسك المجتمع لا يمكن في وجهة نظره “أن تكون مبررًا في الفشل في الحفاظ على حكم القانون وحماية الحريات البريطانية، ودعا التقرير إلى إجراء تعديلات غير مسبوقة على نظام التصويت في بريطانيا.
كما يدعو التقرير المسؤولين في لجان التصويت إلى استخدام اللغة الانجليزية فقط في الحديث داخل اللجان. ويطالب التقرير بأن تتحول محاولة التأثير على الناخبين للتصويت لشخص معين إلى جريمة.
الانتخابات البريطانية وتحدي الأقليات
يُعد الانتخاب في بريطانيا حقًا ديمقراطيًا للمواطنين البريطانيين. وعلى الرغم من أن هناك اختلافات طفيفة في الإجراءات الانتخابية على المستويات الجغرافية والدوائر المختلفة، إلا أن الخطوط العامة تبقى متشابهة بدرجة كبيرة.
وأول ما يتعين على المواطن البريطاني المتجاوز عمره 18 عامًا اتخاذه، هو تسجيل اسمه في سجلات المكتب الانتخابي التابع له مسكنه، كما يمكن التصويت بالبريد أو تخويل هذا الحق لشخص آخر يمكن أن يصوت باسم الشخص الأساسي بشرط أن يسجل ذلك في المكتب الانتخابي.
ويمكن لمن يحمل الجنسية البريطانية من المغتربين التصويت طالما لم تتجاوز المدة التي مكثها بالخارج الخمسة عشر عامًا، ويعد التصويت المباشر أكثر الوسائل استخدامًا. ويتعين فيها على المواطن التوجه إلى مراكز الاقتراع في يوم التصويت بعد أن يكون قد تلقى كتابًا رسميًا يحدد له مركز الاقتراع الواجب عليه زيارته.
وفي هذه الحالة التي تتحدث عن وجود خروقات انتخابية صمتت عنها الحكومة في مقاطعات تسكنها أغلبية مسلمة، يجدر الإشارة إلى أن المسلمين في بريطانيا متمسكين بالعديد من العادات والتقاليد القومية والعرقية والإقليمية والثقافية، لذا ينتج عن هذا أنواع من المجتمعات المحلية شديدة التعقيد التي تدير نفسها بقوانينها إلى حد كبير، والحكومات البريطانية المتعاقبة سلمت بذلك إلى حد كبير.
فلهؤلاء المسلمين دور في المجتمع البريطاني والحياة العامة على مختلف الأصعدة، ففي إحصاء عن الدوائر الانتخابية التي كانت نسبة الناخبين بها من أصول باكستانية أو بنغالية ظهر بـ 8% في الانتخابات العامة التي جرت عام 1997.
المصدر: سجل الأقليات العرقية بجامعة ووريك
ومع توقع تزايد حجم الجاليات في السنوات العشرين التالية لهذا الإحصاء عدديًا ونسبيًا، توقعت بريطانيا أن يكون هناك من سكانها ما يزيد عن (700) ألف نسمة عام 2001 يرجعون في أصولهم إلى الباكستان، ويكون ثلثاهم بريطانيي المولد، ويتوقع أيضًا أن يستقر عدد الباكستانيين حوالي عام 2020 ليبلغ حوالي (900) ألف وعدد البنغاليين ليبلغ حوالي (360) ألف . حيث يتوقع أن يقترب العدد الكلي للمسلمين في بريطانيا من مليونين، بحسب سجل الأقليات العرقية بجامعة ووريك.
لذا يعتقد أن تشكل قضية المجتمعات السكانية المحلية للأقليات في بريطانيا تحديًا في السنوات المقبلة، خاصة مع طبيعتها المعقدة، والتي ربما ستصدم بالواقع البريطاني الحرياتي أو القانوني، وهو ما تفتحه قضية ممارسة التزوير في الانتخابات أو توجيه لتصعيد شخصيات بعينها في الانتخابات العامة.