“الكتب ليست أكوامًا من الورق الميت، إنّها عقول تعيش على الأرفف”، قول مأثور قاله الكاتب الإنجليزي غيلبرتهايت، جسد به مكانة القراءة العظيمة، واليوم بعد تطور الدراسات والأبحاث الخاصة بالقراءة ودورها في حياة الإنسان الصحية والاجتماعية نستطيع القول بأن القراءة أصبحت “عقول على الأرفف تمدك بالراحة وطول العمر”.
فقد كشفت دراسة أن القراء يعيشون في المتوسط لسنتين إضافيتين مقارنة بالأشخاص الذين لا يقرأون على الإطلاق، حيث أوضح الباحثون بأن الحد الأدنى من الوقت المخصص للقراءة يجب ألا يقل عن نصف ساعة يوميًا، بمعنى ثلاث ساعات ونصف الساعة أسبوعيًا.
وأكد الباحثون على أن قراءة الصحف والمجلات والدوريات المتخصصة، ترتبط أيضًا بطول العمر، إلا أن هذا الارتباط لا يتضح بالوضوح والقوة كما هو الحال مع قراءة الروايات.
الدراسة التي أشرف عليها باحثون في جامعة ييل الأمريكية للأبحاث والتي تعد ثالث أقدم معهد للتعليم العالي في الولايات المتحدة الأمريكية، لم توضح الأسباب التي تربط قراءة الروايات بطول العمر.
وللوصول إلى هذه النتائج، استخدم الباحثون بيانات لأكثر من 3600 شخص في سن الخمسين عامًا فما فوق، كانوا قد شاركوا كعينة في الدراسة التي رصدت في الأساس بعض النواحي الصحية ثم تطرقت إلى عادات القراءة لأفراد العينة.
ووزع الباحثون أفراد العينة إلى ثلاث مجموعات: الأفراد الذين لا يقرأون الكتب وآخرون يقضون قرابة ثلاث ساعات ونصف الساعة أسبوعيًا في القراءة، أما المجموعة الأخيرة فتمثل الأفراد الذين تتجاوز ساعات قراءتهم الأسبوعية الرقم السابق، والذين تم وصفهم بأنهم الأكثر “ثقافة” من غيرهم ومعظمهم كان من السيدات ذوات التعليم العالي والدخل المرتفع، في حين لم تؤثر صفات الأشخاص الأخرى، كالعمر والعِرق والملف الصحي وكون المرء متزوجًا أو لا، إضافة إلى المعاناة من الاكتئاب، على نتائج الدراسة.
وأكدت الدراسة على أن قراء الروايات، تحديدًا، يعيشون 23 شهرًا إضافيًا أي قرابة العامين، مقارنة بالأشخاص الذين لا يقرأون.
وأوضحت الدكتورة بيكا ليفي التدريسية في جامعة ييل الأمريكية، في مقال لها نشر في مجلة “العلوم الاجتماعية والطب”، بأن القراءة لمدة نصف ساعة يوميًا قد تحدث فارقًا ملحوظًا فيما يتعلق بمعدل دورة حياة الأفراد، في الوقت الذي تبقى فيه ميزة البقاء على قيد الحياة باتباع هذا السلوك القرائي بصرف النظر عن التعليم، والثروة، والقدرة المعرفية وبقية المتغيرات التي ترصدها البحوث الرصينة في هذا الإطار.
صحتك بين السطور
تجاوز القراءة حدود المتعة والمعرفة لما لها من فوائد عديدة تعود على الصحة العقلية والقدرات الذهنية ومقاومة الاكتئاب والتوتر، وفيما يلي قائمة لفوائد القراءة على صحة الإنسان:
1- تقوية الوصلات العصبية
تُعد القراءة من أكثر الأنشطة التي تحفّز الدماغ للقيام بمهامه وتُطّور القدرات الدماغية التواصلية والتحليلية، خصوصًا لدى الأطفال واليافعين كما وتقوّي عمل الوصلات العصبية الموجودة في الدماغ. اقرأ أيضًا: ألبرتو مانغويل: القراءة هي منزلي
2- تعزيز التركيز
إن العمليات التي يقوم بها الدماغ أثناء قراءة النصوص وتحليلها تتنوع بين التأمل والتفكير والتخيّل والتحليل وربط الظواهر مع مفاهيمها؛ ما يؤدي إلى تنمية القدرات التأملية والتعبيرية الكتابية منها والشفوية، وتطوير القدرات التحليلية، ورفع مستوى التركيز. اقرأ أيضًا: 5 مقاطع موسيقيّة تساعدك على التركيز أثناء القراءة.
