ترجمة وتحرير نون بوست
لا بد من الاعتراف بأن قراءة كتاب إستي وينشتاين – أحد الأفراد السابقين في جماعة “Gur Hasidism”- والتي قامت بالانتحار بعد سنوات طويلة من انفصالها عن بناتها، كان أمرًا مرهقًا وأحيانًا مملاً للغاية، من الناحية الأدبية إذا لم تكن القصة مأساوية ومثيرة، ربما لم تكن لتجذب أي قارئ، هذه المأساة الغريبة جعلت القصة تنتشر على الإنترنت، حيث قرر الناشر أن يقوم بنشرها بشكل غير قصصي مجانًا على الإنترنت وقام شموئيل روزنر بتحريرها.
قبل ثماني سنوات، انفصلت وينشتاين عن جماعة “Gur Hasidim” وهي طائفة أرثوذكسية متطرفة تبدو لوائحها والمحرمات بها صارمة ومتطرفة بالنسبة لليهود العلمانيين، وعندما غادرتهم انقطعت علاقتها بست من بناتها المنتميات للطائفة، أما ابنتها تامي مونتاج والتي لم تنتم لتلك الطائفة فهي من قررت أن تقوم بنشر آخر ما كتبته أمها، وقال أقارب وينشتاين إن شيوخ الطائفة أجبروها أن تتخلى عن بناتها مما أدى إلى انتحارها، بينما قال شيوخ الطائفة إن وينشتاين هي من تخلت عن بناتها وهي السبب فيما وصلت إليه.
وفي تصريحه لجريدة المونيتور، قال الناشر كنيريت بيتان إنه يؤمن بهذا الكتاب خاصة في ضوء انتشاره السريع على الإنترنت وقيام عشرات الآلاف بقراءته، إلى جانب رغبة مونتاج بتحقيق إرادة إستي، بأن يتم تقديم الكتاب للجمهور المتدين والعلماني، وكان النص قد خضع لتحرير طفيف وقامت مونتاج بكتابة المقدمة، وأضاف الناشر “لقد نشرنا الكتاب بأسرع وقت، وقد أصبح حدثًا هامًا في الوعي العام”.
وقالت مونتاج “أتمنى أن يحقق الكتاب نوعًا من التغيير في تلك الجماعة المتشددة، حيث سيقرأه هؤلاء ويقولون لن نستطيع الاستمرار على هذا الحال، وبالنسبة لهؤلاء الذين غادروا الجماعة فقد يساعدهم في الصعوبات التي يواجهونها وانفصالهم عن عائلاتهم”.
لم يقم الكتاب فقط بعرض طريقة الحياة الصعبة والصارمة في تلك الطائفة، لكنه عرض أيضًا الحياة الجنسية المشوهة والعنيفة التي تعرضت لها إستي مع زوجها السابق، وربما كان ذلك نتيجة لسيطرة شيوخ الطائفة الكاملة والقسرية على الحياة الجنسية لأفراد الطائفة.
عقب انتحار إستي، قام جرينهاوس – عضو سابق بالطائفة – بكتابة منشورات على فيسبوك وصف فيها القواعد الخاصة بالرجال والنساء في الطائفة، فعلى سبيل المثال: لا يمكن لرجلين الجلوس على نفس السرير، ولا يمكن لرجلين أن يكونا في غرفة وحدهما، ولا يمكن لرجل أن يقوم بلمس رجل آخر، ولا يمكن للرجال التحمم في المنزل وإنما في المعبد اليهودي “الميكفاه” (وهو مكان مخصص للاستحمام التعبدي)، ولا يمكن للرجال استخدام الصابون في التحمم طوال الأسبوع، فقط عشية السبت، لا يمكن للرجال أن يتفوهوا بتلك الكلمات: عروس، امرأة، فتاة، شابة، أما بالنسبة للنساء فيجب عليهن تغطية جسدهن بالكامل، ولا يمكنهن لمس الهاتف أو النظر بأعين الرجال أو أن يحملن محفظة نقود، أو أن يعانقن آباءهم أو يقبلونهم، والكثر من ذلك.
كان بطلي الكتاب داسي ويعقوب – من المفترض أنهما الكتابة وزوجها السابق شلومو – قد تزوجا بعمر 17 عامًا، وقد فشلا في لقاءاتهم الجنسية الأولى بسبب الحظر المفروض على النساء والرجال، وفي نهاية المطاف لم يتمكنا من الالتزام بقواعد الطائفة مما أدى إلى الإباحة الجنسية الكاملة، وبحسب عبارات إستي فقد قالت “لقد قمنا بأشياء لا يمكن وصفها، فحتى اليهود العلمانيون لن يجرأوا على فعل ذلك”.
بعد ذلك، تخطى يعقوب كل الحواجز وقام باستخدام داسي كأداة لتحقيق نزواته، حيث أجبرها على ممارسة الجنس مع رجل آخر أمامه مما أحال حياتها جحيمًا وقررت الانتحار لكنها فشلت وتم نقلها إلى مستشفى الأمراض النفسية، وهذا ما حدث تمامًا مع وينشتاين.
قالت مونتاج إن ردود الأفعال على الكتاب كانت جنونية، حيث قال الناس إنهم تأثروا جديًا بالكتاب وأصابهم الحزن ولم يتوقفوا عن التفكير به لعدة أيام، بينما قال بعض الأشخاص من داخل الطائفة إن هذا هو الواقع للأسف، ولكن أصابتهم صدمة بالطبع من الجزء المتعلق بالحياة الجنسية.
في الحقيقة، كانت لوائح الطائفة والثمن الجنسي الذي يدفعه أعضاؤها، معروفا لبعض الوقت في إسرائيل، ففي عام 2012 نشرت جريدة هآرتش مقالاً من جزئين يشرح بالتفصيل القواعد الصارمة في الطائفة التي تقول بالفصل بين الرجال والنساء وحتى بين الأب وبناته، كجزء من نظام قمع الغرائز الجنسية، وكشف مقال آخر أنهم يمنعون استخدام حبوب منع الحمل لنفس السبب، وفي العام نفسه قام يسرائيل كارول – 26 عامًا – بالانفصال عن الطائفة ثم قام بالانتحار بعد تعرضه لمعاملة سيئة لإجباره على العودة عن طريق الاستخدام القسري للأدوية النفسية.
بالرغم من ذلك، فذاكرة الإسرائيلين قصيرة، ففي كل مرة يتعرض فيها الجمهور لما يحدث في الغرف المغلقة، يصابون بالصدمة ويطالبون بالتغيير، ثم بعدها بوقت قصير يواصل الجميع حياتهم سواءً العلمانيين أو الأرثوذكس المتشددين، ويبدو أن رغبة وينشتاين في حدوث التغير تعتمد على جذب أنظار العلمانيين لما يحدث في غرف النوم.
المصدر: المونيتور