أعلن الكرملين يوم أمس الجمعة 12 أغسطس/ آب قيام بوتين بعزل رئيس الديوان الرئاسي سيرغي إيفانوف في خطوة قرأها الكثير أنها سابقة من نوعها في روسيا منذ سنوات عديدة، ومفاجأة بالنسبة للرأي العام الروسي، إذ يتمتع إيفانوف الذي تولى الديوان منذ العام 2011 بنفوذ كبير ويعد من أكثر المقربين للرئيس بوتين وجاء من أجهزة الاستخبارات السوفيتاتية “كي جي بي” وبحسب المرسوم الرئاسي الذي نشره الكرملين فقد تم تعيين إيفانوف ممثلاً خاصًا للرئيس للقضايا المتعلقة بالبيئة والنقل، كما سيحتفظ بمقعده في مجلس الأمن الروسي.
يأتي هذا بعد سلسلة متلاحقة من تعيينات لمسؤولين في الأقاليم قال خبراء إنها أسلوب يتبعه بوتين لتجديد دماء إدارته بشكل عام من حيث استبدال المسؤولين الكبار السن بمسؤولين شباب، وتنظيم الصفوف قبل معركة الانتخابات التشريعية التي ستجرى في 18 أيلول/ سبتمبر المقبل وتليها بعد أقل من عامين الانتخابات الرئاسية.
بينما صرح بوتين في الأمس بعد قرار الإقالة وفي لقاء عقده مع إيفانوف، أن التعديلات في الديوان الرئاسي جاءت استجابة لطلب إيفانوف نفسه ،علمًا أن البعض شكك بهذه الرواية حيث يعتقد كثير من المراقبين أنه أقيل من منصبه، فإذا كان الأمر هكذا فهي إشارة إلى التوتر المتزايد داخل الكرملين.
ويتذرع بوتين أن إيفانوف سبق وأوصاه لحظة تعيينه رئيسًا للديوان ألا يبقيه في هذا المنصب أكثر من أربع سنوات، لذا فالمهلة التي وضعها إيفانوف انتهت وزادت عن الحد الذي أراده ثمانية أشهر.
إيفانوف الشخصية الفولاذية
وقبل الخوض بسيرة رئيس الديوان الجديد والذراع اليمنى لبوتين، سنخوض قليلا في تاريخ سيرغي إيفانوف الشخصية النافذة سياسيًا في روسيا ورفيق درب بوتين في “كي جي بي” والذي يصنفه البعض ضمن الصقور في الإدارة الروسية ويصفه آخرون أنه من الساسة المحنكين والشخصيات الفولاذية في الكرملين بحسب ما ورد في صحيفة الشرق الأوسط.
تخرج إيفانوف من جامعة لينينغراد في العام 1975 في كلية اللغات، حيث درس الترجمة من اللغة الروسية إلى الإنجليزية والعكس، ويعرف بإتقانه اللغة الإنجليزية بطلاقة، بدأ إيفانوف العمل في الـ “كي جي بي” في العام 1975 وفي الفترة الممتدة بين 1976-1977 عمل في نفس القسم الذي كان يعمل به فلاديمير بوتين، ومن النقاط المشتركة التي تجمع الرجلين أنهما ينحدران من مدينة سان بطرسبورغ كما أنه كان يعد الخليفة المحتمل له، خاض دورات في مينسك في اللجنة العليا لأمن الدولة للاتحاد السوفيتي “كي جي بي” في العام 1976 ومن معهد “كي جي بي” في العام 1981.
يصنف إيفانوف ضمن الصقور في الإدارة الروسية ويصفه البعض بأنه من الساسة المحنكين والشخصيات الفولاذية في الكرملين
بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، واصل إيفانوف عمله في هيئة الاستخبارات الروسية الخارجية، ومن ثم عمل في هيئة الأمن الفدرالي في روسيا، وفي العام 1999 تولى منصب أمين عام مجلس الأمن الروسي وهي المؤسسة التي تجمع الرئيس مع وزراء السلطة وتتخذ القرارات الاستراتيجية.
وبعد تولي فلادمير بوتين الرئاسة العام 2001 عُيّن في منصب وزير الدفاع علمًا أنه أول وزير دفاع مدني يتم تعيينه من خارج وزارة الدفاع آنذاك، وشغل منصب نائب رئيس الوزراء الروسي في العام 2007 وبقي فيه حتى تعيينه في منصب رئيس الديوان الرئاسي في العام 2011.
ويعرف بآرائه المتشددة خلال الصراع في أوكرانيا والمواجهة مع الغرب وكان له دور رئيسي في حث القيادة الروسية على التدخل البري في سوريا بحسب ما جاء في الإيكونوميست البريطانية.
ذراع بوتين الجديد
رشح إيفانوف لمنصب رئاسة الديون الرئاسي، نائبه أنطون فاينو، وقد تم تعينه من قبل بتوين سلفًا لإيفانوف، فهل يتمتع فاينو بنفس القدر والنفوذ التي يتمتع بها إيفانوف؟
ولد فاينو في العاصمة الإستونية عام 1972 وهو حفيد زعيم الحزب الشيوعي الإستوني في الحقبة السوفيتية، تخرج من معهد موسكو للعلاقات الدولية التابع للخارجية الروسية، ويتقن الإنجليزية واليانانية، وقد بدأ حياته المهنية في السلك الدبلوماسي، حيث عمل في السفارة الروسية في اليابان في العام 1996 واستمر هناك حتى العام 2001 ثم انتقل للعمل في منصب السكرتير الثالث في دائرة آسيا في وزارة الخارجية الروسية، وبعد عام انتقل للعمل في الكرملين في قسم المراسم، إلى أن شغل في العام 2007 نائبًا لمدير قسم البروتوكول وبعد عام أصبح المدير العام لقسم البروتوكول لدى رئيس الحكومة الروسية التي كان يشغلها آنذاك بوتين، لذا أشار بعض التحليلات أن فاينو “تربى” في مدرسة بوتين السياسية ولن يكون قلقًا من خليفة إيفانوف، وقد أشارت إحدى الصحف الروسية إليه أنه “رجل بوتين”، في العام 2012 شغل منصب نائب رئيس الديوان الرئاسي حتى وقت تعيينه رئيسًا له في الأمس.
أيًا كان السبب وراء إقالة إيفانوف من منصبه فإن بوتين يفتتح عهدًا جديدًا يتخلى فيه عن الرجال القدامى بضخ دماء الشباب في إدارته حيث يبلغ عمر فاينو 44 عامًا فقط.