3- تطوير القدرات الإبداعية
تتناسب القدرات الإبداعية طرديًا مع معدلات القراءة، إذ إن القراءة تمكّن الفرد من التفكير بشكل غير مألوف، وتمكنّه أيضًا من الإتيان بما هو غير مسبوق نظرًا لتجدد أفقه الثقافي والفكري المستمر نتيجة القراءة والاطلاع، وقد ربط العديد من المختصين الصحة العقلية بمدى تطور القدرات الإبداعية لدى الأفراد بمعدلات القراءة والمطالعة. اقرأ أيضًا: 8 كتّاب أخذوا طرقًا بديلة للنّجاح.
4- تنشيط الذاكرة
إنَّ القراءة المنتظمة بكونها واحدة من الأنشطة الدماغية ومصدرًا لتعزيز المهارات العقلية تقلل من فقدان الذاكرة وتَحِدُ من الإصابة بمرض الزهايمر، فقد أظهرت بعض الدراسات أن القرّاء بمرضى الزهايمر ظهرت عليهم أعراض الإصابة بالمرض في وقت متأخّر مقارنةً بغيرهم من غير القرّاء. اقرأ أيضًا: 15 علامة لتعرف أنك مدمن على قراءة الكتب.
5- مقاومة الاكتئاب والتوتر
تلعب القراءة دورًا في تقليل معدلات الاكتئاب والتوتر العصبي، لأن القارئ يكتسب أبعادًا فكرية جديدة قد تقلل من سلبية أفكار معينة اكتسبها بفعل بعض التجارب الاجتماعية والشخصية، وتعد القراءة أحد مقاومات الأمراض العصبية البسيطة مثل الصداع والأرق. اقرأ أيضًا: دع القلق وابدأ الحياة؛ كتاب يلامس التجارب الإنسانية.
القراءة ونهضة الشعوب
بالإضافة إلى ما ذكر أعلاه، تعتبر القراءة من المحركات الرئيسية والأساسية لنهضة مختلف شعوب وحضارات وثقافات الأرض على اختلافها وتنوّعها، ذلك لأنّ هذا النشاط يرتبط ارتباطًا وثيقًا وبشكلٍ كبير جدًا بتناقل المعارف والعلوم بين مختلف الأفراد، كما أنّه يساعد على تطوّرها ونهضتها وتقدّمها بشكل كبير جدًا.
يهتم العديد من الأفراد من مختلف الأصول والبلدان والثقافات بممارسة القراءة، حيث قامت العديد من المبادرات المختلفة التي تعمل على تحفيز الآخرين على القيام بهذا النشاط، إلّا أنّ بعضًا من العوائق تعترض الأشخاص في بعض الأحيان بحيث تُشكّل عائقًا بينهم وبين ممارستهم لهذا النشاط بكلّ سهولة ويسر.
ولعلّ أبرز هذه العوائق العائق المادي، إذ إنّ أسعار الكتب مرتفعة بشكلٍ كبير جدًا، ممّا يحول بين الكتب وبين إمكانية تملّك الأشخاص لها، من هنا فقد ظهرت عدة مبادرات رائعة تساعد على توفير الكتب المستعملة إما بأسعار رخيصة جدًا، أو أنها توفر إمكانية تبادل الكتب بين الأشخاص، مما ساعد على انتشار ثقافة القراءة بين الناس.
وللقراءة أهمية عظيمة جدًا تعود بها على الفرد والمجتمع وذلك لأنها تؤثر في كافة الجوانب، فمثلًا، للقراءة دور عظيم في دعم الجانب الاقتصادي لشريحة كبيرة من الأفراد؛ إذ إن إقبال الناس على القراءة يشجع المطابع على العمل، إلى جانب تحفيز دور النشر على البحث عن الكتاب الموهوبين والجدد، وبالتالي النهضة الشاملة، وتحسين الأوضاع الاقتصادية لفئات كبيرة من الناس، إلى جانب خلق فرص عملٍ جديدة خاصةً على مستوى الخدمات اللوجستية الهامة.
