يبدو أن الإرهاب الإسرائيلي وفي ظل الوضع العربي والدولي المترهل والمُساعد له، بات لا حدود لإجرامه وتجاوزاته الخطيرة، فجعل من كل ماهو فلسطيني هدفاً مشروعاً للقتل والحرق وسرقة الأملاك، والاعتداءات المتواصلة بتأييد من ودعم ومساندة من الحكومة المتطرقة التي يترأسها بينيامين نتنياهو.
وما بين العصا والجزرة، وتقسيم الأراضي الفلسطينية لمناطق ساخنة وباردة، والسعي لتشكيل “قوات” لزرع بذور حرب أهلية، تتبلور خطة وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان للتعامل مع الأوضاع في مناطق السلطة، وهو ما يعيد إلى الأذهان الفلسطينية “عصر المخاتير” أو “روابط القرى”.
خطة ليبرمان القديمة الجديدة جاءت بعد فشله الذريع هو وقادة الاحتلال في القضاء على انتفاضة القدس، وعقب التقديرات الإسرائيلية بإمكانية فوز حماس في الانتخابات المحلية القادمة، حيث يسعى هذه المرة إلى تطبيقها لكن بصورة جديدة وبمساعدة السلطة الفلسطينية.
تفاصيل خطيرة
القناة العاشرة الإسرائيلية تحدثت عن الخطوط العريضة لسياسية وزير الحرب الإسرائيلي ليبرمان تجاه مدن وقرى الضفة الغربية؛ والتعامل مباشرة مع الفلسطينيين عبر الإدارة المدنية التابعة للجيش “الإسرائيلي” بإدارة الجنرال يوآف مردخاي.
خطوة ليبرمان جاءت بعد أيام من إعلان الإدارة المدنية “الإسرائيلية” عن ما أسمته وحدة الإعلام الجديد التي من أهدافها التواصل المباشر مع الفلسطينيين، وتقديم خدمات لهم عبر وسيلة التواصل الجديدة منها تصاريح العمل على سبيل المثال، إلى جانب خدمات أخرى لم تفصلها.
وأضافت القناة؛ يريد ليبرمان تقسيم الضفة الغربية إلى مناطق ساخنة ومناطق باردة، المناطق الساخنة هي تلك التي يخرج منها منفذون لعمليات المقاومة، سكان هذه المناطق سيعانون من سياسيات الإغلاق والعقاب الجماعي.
أما المناطق التي سماها ليبرمان المناطق الباردة، هي المناطق الهادئة أمنياً حسب تعبيره، ستشهد هذه المناطق حرية حركة، ومشاريع تطويرية في قطاعات مختلفة مثل إقامة ملاعب لكرة القدم ومناطق صناعية، وغيرها من المشاريع التطويرية.
وأعلن ليبرمان أنه سيبدأ بالحوار مع الشخصيات الفلسطينية المحلية عبر منسّق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لإقامة موقع إخباري باللغة العربية “يحمل توجهنا نحن” باستثمار نحو 10 مليون شيقل، مضيفاً “أريد التواصل معهم مباشرة وليس عبر المقاطعة، لا شك أن هذا يشكل تحديا – إقامة موقع إخباري – لكننا صادقنا على الميزانية وعلى كافة الملاكات”.
إلى جانب ذلك، يسعى الوزير اليميني المتطرف الذي كان قد صرّح قبل توليه المنصب بأسابيع قليلة أنه ينوي اغتيال أحد أبرز قيادات حركة “حماس” إسماعيل هنية، إلى “التواصل مع المجتمع الفلسطيني بدون وسطاء”. واعتبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس كـ”حاجز بوجه الاتفاق”، علما أنه كان قد وصفه في العام 2014 بأنه “إرهابي دبلوماسي”.
سياسة العصا والجزرة
ليبرمان الذي يقطن في مستوطنة “نوكاديم” القائمة في أراضي الضفة الغربية قال، “إذا كان هناك أدباء وكتّاب ورجال أكاديميين بارزين على المستوى المحلي – فلماذا يتواصلون معنا عن طريق أبو مازن؟ إذا كان هو يخاطب المجتمع الإسرائيلي، لما لا نخاطب المجتمع الفلسطيني؟”.
بالنسبة للوزير الإسرائيلي المسئول عن إدارة شؤون الإدارة التخطيطية في الضفة الغربية، فإن سياسته يصح وصفها بأنها سياسة “العصا والجزرة”، فبحسب ليبرمان “في البلدات التي يخرج منها منفذوا عمليات ستتزايد وتيرة الاعتقالات والتطبيق الإداري بما يخص البناء غير القانوني أو السيارات المسروقة، بينما في المناطق التي لا يخرج منها مخربون ستحصل على مشاريع مدنية في المناطق سي”. وقدّم أمثلة لذلك ومنها المصادقة على إقامة مستشفى في بيت ساحور ومنطقة صناعية غرب نابلس، إضافة إلى تجديد الكازينو في أريحا.كما قال.
