بعد أربعة عشر عامًا من الاعتقال في سجون الاحتلال، وبعد أن توفي والده وهو في السجن، يتحرر الأسير الفلسطيني جهاد نزال، وقد كان معه هذا اللقاء:
من هو الأسير المحرر جهاد نزال؟
جهاد عبد الرحمن أمين نزال، من بلدة قباطية جنوبي جنين، مواليد يوم السادس عشر من شهر حزيران لعام 1980، ولي من الإخوة الذكور إياد وزياد، درست المرحلة الأساسية وأجبرتني الظروف الصعبة والإغلاقات المتكررة للمدارس على ترك الدراسة قبل المرحلة الإعدادية، لأتحول للعمل في مجال البناء لمساعدة الوالد.
كنت منذ نعومة أظافري من روّاد المساجد، حيث التزمت بحلقات التحفيظ في مسجد صلاح الدين الأيوبي في بلدة قباطية وشاءت الأقدار أن يكون شيخي ومعلمي وصديقي هو الشهيد الشيخ ظافر كميل، وكبرت علاقتي به عندما أنشأ الشهيد ظافر كميل فريق لكرة القدم لطلاب مراكز التحفيظ وكنت من أوائل من التحقوا بالفريق الرياضي، ثم افتتحت أنا والأسير المحرر ثامر سباعنة والشهيد ظافر أول مكتبة إسلامية في بلدة قباطية.
كيف كان اعتقال الأسير المحرر جهاد نزال؟
في الساعة الواحدة من بعد منتصف ليلة الثامن شهر آب لعام 2002م، اقتحمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال بلدة قباطية، بنحو 12 آلية عسكرية لتجوب شوارع البلدة وليكون منزل والدي الحاج أبو إياد من أهداف جيش الإرهاب والظلم.
في البداية تم اقتحام بيت عمي أبو الأمين ظنًا منهم أنه منزلنا، وبعد أن عاثوا فيه فسادًا وخرابًا قالوا لهم أين جهاد أين بيته، وفي تلك اللحظات كنت قد دخلت لتبديل ملابسي والاستعداد، وما هي إلا لحظات وإذا بأكثر من 40 جنديًا يقتحمون المنزل مزودين بكل أدوات الظلم والإرهاب، وتم إخراجي وتقييدي وخضعت لتحقيق ميداني وضرب وحشي.
كيف تم التحقيق معك وما الحكم الذي حكمك به الاحتلال؟
نقلت لمركز تحقيق المسكوبية لأمكث أكثر من شهر، لأنقل بعد ذلك إلى مركز تحقيق الجلمة، لأمكث هناك حوالي الشهر، وتعرضت خلالها لشتى أنواع التعذيب وأقسى وسائل التحقيق، وكان التحقيق عبارة عن محطة ضغوط نفسية لا تطاق من قبل ضباط التحقيق الذين يتعاملون من الأسير بهمجية غير معهودة ووحشية غير مسبوقة، وتمددت لي المحكمة أربع مرات قبل أن يحكم علي بالحكم الجائر، 14 سنة.
حدثنا عن معاناة الأسير بالبوسطة (النقليات)؟
البوسطة وآلامها تبدأ منذ الصعود إلى حافلة السجن المتنقل وحتى الوصول إلى السجن المنقول إليه، فالأسير يدخل في الرحلة النفسية منذ إبلاغه بقرار النقل ويبدأ بالتحضير لهذه الرحلة المؤلمة وتجهيز نفسه بالامتناع عن الأكل لأن السفر سيكون لفترات طويلة دون السماح له باستخدام الحمام، فيفضل الأسرى الصوم خلال التنقل بين السجون، إضافة لمرارة التعامل الوحشي من قبل حراس النحشون الذين يمارسون سيادتهم في الصيف بإغلاق النوافذ بالكامل وفي الشتاء بتشغيل جهاز التبريد انتقامًا من الأسرى، هذا عدا عن التفتيش والقيود في القدمين واليدين طوال فترة النقل.
ما حال الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال؟
مصلحة السجون مع الأسرى في الآونة الأخيرة تلجأ إلى سحب الإنجازات من الحركة الأسيرة وقد أصبح ذلك بشكل يومي، إضافة إلى أن معظم الأسرى الجدد ليس لهم أي تجربة اعتقال سابقة وهذه الثغرة استطاعت من خلالها مصلحة السجون التغول تجاه الأسرى من خلالها وفرض إجراءات لم تكن موجودة، لا سيما انعدام توحد الحركة الأسيرة، وأصبح كل سجن يتعامل بطريقة مغايرة عن السجن الآخر وكان للانقسام في الساحة الفلسطينية الأثر السلبي على وحدة الحركة الأسيرة في السجون.
ما رسائل الأسرى التي تحملها أنت كأسير محرر عشت في سجون الاحتلال أربعة عشر عامًا؟
رسالة الوحدة وإنهاء الانقسام الفلسطيني هي الرسالة الأولى من الأسرى، بل هي أهم الرسائل لأن بها وحدة وقوة الشارع الفلسطيني وبالتالي الأسرى.
رسالة الحركة الأسيرة إلى وسائل الإعلام أن يتم نقل معاناة الأسرى ليس للشارع الفلسطيني بل إلى كل دول العالم وبكافة اللغات وترجمة المعاناة ليسمع بها كل شخص.
ما أصعب المواقف التي مررت بها أثناء اعتقالك؟
وفاة والدي وأنا بالسجن وعدم تمكني من إلقاء النظرة الأخيرة عليه أو حتى المشاركة بتشييعه.