ترجمة من التركية نون بوست
ذكر الكاتب التركي “محمد أمين إكمان” بأنّ محاولة الانقلاب ليلة 15 تموز/ يوليو، لم تُنقذ تركيا من مجرد انقلاب عسكري فحسب، وإنما أنقذت تركيا من حراك احتلالي عبر حرب أهلية، مشيرًا إلى وصف أردوغان بأن تلك المصيبة تحولت إلى فرصة جيدة، خصوصًا فيما يتعلق بمكافحة التنظيم الموازي.
ويرى الكاتب بأن هناك جوانب أخرى لهذه الفرصة غير مكافحة منظمة غولن، أهمها ما رسمه مهرجان “يني قبي” من لُحمة وطنية بين مختلف الأطياف العرقية والمذهبية للشعب التركي، وأن هذا الأمر يجب التركيز عليه والمحافظة على استمراره.
ويعتقد محمد إكمان بأن منظمة غولن لعبت دورًا هامًا في زعزعة الثقة بين الدولة التركية وبين حزب العمال الكردستاني، وهذا ما ظهر من خلال التحقيقات، مستدلاً على ذلك بالحديث عن المعلومات التي تحدثت عن أن الطائرات الحربية التي قصفت مدنيين أكراد في أولودريه كانت تُقاد من قبل عناصر تنظيم غولن، مرورًا بالكثير من الأمور القضائية والاستخباراتية التي قامت بها المنظمة، وهدف مثل تلك العمليات كان إنهاء عملية السلام والمصالحة الوطنية بين الدولة التركية وحزب العمال الكردستاني، حسب رأيه.
كما أشار الكاتب إلى أنه من الواجب الاعتراف بأن منظمة غولن قد نجحت في هذه المهمة، وأوقعت بين الدولة التركية وبين حزب العمال الكردستاني، مضيفًا أن الدولة التركية تتجه الآن نحو فتح الملفات الماضية والتحقيق فيها، لمعرفة مدى توغل عناصر منظمة غولن والأدوار التي لعبوها في التأثير على عملية السلام، والبحث في مسائل وأحداث عدة جرت خلال الأعوام القليلة الماضية، مثل حادثة مقتل رجلي الشرطة، وغيرها من الأحداث التي أشعلت فتيل النزاع بين الطرفين.
ويعتبر الكاتب أن قيام الدولة بهذه الإجراءات يُعتبر أمرًا إيجابيًا ودليلاً على النظرة الإيجابية للدولة التركية نحو هذا الملف، خصوصًا في ظل إصرار حُكومة العدالة والتنمية على المضي قُدمًا في المصالحة الوطنية مع العمال الكردستاني، قبل أنْ تنفجر الأمور بين الطرفين، لكن في المقابل يعتقد الكاتب أنه من الصعب ملاحظة أمور إيجابية في هذا الجانب من قبل حزب العمال الكردستاني أو حزب الشعوب الديمقراطي بعد المحاولة الانقلابية.
واستدل الكاتب على ذلك بالتصريحات الصادرة عن حزب الشعوب الديمقراطي وقواعده الشعبية، التي ركّزت بأنّ المحاولة الانقلابية هي مجرد مسرحية من إعداد أردوغان، وبأن الجيش التركي تحول إلى جيش خاص لأردوغان، وأن ما جرى هو مُجرد عراك وخلافات بين جنرالات الجيش، وليس لغولن علاقة بذلك، كما أشار إلى تصريحات جميل باييك، العضو البارز في حزب العمال الكردستاني، والذي هدد تركيا بنشر الأعمال الإرهابية في كافة مدنها، وذلك مع عودة العمليات الإرهابية للحزب في 19 تموز/ يوليو، والتسبب باستشهاد 36 شخصًا.
ويعتقد الكاتب بأن ما حدث ليلة 15 تموز/ يوليو، كان بمثابة الفرصة الذهبية لإعادة الحياة للسلام والمصالحة الوطنية، لو تصرف حزب العمال الكردستاني وحزب الشعوب الديمقراطي بصورة أفضل، لو أوقفوا الأعمال الإرهابية، وأعلنوا دعمهم للخيار الديمقراطي، ووقفوا في الميادين إلى جانب كل أطياف الشعب والأحزاب السياسية الأخرى، وحينها كان بالإمكان أنْ يتواجد حزب الشعوب الديمقراطي أيضًا مع أحزاب المعارضة، حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية، في الجلسات والنقاشات والتعاون وروح الوحدة الوطنية التي جمعتهم مع حزب العدالة والتنمية.
وتحدث الكاتب عن ضرورة استغلال مثل هذه الفرص، وذكر كيف استغلت إندونيسيا مأساة تسونامي، التي كانت السبب في تحقيق السلام والتوافق بين الحكومة الإندونيسية و”حركة آتشيه الحرة”، مشيرًا إلى أن تحقيق ذلك كان ممكنًا أيضًا في تركيا، من خلال تأجيل كل النزاعات والخلافات، ووقف كل الأعمال، إلى حين الكشف عن الوثائق حول تورط جماعة غولن في إفساد عملية السلام، والوصول في نهاية الأمر إلى تقوية السياسة المدنية، بين مختلف الأحزاب السياسية بما فيها حزب الشعوب الديمقراطي.
واختتم الكاتب حديثه بأن الفرصة لا تزال قائمة، وبإمكان المثقفين والكتّاب الذين وجهوا طلبهم للحكومة التركية بعدم إقصاء حزب الشعوب الديمقراطي خلال العملية السياسية الحالية، أنْ يوجهوا طلبهم لحزب العمال الكردستاني، ليوقف عملياته، وهذا سيسهل مهمة حزب الشعوب الديمقراطي للعودة إلى الإطار السياسي، من أجل إخراج عملية السلام “من الثلاجة”، ودبّ الحياة فيها من جديد، وحل المسألة الكردية كما يجب، حسب قوله.
المصدر: الجزيرة ترك