وفي ذات السياق، ضمن مخططات ليبرمان الخطيرة لتهجير وتشريد الفلسطينيين، ذكرت صحيفة “هآرتس”، أن وزير الحرب أفيغدور ليبرمان سيبلغ المحكمة الإسرائيلية العليا بعدم إيجاد حل لقرية سوسيا الواقعة جنوبي جبل الخليل، تمهيداً لتهجير سكان القرية لبلدة يطا، وأن المفاوضات مع سكان قرية سوسيا قد استنفذت.
ووفقاً للصحيفة، فإنّ قرابة ما يزيد على خمسين عائلة فلسطينية يعانون مضايقات المستوطنين، وخاصة مستوطنة سوسيا المقامة على أراضيهم، وسلسلة إجراءات رسمية تهدف إلى التضييق عليهم، وإفساح المجال للتوسع الاستيطاني، كان من بينها إخطارات بهدم القرية كاملة، وإنذار سكانها بإخلائها.
ويعد سكان القرية من الطّبقة الضّعيفة جداً في الضّفة الغربية، وخلال العقود الثلاث الأخيرة تمّ طردهم من بيوتهم مرّات عدّة، كان أولها في عام 1986، وفي 2001 تمّ طرد السّكان مرة أخرى على أيدي قوات الجيش التي قامت بهدم المغارات والأكواخ التي عاشوا فيها.
وتولى ليبرمان وزارة الجيش في 30 أيار/ مايو المنصرم بعد المصادقة على قرار توسيع الائتلاف الحكومي في إسرائيل، والتوصل إلى اتفاق بين حزبه “يسرائيل بيتينو” ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من حزب الليكود.
وليبرمان معتاد على إطلاق أفكار تترك أصداء صاخبة بسبب تصريحاته الصادمة ضد الفلسطينيين والعرب ودول الجوار وغيرهم. فيما يلي مقتطفات منها العرب في إسرائيل غير الموالين “يستحقون قطع الراس بالفأس” (2015). رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس “إرهابي دبلوماسي” (2014).
مشروع صهيوني فاشل
بدوره، أكد أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أن الخطة الإسرائيلية الجديدة لتشريد الفلسطينيين، وتقسيم الوطن محاولة بائسة يسعى الاحتلال من خلالها للالتفاف على القيادة الشرعية للشعب الفلسطيني.
مجدلاني أوضح، أنه تم إنشاء مكتب تابع لما تسمى الإدارة المدنية بميزانية قدرها “10” مليارات شيكل، حيث سيُنشئ هذا المكتب موقعاً الكترونياً لتحقيق الغرض الخاص بالتواصل.
وحول طبيعة هذه الشخصيات الفلسطينية التي سيتم التواصل معها، قال مجدلاني إنه لا يعرفها تحديداً، ولكنها “قلة من العملاء والخونة التي ستتعامل مع ليبرمان”، وختم حديثه، قائلاً: “خطة افيغدور ليبرمان هي قرار سياسي إسرائيلي لان ليبرمان أطلع نتنياهو عليها ولذلك هي رؤية سياسية واقتصادية”.
بدورها، حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” أكدت، في أول رد على تصريحات وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، أن مشروعه الخاص بروابط القرى الذي يخطط له لن يمر ومصيره الفشل.
ودعت الحركة، حركة حماس إلى تفويت الفرصة على تلك المشاريع المشبوهة التي تستهدفنا جميعا كشعب وأرض وحقوق، وأن لا تقع في فخ المخططات الإسرائيلية.
وقال المتحدث باسم الحركة أسامه القواسمي، إن:” حركته تقاتل من أجل خلع الانقسام الأسود من جذوره وطي هذه الصفحة السوداء التي بدأت في صيف 2007 عندما انقلبت حماس على الشرعية”.
وأضاف القواسمي، “نسعى لتجسيد الوحدة الوطنية الحقيقية المبنية على أسس متينه، والتي تكون ركائزها الدولة الناجزه وعاصمتها القدس والشراكة المبنية على أساس ديمقراطي حضاري، ومنظمة التحرير ممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني”.
وأكد القواسمي أن حركة فتح ستبقى تناضل وتقاتل من أجل رفعة فلسطين وعلمها وشعبها العظيم، مؤكداً أن تناقضنا الوحيد كان وسيبقى مع المحتل الإسرائيلي، وهدفنا سيبقى محصورا في إنهاء الاحتلال والتحرر وإقامة الدولة وعاصمتها القدس وتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية.
وما يعزز تحذير المسئولين، ما نشرته صحيفة “هآرتس”، أن وزارة الحرب الإسرائيلية أعدت قائمة من شخصيات فلسطينية تشمل شخصيات من السلطة وأكاديميين ووجهاء ورجال أعمال للتواصل معهم، وهو ما يعني إمكانية تشكيل نظام “المخاتير” بصورة حديثة، والبدء بتنفيذ خطة ليبرمان الجديدة.