يمكن للقراءة أن تساهم في تحسين وتطوير الأوضاع الاقتصادية على المستويات الدولية أيضًا؛ فالقرّاء يرغبون في شراء بعض الكتب التي لا تتوافر في دولهم، مما يضطرهم إلى شرائها من الدول الأخرى إما من خلال الإنترنت، أو من خلال الطرق التقليدية في الشراء.
تساعد القراءة على تحسين نوعية الحياة، وذلك من خلال تناقل المعارف بين ثقافات الأرض، فالحياة بطبيعتها تكاملية، فكل شخص فيها يمتلك جزءًا يسيرًا من المعرفة، ومن هنا فإنّ القراءة هي واسطة نقل هذه المعارف بين مختلف شعوب الأرض.
وتعتبر القراءة وسيلةً من وسائل الترفيه عن النفس، حيث يمكن قضاء الأوقات الجميلة في قراءة بعض الكتب الخفيفة والممتعة، والتي تقدّم فائدةً في الوقت ذاته.
كما أنها تساعد وبشكل كبير على زيادة الإنتاج الأدبي، فزيادة الإنتاج الأدبي لها فائدة كبيرة جدًا في تحسين الحياة الفنية، إذ إن عددًا لا بأس به من روائع السينما العالمية تعتمد قصصها على الروايات الأدبية، كما أن عددًا كبيرًا من النصوص الأدبية تم تحويلها إلى نصوص مسرحية، ونصوص تلفزيونية مميزة لاقت استحسان الجماهير العريضة.
بالأرقام
نظرًا لأهمية القراءة في حياة الإنسان تم تخصيص يوم عالمي لها، فيعتبر 23 أبريل هو اليوم العالمي للكتاب، بحسب منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو).
وهناك أرقام تتحدث عن واقع القراءة في العالم العربي، فبحسب “تقرير التنمية البشرية” للعام 2003 الصادر عن اليونسكو، يقرأ المواطن العربي أقل من كتاب بكثير، فكل 80 شخصًا يقرأون كتابًا واحدًا في السنة، في المقابل، يقرأ المواطن الأوروبي نحو 35 كتابًا في السنة، والمواطن الإسرائيلي 40 كتابًا.
وجاء في “تقرير التنمية الثقافية” للعام 2011 الصادر عن “مؤسسة الفكر العربي” أن العربي يقرأ بمعدل 6 دقائق سنويًا بينما يقرأ الأوروبي بمعدّل 200 ساعة سنويًا.
تتفاوت الأرقام بين دراسة وأخرى بالنسبة لمعدل القراءة في العالم العربي، في دراسة أجرتها شركة سينوفات المتعددة الجنسيات لأبحاث السوق، عام 2008، جاء أن المصريين والمغاربة يقضون أربعين دقيقة يوميًا في قراءة الصحف والمجلات مقابل 35 دقيقة في تونس و34 دقيقة في السعودية و31 دقيقة في لبنان.
وفي مجال قراءة الكتب، يقرأ اللبنانيون 588 دقيقة في الشهر، وفي مصر 540 دقيقة، وفي المغرب 506 دقائق، وفي السعودية 378 دقيقة، هذه الأرقام تعكس واقعًا إيجابيًا أكثر من الأرقام السابقة، ينتج هذا الاختلاف من كون الأرقام الأخيرة تشمل قراءة القرآن الكريم، أما الأرقام السابقة فلا تحسب إلا قراءة الكتب الثقافية وتتغاضى عن قراءة الصحف والمجلات، والكتب الدراسية، وملفات العمل والتقارير، وكتب التسلية.
بحسب تقرير اليونسكو المذكور، أنتجت الدول العربية 6500 كتاب عام 1991، بالمقارنة مع 102000 كتاب في أمريكا الشمالية، و42000 كتاب في أمريكا اللاتينية والكاريبي.
وبحسب “تقرير التنمية الثقافية” فإن عدد كتب الثقافة العامة التي تنشر سنويًا في العالم العربي لا تتجاوز الـ5000 عنوان، أما في أمريكا، على سبيل المثال، فيصدر سنويًا، حوالى 300 ألف كتاب.
هذه الأرقام غير كافية لفهم الهوّة بين العرب وباقي البلدان، فعدد النسخ المطبوعة من كل كتاب عربي هو ألف أو ألفين ويصل، في حالات نادرة، إلى 5 آلاف، بينما تتجاوز نسخ الكتاب المطبوع في الغرب عادةً الـ 50 ألف نسخة.
