لم يكن استشهاد سبعة فلسطينيين في مثل هذه الأيام من شهر كانون أول ديسمبر عام 1987م إلا الشرارة التي أشعلت نار الانتفاضة الأولى “انتفاضة الحجارة”، ولم تكن زيارة شارون للقدس إلا الشعلة التي أشعلت انتفاضة الأقصى المباركة عام 2000م، ومعها أعلنت نهاية عهد من المفاوضات والانهزام.
سبق انتفاضة الحجارة وانتفاضة الأقصى سنوات من التصحر حاول خلاله الاحتلال الاسرائيلي تفريغ القضية الفلسطينية من محتواها ودفع الشباب الفلسطيني للانخراط في أمور جانبية بعيداً عن الهموم الوطنية والثوابت.
تسابقت قوات الاحتلال والأجهزة الأمنية الفلسطينية التي جاءت في اعقاب اتفاق أوسلو بملاحقة المقاومة وقيادات الفصائل الفلسطينية وزجت بهم في السجون وسخرت كل إمكاناتها في محاولة لوأد نار الانتفاضة لكن الانتفاضة استمرت وحققت جزءً مهماً من أهدافها والتي تمثلت بتحرير أجزاء مهمة من فلسطين.
لكن ما يميز الانتفاضتين الأولى والثانية ما سبقهما من حالة غليان كانت أشبه بالبركان المتحرك الذي يصارع الزمان قبيل ساعة الانفجار.
وكانت شظايا هذا البركان تتطاير هنا وهناك حتى كانت اللحظة التي انفجر فيها البركان في وجه الجميع معلناً ميلاد الانتفاضة الفلسطينية والتي انخرطت فيها كل الفصائل، وكان الشباب هم عمادها الحقيقي ووقودها الملتهب.
وما أشبه اليوم بالبارحة فالأحداث المتواصلة في الضفة المحتلة والقدس اليوم تؤكد أن البركان يقترب بشكل متسارع نحو ساعة الصفر وأن لحظة الانفجار باتت قريبة جداً.
ويبدو أن الجميع وخاصة قادة الاحتلال الاسرائيلي يخشون من هذه اللحظة التي لا يستطيع أحد حتى الآن أن يتنبأ بشكلها ومكانها، لكن الجميع على يقين أنها باتت قريبة، وأن الشباب الفلسطيني هم عمادها ووقودها كما كانوا دائماً.
إن ما يحدث اليوم في الضفة والقدس من عمليات إطلاق نار ومحاولات تفجير وطعن بسكاكين يعيد إلي الأذهان البداية الأولى لانتفاضة الحجارة عندما كانت عمليات السكاكين هي الرعب الحقيقي الذي يلاحق الاحتلال في كل مكان.
ويمكن القول هنا أن الشباب الفلسطيني ومنذ السابع والعشرين من سبتمبر الماضي ومع انطلاق ائتلاف شباب الانتفاضة وضع لنفسه خارطة طريق مهمة نحو هدف يتخوف منه أعداء شعبنا وهو إشعال انتفاضة فلسطينية ثالثة توقف حالة العبث المتواصل بالقضية الفلسطينية وتضع حداً لمفاوضات هزلية تحاول طمس الحقائق وتمييع الثوابت والقفز على الحقوق وقتل روح المقاومة لدى الشباب.
وسيذكر التاريخ قريباً أن الشباب الفلسطيني كانوا دائماً هم طليعة العمل النضالي والعمل المقاوم، وإننا على موعد قريب مع الحرية والتحرير.