هل تعلم شيئًا عن المياه الخضراء ومنعطف الموت؟ هل تعرف من هم أبطال الحجامة والبوكيمون جو؟ هل سمعت بقصة العداء بلا حذاء، وبطل الجودو الضحية، والرباع المصاب بالإغماء، وصورة (سيلفي) الإعدام، وبطلة السباحة الطفلة، وزميلتها ذات الحظ العاثر، والبطلة العربية التي ضحت بدراستها، وزميلها الذي شارك دون هوية؟
كل تلك القصص المثيرة والمواقف، والأحداث الغريبة والطرائف، ستجدونها في حقيبة المنوعات والنوادر الخاصة بدورة الألعاب الأوليمبية الصيفية، التي تحتضنها مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، وذلك بعد أن تعرفنا على بضعة نوادر أخرى، كقصة السباح ذي الكرش، واللاعبة ذات التسريحة الغريبة، والوظيفة الأكثر مللًا في الأوليمبياد، من خلال التقرير الذي نُشر على صفحات نون بوست منذ أيامٍ تحت عنوان: أولمبياد ريو 2016: مزيجٌ من المواقف المتنوعة.
بداية جولتنا من المياه الخضراء، التي أصبحت حديث السباحين المشاركين في الأوليمبياد، بعدما تحول لون المياه في عدة أحواضٍ مخصصةٍ لمنافسات السباحة والغطس وكرة الماء إلى اللون الأخضر، في مشهدٍ غير مألوفٍ لبطولةٍ بهذا الحجم، وهو ما حدا بالعديد من السباحين للشكوى، ليس فقط من لون المياه، بل حتى من رائحتها الغريبة وتأثيرها الحارق على أعينهم، قبل أن يأتي الرد من اللجنة الطبية الأولمبية، بأن سبب هذه الظاهرة يعود إلى نقصٍ في بعض المواد الكيميائية المستخدمة في التعقيم، وأنه لا توجد أية مخاطر على صحة وسلامة السباحين.
وإذا كانت المياه الخضراء بلا أخطارٍ كما قالوا، فإن منعطف الموت ليس كذلك بالتأكيد! فقد اكتسب أحد المنعطفات المنحدرة الموجودة في الطريق المخصص لسباق الدراجات هذا الاسم، بعد تسببه في إصابة 4 دراجين خلال منافسات ركوب الدراجات، أخطرها إصابة الهولندية إنيميك فان فلوتن، التي فقدت السيطرة على دراجتها عند المنعطف، فارتطم رأسها بشدة بإحدى الصخور، مما أدى لإصابتها بارتجاجٍ شديدٍ في الدماغ، إضافةً إلى 3 كسورٍ في الفقرات القطنية لعمودها الفقري، كما أصيب الدراج الإيطالي ريتشي بوركسر بخلع في الكتف إثر سقوطه عند المنعطف ذاته، الذي أصابت لعنته دراجين آخرين هما: الإيطالي فيشنزو نيبالي والكولومبي سيرجيو هيناو، الذين ارتطما ببعضهما عند المنعطف، فأصيب الأول بكسرٍ في عظم الترقوة، والثاني بكسرٍ جزئيٍ في حوضه!
ومن المنعطفات المخيفة ننتقل إلى خبرٍ آخر يتفرد بالغرابة التي تحمل الطابع الطبي، فهو يتعلق بعملية الحجامة، تلك العملية الطبية التي تقوم على استخراج الدم الفاسد من الجسم، عبر جذبه بسحب الأوكسجين من بضعة كؤوسٍ زجاجيةٍ تثبت عند الظهر وبين الكتفين، تلك العادة لطالما ارتبطت بالدين الإسلامي، حيث أوصى بها النبي محمد – صلى الله عليه وسلم -، نظرًا لفوائدها الجمة في علاج العديد من الأمراض والعلل، ويبدو أن أسطورة السباحة الشهير مايكل فيليبس قد اطلع على تلك الفوائد، فآثر أن يغتنمها، وهذا تفسير الدوائر الحمراء التي شوهدت على ظهره وبين كتفيه أثناء منافسات الأوليمبياد.
وإذا كان ولع فيليبس بالحجامة قد أفاده، فإن ولع نجم الجمباز الياباني كوهي أوتشيمورا بلعبة (بوكيمون جو) الإلكترونية قد أضره دون شك! وكيف لا؟ وقد أنفق لأجلها 4885 دولارًا خلال ساعتين! وذلك عندما قام بتفعيل خدمة التجوال في جهازه اللوحي من أجل إرضاء إدمانه لتلك اللعبة، ليتلقى رسالةً من شركة الاتصالات، تفيد بمبلغ الفاتورة الباهظ الذي يتوجب عليه دفعه، لقاء ساعتين فقط مع لعبته المفضلة!
وتبقى معاناة نجم الجمباز الياباني ضئيلةً إذا ما قيست بمعاناة العداء الإيراني رضا قاسمي، الذي تعرض لسرقةٍ ليست ككل السرقات، فقد سرق اللصوص حذاءه الرياضي الذي يعتبر مصدر رزقه، وذلك أثناء انشغاله مع بعض الصحفيين بعد إنهائه إحدى تصفيات سباق 100م عدو، وتنبع أهمية الحذاء المفقود، فضلًا عن قيمته المادية الباهظة، في كون العداء قد تدرب عليه طيلة فترة تحضيراته للأوليمبياد.