بحسب تقرير اليونسكو، يُترجَم سنويًا في العالم العربي خُمس ما يُترجَم في دولة اليونان الصغيرة، والحصيلة الكلية لما تُرجم إلى العربية منذ عصر الخليفة العباسي المأمون إلى العصر الحالي تقارب الـ 10000 كتاب، وهذا العدد يساوي ما تترجمه إسبانيا في سنة واحدة.
وفي النصف الأول من ثمانينات القرن العشرين، كان متوسط الكتب المترجمة لكل مليون مواطن، على مدى خمس سنوات، هو 4.4 كتاب (أقل من كتاب لكل مليون عربي في السنة) بينما في هنغاريا كان الرقم 519 كتابًا لكل مليون، وفي إسبانيا 920 كتابًا لكل مليون.
أشارت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (أليكسو) في بيان إلى أن نسبة الأمية في الدول العربية تبلغ 19.73%، وإلى تفاوت كبير بين النساء والرجال إذ تبلغ نسبة النساء من الشريحة الأمية 60.60%، إذا أضفنا إلى هذه المعطيات أن الملايين من العرب يعيشون تحت خط الفقر ويهتمون بتلبية حاجاتهم الأساسية لا بشراء الكتب، ستتضح بعض معالم الصورة العامة.
بالإضافة إلى ذلك، هناك فكرة تربط بين الاهتمام بالقراءة وبين طبيعة النظام السياسي، وتقول إنه حيث تزدهر الحريات ترتفع معدلات القراءة، ففي المجتمعات الديمقراطية يعتبر المواطن نفسه شخصًا فاعلًا في الحياة العامة.
لذلك يهتم، ولو قليلًا، بالإنتاج الثقافي والسياسي، وعليه، كانت معدلات القراءة في الحقبة التي ازدهرت فيها الأيديولوجيات السياسية في العالم العربي بين الفئات المتعلّمة، أكبر بكثير مما هي اليوم.
أما الآن، ولأن معظم المواطنين يسلّمون مصائرهم للقدر ويشعرون بلاجدوى انخراطهم في الشأن العام، فإن الاهتمام بالقراءة تراجع.
متعة الورق
مع التقدم التكنولوجي الذي يعيشة العالم اليوم، أصبحت الكتب الإلكترونية لها جمهور يتمتع بقراءتها ولكن ليس بقدر الجمهور الذي مازال يعشق الكتاب الورقي، فقد أوضحت دراسة نشرت في يوليو 2010، أن قراءة الكتب الإلكترونية تتم بصورة أبطأ كثيرًا من قراءة الكتب الورقية التقليدية في نتيجة قد تعتبر مفاجأة للكثيرين.
وكانت دراسة أجرتها مجموعة Nielsen Norman قامت من خلالها بمراقبة الفارق في سرعات القراءة لدى 24 مستخدمًا، وقد لاحظت وجود فارق كبير ملحوظ بين القراءة على الأجهزة الإلكترونية والقراءة التقليدية للكتب الورقية المطبوعة.
وقد قام جميع المشاركين في الدراسة بقراءة قصة قصيرة للكاتب “إرنست هيمنجواي” على أجهزة القراءة الإلكترونية المختلفة، وقد لاحظت Nielsen أن الذين قاموا بالقراءة على iPad كانوا أبطأ بنسبة 6.2% من الذين قاموا بالقراءة من النسخة المطبوعة من القصة، أما من قاموا بقراءتها على أجهزة Kindle 2 فكانوا أبطأ بنسبة 10.7%.
وعبر المشاركون عن مدى سعادتهم بتجربة القراءة وتقييم كل جهاز، وجاءت الأرقام متقاربة فجاء iPad في المقدمة محرزًا علامة 5.8 من أصل 7، يليه جهاز Kindle محرزًا 5.7 ثم الكتاب التقليدي بدرجة 5.6 في حين حل الكمبيوتر الشخصي في المرتبة الأخيرة بدرجة 3.6.
وأوضح الباحث جاكوب نيلسين أن أغلبية تعليقات المستخدمين جاءت متوقعة، حيث أعربوا عن عدم رضاهم بثقل وزن iPad، وعدم وضوح الحروف على Kindle.
كما لم يعجب القراء افتقاد الأجهزة لنظام حقيقي لترقيم الصفحات إلا أنهم أعربوا عن إعجابهم بالخاصية التي يمتلكها iPad والتي تقوم بالإشارة إلى ما تبقى من الصفحات المتبقية في أي فصل.
