إسطنبول مودرن، أو متحف إسطنبول للفنون الحديثة، هو متحف خاص بالفن المعاصر، يجمع فيه معارض ولوحات ومصنوعات خاصة بالفن المعاصر من مختلف الأنواع، يقع المتحف في حي باي أوغلو في إسطنبول، وهو معرض قائم على طابقين، يحتوى الطابق العلوي على المعرض الدائم في المتحف، والذي يستمر لعدة شهور، أما الطابق السفلي فيحتوي على المعرض المؤقت، ومكتبة، بالإضافة إلى السينما الخاصة بالمتحف, والتي تعرض الأفلام الوثائقية أو ما يختلف عما تعرضه دور السينما العادية.
تم تأسيس المتحف عام 2004، وهو من أول المتاحف التي تختص بالفن المعاصر في إسطنبول، يطل المتحف على مضيق البوسفور، ويحتل مساحة 8000 متر مربع على شواطيء البوسفور، كما يقدم المتحف جرعة كافية من الفن المعاصر، حيث يعرض أعمالا لفنانين أتراك وعالميين منذ بداية الفن المعاصر في القرن العشرين وحتى الآن.
يعتبر الدور الأساسي للمتحف هو تصوير الفن المعاصر التركي للعالم، ويعرضه بصورة أكثر وضوحًا للجماهير، في صورة تبعد عن الصورة النمطية للفن التركي في أذهان الجماهير، فهو لا يحتوي على لوحات عن الصوفية، ولا لوحات مطعمة بالزخارف الإسلامية، كما لا يحتوي على أي لوحة من أيام العثمانية، بل هو متحف خاص بالفن المعاصر والفن الحديث بعرضه للوحات لفنانين معاصرين أتراك ودوليين.
بالإضافة إلى دوره في تقديم الفن المعاصر، يقدم المتحف نشاطات تعليمية وثقافية لجماهيره، كما يقدم سينما خاصة بالمتحف، ومكتبة تسمح للقراء بتناول ما يشتهون من الكتب وقراءاتها داخل المتحف، كما يحتوي على مطعم في الدور العلوي.
نون بوست يعرض لكم بعضًا من زوايا المتحف اليوم من إسطنبول، فما الذي يمكن أن يقدمه لك متحف إسطنبول مودرن ؟
” مطار، ميناء، ومدينة”
مشروع للفنان توماس ساراثينو الأرجنتيني، درس العمارة في بيونس آيريس، كما أتم دراسات عليا في العمارة في كل من بيونس آيرس وفرانكفورت، قام بتصميم مشروع ” مطار، ميناء ومدينة في عام 2007 من الحقائب الهوائية ومجموعة من الشبكات، وهو تصميم بسيط يشير إلى التصاميم الذرية في الكيمياء، كما عبر ساراثينو في تصميمه عن مفاهيم بديلة للبشر عن مفاهيم الجنسية، والتملك، والحدود، لذا فهو يقدم حلول إفتراضية لمشاكل البشر الاجتماعية والثقافية والبيئية.
قصاصات من أجل التصوير
اللوحة للفنان التركي رمضان بيراك أوغلو، وهو الذي درس الفنون الجميلة في مدينة إزمير، حتى أصبح بروفيسور يقوم بتدريس الفنون في جامعة التاسع من يوليو في إزمير، يقوم الفنان بيراك أوغلو بتصوير المفاهيم الثقافية والاجتماعية عن طريق ترجمتها من خلال التصوير المرئي، اعتمد بيراك أوغلو في هذا العمل على قصاصات من الجرائد والصحف ليقوم بتكوين صورة فوتوغرافية في النهاية، لامرأة تبدو عليها ملامح القلق الشديد.
الفن المعاصر في التعبير عن الحداثة في الفن التركي
استطاعت الفنانة التركية نور كوشاك تصوير الحداثة في الفن التركي من خلال مجموعة من اللوحات المتسلسلة للفنانة التركية “جاهدة سونكو”، جمعت فيها بين الواقعية والتصوير، مستغلة خلفيتها النسوية كفنانة في التعبير عن نموذج المرأة المثالية، إلا أن كوشاك في وصف لها للعمل الفني صرحت بانها لم تتأثر بماديء النسوية ولا بالسياسة أثناء تصميمها لهذا العمل، ولكنها حاولت تصميم إسقاط فني على الوجه الآخر لتركيا، في الوقت الذي كانت صورة تركيا النمطية تُصدر للعالم من خلال صحف ومجلات بعينها.
الزمن والعمق في تغيير البشرية
هذا العمل للفنان التركي “سيتشكين بيريم”، تحت مسمى “عميق”، يصور فيه بيريم مقاومة البشر لأي قوى اجتماعية مسيطرة عليهم من قِبل المجتمع، أو لأية قوة سياسية تسيطر عليهم، فعمله يقارن بين جانب الحياة المنظم، والعقلاني، مقارنة بالجانب المرن والعشوائي والحر، كما يصور في عمله التداخل بين المفاهيم بين الوقت والتغيير وسيطرة التكنولوجيا على العالم البشري الآن، فالنقطة السوداء في منصف اللوحة تشير إلى تأثير مرور الزمن على البشر، في محاولة لإضافة عمق لمركز اللوحة.
“أمير الصور الغير مكشوف عنها”
جوكشين سيباه أوغلو، أو كما يلقبونه في الصحافة العالمية بأمير الصور الغير مكشوف عنها، درس الصحافة في مدينة إسطنبول، ومن ثم عمل كمصوؤ صحفي في العديد من الجرائد التركية مثل جريدة وطن وحريت، قام جوكشين بتغطية العديد من الأحداث المهمة في التاريخ من خلال عدسته، منها العدوان الثلاثي في مصر عام 1956، ومنا أحداث الشغب التاريخية فيباريس عام 1968، كما كان أول مصور أجنبي يستطيع دخول كوبا وقت الحصار الأمريكي عام 1962، وانتشرت صوره في الصفحات الرئيسية لأكثر من 40 جريدة أمريكية.
الصورة لمراسل الحرب التركي جوشكن آرال، قام آرال بتغطية العديد من الصراعات والحروب الأهلية حول العالم، وبخاصة الشرق الأوسط في لبنان والعراق وإيران وأفغانستان، وهذا ما أعطى عمله أهمية عالمية، حيث انتشرت أعماله في أغلب الجرائد العالمية وأصبحت مشهورة في باريس ونيويورك حيث أقام آرال العديد من المعارض الفنية لصوره في تلك المدن.
تعرض الفنانة الأمريكية بي وايت في “الدخان الشمالي” علاقة الفن بجسد الإنسان، تربط فيها العلاقة بين التكنولوجيا بتصوير مجموعة من الأدخنة البيضاء والفن الزخرفي التقليدي القديم، بحبسها مجموعة من الأدخنة في مكان معين لتصويرها، إلا أن العمل أظهر دقة على الرغم من عشوائيته، بالإضافة إلى استخدامها فن الموجات، وهو ما يعني تاريخيًا في الفن الصبر والدقة وبذل الجهد.
يغير متحف إسطنبول مودرن الصورة النمطية للفن بعرضه نماذج مختلفة ومتنوعة من الفن المعاصر لشريحة كبيرة من الجماهير، في محاولة لعرض صورة مختلفة للفن، وفي محاولة أيضًا لتغيير الصورة النمطية للفن التركي بعرضه للحداثة في الفن التركي جنبًا إلى جنب مع الفن المعاصر العالمي.