في ساعات الصبح الأولى تبدأ رحلة عبد الله أحمد، البالغ من العمر 28 عاماً، بحثاً عن قوت يومه في شوارع العاصمة الصومالية مقديشيو، شأنه في ذلك شأن أكثر من 70 شاباً صومالياً آخر، كانت البطالة تلاحقهم في شوارع مقديشو، حتى وجدوا ضالتهم في العمل مع أحد مالكي مركبات “التوك توك”.
و”التوك توك” هو مركبة نارية ذات ثلاث عجلات، اقتبستها شركة باجاج الهندية في أوائل ستينات القرن الماضي من مركبة “الريكاشة” اليابانية القديمة ذات العجلتين، والتي كان يجرها سائقها، وأصبحت الآن مستخدمة بكثرة في دول شرق آسيا وآسيا الوسطى بالإضافة إلى بعض الدول الإفريقية مثل مصر والسودان ومؤخرا في الصومال، وهو مصمم بالأساس لنقل راكبين في المقعد الخلفي، إضافة إلي السائق الذي يجلس في المقدمة.
ويطلق على التوك توك في الصومال تسمية دابة الفقراء، وبالإضافة إلى كونه وسيلة التنقل الأكثر استخداما من قبل الصوماليين، لاسيما الذين لا يقدرون على دفع تكاليف سيارات الأجرة، فهو يمثل الآن مشروعا لشركات صغيرة تمتلك منه العشرات وتفتح من خلالاه أبواب رزق لكثير من العائلات في “العاصمة الخضراء”.
عبد الله أحمد، الذي يعرف نفسه بأنه سائق توك توك، قال لوكالة الأناضول: “في السابق كنت أقضي معظم أوقاتي اتسكع في الشوارع، أما الآن فأصبحت مشغولاً بالعمل حتى الساعة السابعة ليلاً، وأجد عملا يدر علي ربحاً وفيراً”، ومثله في هذا عبد الله صالح الذي يقول:”أتسلم مفاتيح التوك توك من صاحب الشركة كل صباح، ومطلوب مني أن أوفر للشركة 16 دولار أمريكي يوميا، مهما كان دخله، فأنا أعول أسرتي من هذه المركبة الصغيرة، التي لا تتسع سوى لـ4 أشخاص، السائق و3 ركاب”.
آمنة يوسف، وهي بائعة خضروات، تفضل ركوب التوك توك على ركوب السيارات العادية، وتقول: “أفضل ركوب التوك توك، وأحمل فيه الخضروات من المكان الذي أشتريها منه إلى المكان الذي أبيعها فيه، وهو أكثر أمانا ويحافظ على البضاعة من السرقة والتلف والعفن.. وقبل ظهور “لتوك توك كنت أضطر للركوب مع سائقي السيارات العامة، وأضع الخضروات وسط الركاب، فيمشون عليها بأحذيتهم”.
ومن سيئات التوك توك التي يخشاها مستخدموه هي أنه إمكانية انقلابه واردة جدا، وهو ما كانت خديجة عبدي، وهي طالبة جامعية، تخشاه في البداية: “في البداية كنت خائفة من استخدام هذه المركبات لكثرة الشائعات المرتبطة بها من الانحراف عن المسار والانقلاب، لكن بعد أن ركبته أستطيع القول إن حوادث الطرق ظاهرة عامة، وليست مقتصرة على التوك توك”.
محي الدين محمد حسن، مدير شركة الهندي لمركبات التوك توك، شرح سبب اتجاهه إلى الاستثمار في هذا المجال قائلا: “بادرت إلى إنشاء هذه الشركة عندما استشعرت أنها تجارة مربحة، وتدر لي مبلغا جيدا، كما أنها تمثل فرصة عمل لكثير من الشباب الذين أجبرتهم البطالة على الجلوس في الشوارع”، مضيفا: “بسرعته الفائقة وثمنه المناسب (3700 دولار أمريكي) لذوي الدخل المحدود يستخدمه الصوماليون لبلوغ مهامهم اليومية، حيث يعبر الطرق الضيقة والأزقة عندما تعم الزحمة شوارع العاصمة التي بدأت تستعيد بريقها بفضل الجهود التركية لإعادة إعمار شوارعها”.
وكانت الحكومة التركية ساهمت في رصف الطريق بين مطار مقديشو ومركز المدينة، ووفرت سيارات لنقل القمامة ولتنظيف المدينة، بالإضافة إلى إنشاء محرقة للتخلص من النفايات، كما زار رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، العاصمة الصومالية، يوم 19 أغسطس/ أب 2011، وبرفقته وفد كبير من الوزراء والبرلمانيين، فيما جمع الشعب التركي تبرعات بلغت 280 مليون دولار، دعما للشعب الصومالي.