اقرأي لطفلك
لكي نبني جيلاً جديدًا مثقفًا ومبدعًا في شتى مناحي الحياة لا بد من تربيته على حب القراءة والإطلاع، فتعد القراءة من أهم الاكتسابات المدرسية، حيث يبدأ تعلمها في الطور الابتدائي، غير أن الكثير من الأشخاص يتعلمونها فيما بعد، أهميتها تكمن في أننا لا نستغني عنها في الكثير، من نشاطاتها المدرسية المهنية والاجتماعية، خصوصًا وأن العالم اليوم يتطور بسرعة مذهلة، أصبحنا نعتبر الأمي من لا يحسن استعمال تقنيات الاتصال الحديثة كالكمبيوتر، يتحدث عن القراءة التي يوصفها بالنعمة التي لا يعرفها إلا الأميون.
ويتفق المربون على أن القراءة يجب أن تأتي في مقدمة المواد الدراسية الأخرى، إذ هي الوسيلة التي تمكنهم من التحصيل واكتساب المعرفة في المواد الدراسية كلها.
وقد أثبتت البحوث التربوية التي أجريت على التلاميذ والطلاب أن هناك ترابطًا إيجابيًا مرتفعًا بين القدرة على القراءة والتقدم الدراسي.
والقراءة شيء ضروري للتكوين والنمو الثقافي لأي فرد من الأفراد وتؤكد معظم مناهج الدراسة الابتدائية في كثير من دول العالم على أن القراءة هي الأداة التي يستطيع الإنسان بواسطتها أن يتصل بغيره من الناس الذين تفصل بينهم المسافات التاريخية والجغرافية، بمعنى أن يلم بالثقافات سواء متقدمة أو معاصرة ويتفاعل معها.
فقد أثبت بعض الدراسات الخاصة بعلم الاجتماع، أن قراءة القصص طريقة قوية لمساعدة الأطفال على الإبداع و الخيال.
هذا ويشعر علماء الاجتماع في جميع أنحاء العالم بالقلق من انتشار ظاهرة اضمحلال الخيال في المجتمعات الفتية بسبب الإدمان على التلفزيون، والتكنولوجيا، والشبكات الاجتماعية، والمواقع الإلكترونية، حيث تدنت مستويات القراءة بين طلاب المدارس إلى نسب منخفضة جدًا ومثيرة للقلق.
وتعد قراءة القصص طريقة رائعة لزيادة الإبداع والخيال والارتقاء به ويجب أن تبدأ في سن مبكرة حتى يتمكن الأطفال من تعلم واستيعاب واستعمال المفردات الجديدة ضمن سياق مختلف كل مرة.
ولا تكتمل قراءة القصص إلا بسردها بطريقة مشوقة، ويعتقد الخبراء أن الصلة بين الأهل الذين يقرأون القصص وأطفالهم غالبًا ما تكون قوية ومتينة جدًا.
وينصح خبراء علم الاجتماع والنفس بالابتعاد عن مسببات التشويش في المنازل من أجهزة ذكية وتلفزيونات وألعاب فيديو واللجوء إلى أماكن هادئة مثل المكتبة العامة أو أي مكان تتوفر به أجواء مهيأة للقراءة لزيادة وإثراء ثقافة الأطفال ومحاولة ربطهم بمفهموم القراءة الممتعة.
كما أن القراءة قبل النوم، تشعر الطفل بالأمن، والقرب النفسي من الأم، لاسيما أن الطفل أحيانًا يشعر بثقل توجيهات الأم اليومية، مما يجعل التواصل بقراءة القصص من أفضل الوسائل التي تحافظ على توازن الطفل.
فائدة القراءة لا تعود فقط على الدنيا وسيرها، ونجاح الأمة وتقدمها، بل إن القراءة تورث الجنة وتقود إليها فإن الله ذكر في كتابه: “إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ”.
وكذلك تغنّى الشعراء بالقراءة فمن معينها تزداد مفرداتهم فتعينهم على نظم الشعر، منهم حافظ إبراهيم ومن أشعاره:
أنا من بدل بالكتب الصحابا.. لم أجد لي وافيًا إلا الكـتـابا
صاحب إن عبته أو لم تعب.. ليس بالواحد للصاحب عـابا
كـلـمـا أخـلقته جدّدني.. وكساني من حلى الفضل ثيابا