ولم يكن قاسمي هو الضحية الوحيدة للصوص ريو دي جانيرو، فقد تعرض العديد من الرياضيين وأفراد البعثات هناك لعمليات سرقاتٍ وسطو، طالت أغراضهم ومقتنياتهم الشخصية، ومنهم لاعب الجودو البلجيكي ديريك فان تيشيل، الذي لم يهنأ بإحرازه ميداليةً برونزيةً في البطولة، حيث تعرض أثناء احتفاله بإنجازه في منطقة كوباكابانا، إلى عملية سطوٍ فقد على إثرها جهازه الجوال، وليس ذلك فحسب، بل تعرض أثناء اشتباكه مع اللص لضربةٍ موجعةٍ في الوجه، أردته أرضًا ونقل على إثرها للمشفى، فيما فر اللص الجسور الذي تغلب على بطل الجودو هاربًا!
ويبدو أن عدوى الصدمة أثناء الاحتفال قد أصابت الرباع الفنلندي ميلكو توكولا، الذي هلل فرحًا بعدما نجح برفع وزن 175كغ في مسابقة النتر الخاصة بمنافسات حمل الأثقال، فإذا به يترنح فجأةً ويقع أرضًا في مشهدٍ مخيف، ويدخل في إغماءةٍ قصيرةٍ قبل أن يستفيق ويكمل المنافسات، وحين سئل عما حدث له، صرح بأن الأطباء في بلاده أخبروه بأن جسده يسحب كميةً كبيرةً من الدم من رأسه عندما يبذل مجهودًا كبيرًا، مما يجعله عرضةً لمواقف كهذه!
صورة السيلفي التي تجمع الرياضيتين الكوريتين
وإذا كانت إغماءة الرباع الفنلندي قد مرت بسلام، فإن مجرد صورة (سيلفي) التقطتها إحدى لاعبات الجمباز قد لا تمر بسلام! فقد ذكرت صحيفة ديلي ستار البريطانية، أن رياضيةً من كوريا الشمالية تُدعى هونج أون جونغ، قد وقعت في المحظور، عندما نشرت صورة (سيلفي) تجمعها بزميلةٍ من كوريا الجنوبية، وهو ما يعتبر في عرف الرئيس الكوري الشمالي كيم جونج أون خيانةً عظمى، قد تصل عقوبتها إلى الإعدام!
وبعيدًا عن الخيانات والإعدامات، لم تكن بطلة السباحة الكندية بينالوبي أولكسياك سعيدةً تمامًا رغم فوزها بميداليتين في أولى مشاركاتها الأوليمبية، فقد صرحت عقب فوزها بفضية سباق 100م فراشة بأنها (تكاد تجن)! لأن لديها أكثر من 150 رسالةً على إنستاجرام وفيسبوك وتويتر، وهي لا تستطيع مشاهدتها، بسبب نفاد رصيد باقة الإنترنت لديها! وقد يزول بعض العجب عندما نعلم بأن عمر تلك البطلة الطفلة لا يتعدى الـ 16 عامًا!
أما زميلتها في رياضة السباحة، النيبالية جاوريكا سينغ، أصغر رياضيةٍ مشاركةٍ في الأوليمبياد، فقد عانت من الحظ العاثر، الذي بدأ قصته معها خلال العام الماضي، حيث ذهبت في زيارةٍ من مكان إقامتها في الولايات المتحدة إلى مسقط رأسها في مدينة كتمندو عاصمة النيبال، لتفاجأ بعد أيامٍ بحدوثٍ زلزالٍ مدمرٍ في المدينة نجت منه بأعجوبة، وتابع الحظ السيء ملازمتها، حين امتنع مسؤولو بلادها عن اصطحاب مدربها ضمن البعثة المسافرة إلى ريو، وقبل بدأ منافساتها بقليل صادفها آخر فصول حظها العاثر، حين تمزق زي السباحة الخاص بها، بينما كانت تحاول رفعه بأظافرها، لتوضع في موقفٍ لا تُحسد عليه، ورغم ذلك أبدت نضجًا يسبق سنها حين سُئلت عن حظها العاثر فأجابت: “أشعر بالامتنان لأنني لازلت على قيد الحياة”!
ونختتم استعراض محتويات حقيبة نوادر الأوليمبياد مع بطلين عربيين واجها موقفين مؤلمين، حيث اضطرت المصرية سارة سمير، إلى التضحية بدراستها في سبيل تحقيق حلمها الأوليمبي، حين تزامنت مواعيد امتحاناتها الثانوية العامة في مصر مع مواعيد منافساتها في الأوليمبياد، ورُفض طلبها بأن تؤجل امتحاناتها أو تُنقل إلى السفارة المصرية بالبرازيل، بالرغم من تحقيقها أول ميداليةٍ مصريةٍ في ريو، بفوزها ببرونزية وزنها في حمل الأثقال.
أما زميلها الكويتي فهد الديحاني، فلم يستطع حبس عبراته حين عُزف النشيد الأوليمبي بدلًا من نشيد بلاده الكويت، أثناء تتويجه بذهبية الحفرة المزدوجة في مسابقة الرماية، وذلك بسبب مشاركته كلاعبٍ مستقلٍ تحت الراية الأوليمبية، في ظل عقوبة الإيقاف المفروضة على الرياضة الكويتية من قبل اللجنة الأوليمبية الدولية، بسبب التدخل الحكومي في الرياضة، ليُحرم البطل الكويتي من مشاهدة علم بلاده يرفرف في سماء الريو.