يثير شح الأمطار في المغرب مخاوف كبيرة من إمكانية تأثير ذلك على الوضع الاقتصادي للمملكة وارتفاع نسبة البطالة فيها، رغم إقرار السلطات لبعض الإجراءات لتجاوز حالة الجفاف.
2016: موسم جفاف في المغرب
أعلن المغرب، رسميًا، في يناير 2016 أن الموسم “موسم جفاف”، حيث قدرت نسبة النقص في الأمطار خلال الأشهر الأربعة الأولى لهذه السنة بـ 47%، وقال المندوب السامي للتخطيط في المغرب أحمد لحليمي علمي إن النقص في هطول الأمطار بلغ نحو 61% حتى الآن.
وانخفض معدل هطول الأمطار في هذا الموسم بنسبة 43% عن متوسطه السنوي، وبنسبة 45.5% عن معدل الموسم السابق، وهو ما يجعله أسوأ موسم منذ ثلاثين عامًا، حيث شهد هذا الموسم 98 يومًا من الجفاف في الفترة بين نوفمبر 2015 وفبراير 2016.
يقدّر متوسط الموارد المائية بالمغرب بـ22 مليار متر مكعب في السنة
ويبلغ عدد العاملين في القطاع الزراعي أربعة ملايين شخص، وتمثل المنتجات الزراعية بين 15 و20% من إجمالي الصادرات المغربية، وفق بيانات رسمية.
تراجع الامطار يهدد الزراعات السقوية
ويقدّر متوسط الموارد المائية بالمغرب بـ 22 مليار مترمكعب في السنة، حسب معطيات رسمية، وهو ما يعادل سبعمائة مترمكعب للفرد الواحد سنويًا، وتنقسم إلى موارد مائية سطحية (18 مليار مترمكعب) وموارد جوفية قابلة للاستغلال (نحو أربعة مليارات مترمكعب).
إجراءات الدولة لمواجهة الجفاف
تراجع نسبة الأمطار في المملكة المغربية، دفع بالدولة في فبراير الماضي، إلى إعلان حزمة من الإجراءات لمواجهة تأثيرات ذلك، حيث خصصت ما يقارب عن 536 مليون دولار لمساعدة الفلاحين، (خصوصًا الصغار والمتوسطين)، من أجل تجاوز تبعات الجفاف.
وترّكزت الإجراءات في تقديم مساعدات للفلاحين المتضررين، وضمان استمرارية تزويد القرى بالماء الصالح للشرب، وتوفير الماء والكلأ والمتابعة الصحية للمواشي.
يرى مراقبون أن الحل لأزمة الجفاف يكمن في ضمان توصيل مياه الأمطار من السدود في الشمال إلى الجنوب
في نفس الإطار، ذكر بلاغ لوزارة الفلاحة، نشر في وقت سابق، أن تدخلها سيرّكز على ثلاثة محاور، أولاً حماية الماشية عبر توفير كلأ لها بأثمنة مناسية وإقامة نقط للماء وبرنامج وطني للتقليح، وثانيًا حماية المزروعات عبر ضمان سقي الزراعات البورية وتأمين بذور الحبوب، أما الثالث فهو ضمان التوازنات داخل العالم القروي بما يمكّن من حماية المجال الفلاحي وخلق فرص الشغل وتدبير الموارد المائية.
مجهودات كبيرة لمواجهة خطر الجفاف
ويرى مراقبون أن الحل لأزمة الجفاف يكمن في ضمان توصيل مياه الأمطار من السدود في الشمال إلى الجنوب، إلى جانب إنشاء محطات صغيرة لتحلية المياه تستفيد من الطاقة الشمية لتوفير مياه السقي في بعض القرى، ومضاعفة الجهود لتحسين كفاءة مياه الأمطار، وضرورة التفكير في استخدام المياه العادمة في الزراعة بعد إخضاعها لمعالجة معيّنة، زيادة على تعميم سياسة ترشيد المياه، خاصة لدى الصناعات التي تستهلك الماء بكثرة.
تراجع المحصول وارتفاع نسبة البطالة
نتيجة لموجة الجفاف التي تشهدها المغرب هذه السنة، فقدت المملكة نحو 175 ألف فرصة عمل في الربع الثاني من السنة الحالية في قطاع الزراعة، حسب المندوبية السامية للتخطيط الرسمية.
وأشارت المندوبية في تقرير لها، نشر في وقت سابق، إلى أن معدل البطالة في الأرياف ارتفع في الربع الثاني إلى 3.7%، مقابل 3.3% في نفس الفترة من العام الماضي، لافتًا إلى أن معدل البطالة في المدن بلغ 12.8%، مقابل 13.4%.
يؤكد مراقبون أن تأخر الأمطار أدّى الى إثقال الميزان التجاري بخفض الصادرات التي تشكل الزراعة إحدى دعائمها
وأشار التقرير إلى أن فقدان فرص العمل في الأرياف، يرجع إلى الجفاف، الذي خفض محصول الحبوب من 11.5 مليون قنطار في 2015 إلى 3.35 مليون قنطار في العام الجاري.
ويؤكد مراقبون أن تأخر الأمطار أدّى إلى إثقال الميزان التجاري بخفض الصادرات التي تشكل الزراعة إحدى دعائمها، وارتفاع الواردات كالقمح.
انخفاض نسبة النمو الاقتصادي نتيجة الجفاف
وتتوقع المندوبية السامية للتخطيط في المغرب أن يؤدي انخفاض الإنتاج الزراعي إلى تراجع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 1.3% هذا العام مقابل 3% في توقعات الحكومة و4.4% في العام 2015.
بدوره، خفض البنك المركزي المغربي توقعات معدل النمو الاقتصادي للبلاد خلال 2016 إلى 1%، بسبب التراجع الكبير للموسم الزراعي.
وتعتبر الفلاحة في المغرب قطاعًا حيويًا واستراتيجيًا، يساهم بنحو 14% من الناتج المحلي، ويشكل مصدرًا مهمًا للتشغيل ومصدر العيش لنحو 75% من سكان القرى.