يدور في أروقة صناعة القرار في السلطة الفلسطينية حديث عن إلغاء الانتخابات المحلية، وأن تلك الانتخابات تحمل معها مخاطر كبرى على وحدانية التمثيل السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهذا ما تحدث عنه النائب والقيادي الفتحاوي جمال الطيراوي.
وقد تحدث أيضًا السيد وليد العوض عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني حول الموضوع من زاوية أخرى وقال على صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي محذرًا من التصويت لغير فصائل منظمة التحرير الفلسطينية: “اﻻنتخابات البلدية وجب الحذر: في اﻻنتخابات البلدية عام 1976 حاولت دولة اﻻحتلال الدفع برجاﻻتها الذين شكلوا نواة روابط القرى للفوز باﻻنتخابات البلدية وكانت محاولتها الخبيثة تستهدف القفز عن منظمة التحرير وضرب التمثيل الفلسطيني الموحد وإيجاد طرف يقبل ذلك.
لكن شعبنا أحبط هذا المخطط الخبيث وانتخب القوائم الوطنية المدعومة من منظمة التحرير، حينها جن جنون اﻻحتلال فحاول اغتيال عدد منهم وإبعادهم عن الوطن، لكن العالم كله تأكد أن المنظمة هي العنوان وهي تجسد التمثيل الموحد لشعبنا، اليوم نحن على أعتاب انتخابات بلدية وهي إلى حد كبير متطابقة لما كان عام 1976، إنها تجري في ظل محاولة اﻻحتلال ضرب التمثيل الموحد لشعبنا الفلسطيني وقطع الطريق على حقنا بالدولة المستقلة، وهي ستعمل دون شك بشتى السبل والوسائل لإيصال مجالس بلدية وقروية تقبل بالعلاقة المباشرة مع الإدارة المدنية ومتجاوزة الحكومة الفلسطينية والسلطة الوطنية، يعني روابط قرى بثوب جديد، المطلوب الحذر وسن قانون يحرم ويمنع ذلك، وعلى شعبنا اﻻنتباه والحذر من معركة اﻻنتخابات البلدية في الضفة على وجه الخصوص”.
ما كتبه السيد العوض لدى عامة الناس يفهم في سياق أن أي قائمة خارج منظمة التحرير يتم إسقاط الحديث السابق عليها وأنها روابط قرى جديدة، وقد وجهت نفس السؤال للسيد العوض هل ما يقوله يتم إسقاطه على قوائم حماس مثلًا: فنفى ذلك صراحةً، ولكن يحمل كلام السيد وليد في طياته رسائل تعكس التخوف من نتائج الانتخابات على مستقبل منظمة التحرير الفلسطينية، فيا ترى ما المخاوف والمخاطر التي تعكسها الانتخابات المحلية على منظمة التحرير الفلسطينية؟
أولًا: ما هي فصائل منظمة التحرير الفلسطينية؟
يوجد داخل منظمة التحرير الفلسطينية أحد عشر فصيلًا سياسيًا وهم: حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” – الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين – حزب الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني “فدا” – الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة – الجبهة العربية الفلسطينية – جبهة التحرير العربية – جبهة التحرير الفلسطينية – جبهة النضال الشعبي – منظمة طلائع حرب التحرير الشعبية (قوات الصاعقة) – حزب الشعب الفلسطيني.
ثانيًا: ما أهم مخاطر الانتخابات المحلية على منظمة التحرير؟
أعتقد أن أهم المخاطر التي يستند إليها منظرو فكرة تأجيل الانتخابات أو حتى إلغائها هي عدم جهوزية فصائل المنظمة لهذا المعترك، وبذلك سيخسرون الانتخابات المحلية، وهذا مدعاة لأن تفقد المنظمة احتكار وحدانية التمثيل السياسي أمام العالم وأمام شعبنا.
إن أصحاب تلك المدرسة محقون في تخوفهم ضمن الحسابات الحزبية والشخصية ولكنهم مخطئون ضمن الحسابات الوطنية، فهل يعقل أن يحتكر أحد عشر فصيلًا وحدانية التمثيل السياسي للشعب الفلسطيني ويخشون من الفوز في الانتخابات المحلية مقابل حركة واحدة هي حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أو بعض قوائم المستقلين الذين ربط ترشيحهم بروابط القرى؟!
إن المشهد الانتخابي لم يتضح بعد ولكن مؤشراته تدلل بأننا أمام ثلاث قوائم تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية هي:
1- قائمة حركة فتح.
2- قائمة التحالف الديمقراطي وتضم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وحزب الشعب الفلسطيني، والاتحاد الديمقراطي الفلسطيني/ فدا. (ملاحظة بخصوص المبادرة الوطنية هي في طريق اعتمادها كعضو بمنظمة التحرير من قبل المجلس الوطني).
3- تحالف يضم جبهة النضال الشعبي الفلسطيني، وجبهة التحرير الفلسطينية، وجبهة التحرير العربية، والجبهة العربية الفلسطينية.
حسب قانون الانتخابات المحلية فإن نسبة الحسم هي 8%، وعليه فإن قائمة حركة فتح هي الوحيدة من قوائم منظمة التحرير التي ستتجاوز نسبة الحسم وتنافس في جميع البلديات، أما القائمة الثانية فربما تصل في بعض البلديات ولا تصل في أخرى، والقائمة الثالثة أكاد أجزم من اليوم أنها لن تصل إلى نسبة الحسم في أي مجلس بلدي، وهذه اللوحة ستشكل التحدي الأبرز للمنظمة والخطر الأكبر عليها وعلى أحقيتها بالتمثيل للشعب الفلسطيني.
الخروج من المأزق لا يتم بتأجيل الانتخابات أو إلغائها فهذه انتكاسة أكبر لمنظمة التحرير أمام العالم أجمع وأمام الشعب الفلسطيني، والمعالجة ستكون على حساب حركة فتح، حيث اتحاد حركة فتح مع القائمة الثالثة لن يقدم للحركة الكثير بل ستظهر فتح بأنها ومجموعة فصائل أخرى حققت تلك النتائج، وهذا ما لا تريده فتح في هذا التوقيت الحساس، وعليه فإن أهمية الانتخابات تكمن في معرفة وإعادة تعريف الأوزان السياسية لعلها تكون رسالة للقيادات الوطنية بضرورة الشروع فورًا بعقد الإطار القيادي المؤقت وترتيب ملف منظمة التحرير الفلسطينية وفقًا للأوزان السياسية الحقيقية على الأرض وليس في كتب التاريخ.