انتشرت في بلدان المغرب العربي في السنوات الأخيرة، ظاهرة استعمال بعض المواطنين، أطفال في سن الدراسة ورضع وطاعنين في السن ونساء والرعايا سوريين والمهاجرين السريين، لاستمالة الناس في جمع المال من خلال التسول، في وقت تعمل فيه دول المنطقة على محاربة هذه الظاهرة والقضاء عليها.
الضعف الأمني وراء انتشار المتسولين في ليبيا
شهدت السنوات الأخيرة في ليبيا، ازدياد ظاهرة التسول حتى أصبحت الشوارع الرئيسية لكبرى المدن وخاصة العاصمة طرابلس مليئة بمتسولين على الطرقات والإشارات الضوئية.
نساء في مقتبل العمر يحملن أطفالهن الرضع وأخريات كبيرات في السن وأطفال وشيوخ في الطرقات أو تحت جدران البنايات، يستوقفون المارة ويستعطوفنهم، طلبًا لبعض الدنانير.
ويربط المتسولون في ليبيا خروجهم إلى الشارع ومد أيديهم إلى المارة، بظروفهم المعيشية الصعبة، نتيجة الحرب التي تشهدها بلادهم.
يصعب تقدير عدد المتسولين في ليبيا نتيجة الأوضاع التي تعرفها البلاد
وأمام انتشار حالة الفوضى وانعدام الأمن في ليبيا، توجه وحدات الشرطة جهدها نحو محاربة مظاهر الانفلات والجريمة، فيستغل المتسولون الأمر ويعملون دون متابعة من قوات الأمن.
ويصعب تقدير عدد المتسولين في ليبيا نتيجة الأوضاع التي تعرفها البلاد وغياب المتابعة الجدية لهذا الموضوع.
انتشار المتسولين في شوارع تونس
“ساعدوني يرحمكم الله”،”زوجي بالمستشفى ساعدوني لأوفر له الدواء”، بعض العبارات التي تسمعها في الشوارع وأمام المحلات الكبرى وفي المقاهي والمساجد والمواصلات العامة والمحطات في تونس، يستعمها أصحابها لكسب بعض المال من المارة.
يجرم القانون التونسي التسول
انتشار المتسولين في شوارع تونس، جعل المواطن غير قادر على التمييز بين من دفعتهم ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية لمد يدهم للغير، وبين المتسولين المحتالين الذين يتقمصون كل الأدوار لجلب عطف المواطنين.
ويمنع الفصل 171 من القانون الجنائي التونسي التسول، وينص على عقوبات تصل إلى ستة أشهر لكل من يتحايل على الناس ويكذب عليهم كي يحصل على الصدقة، وترتفع العقوبة إلى عام كامل إذا كان المتسول يستغل طفلًا للتأثير على المارة.
وانتقل التسول في تونس من العمل الفردي إلى العمل المؤسساتي، تديره شركات مختصة في التسول، توفر لهم الحماية وتوزعهم على المناطق وتؤمن لهم التنقل، حتى إننا نجد العديد من المتسولين يرابطون في أماكن محددة لا يتم تجاوزها أو الدخول في مناطق عمل غيرهم، كما نلاحظ دقة التنظيم وصرامة الانضباط في التداول على الأماكن المخصصة لهم.
الجزائر: التسول وظيفة تتطلب حرفية عالية
لم تعد عملية التسول في الجزائر مجرد طلب حسنة ومد اليد للغير، بل تطورت في الأيام الأخيرة لتصبح ”وظيفة” ومهنة تتطلب حرفية عالية وإتقان جيد للدور الذي يتقمصه المتسول.
ويرى مراقبون أن تدهور القدرة الشرائية وانتشار البطالة، من بين الأسباب المباشرة لانتشار هذه الظاهر في الجزائر.
ويؤكد متابعون أن وجود ظاهرة التسول في بلد غني مثل الجزائر، يعد من المفارقات العجيبة، محملين الدول مسؤولية ما تعانيه هذه الفئات الضعيفة.
متسول يفترش الرصيف
العشرات ينتشرون في مختلف الأزقة والشوارع الرئيسية، لكبرى المدن الجزائرية، وفي المساجد الذي يبقى المكان الأفضل المفضل للمتسولين لاستعطاف المصلين.
تشير الأرقام في الجزائر إلى إحصاء نحو 11 ألفًا و269 متسولاً على مستوى 48 محافظة جزائرية
ويرجع خبراء أسباب انتشار هذه الظاهرة إلى الفقر والبطالة، إلى جانب ضعف الدخل وكبر حجم الأسرة الجزائرية، بالإضافة إلى غلاء المعيشة وأسعار الحاجيات، فضلاً عمن يتخذها مهنة يلجأ إليها رغم يسر حالته الاجتماعية والاقتصادية، لما تدره عليه من أموال دون تعب.
ويعاقب قانون العقوبات في الجزائر في مادته عدد195، بالحبس من شهر إلى ستة أشهر كل من اعتاد ممارسة التسول في أي مكان كان وذلك رغم وجود وسائل العيش لديه، أو إمكانية الحصول عليها بالعمل أو بأي طريقة مشروعة أخرى.
وتشير الأرقام في الجزائر إلى إحصاء نحو 11 ألفًا و269 متسولاً على مستوى 48 محافظة جزائرية.
المهاجرون السريون في المغرب يمتهنون التسول
صادق البرلمان المغربي، مؤخرًا، على مشروع قانون متعلق بالإتجار بالبشر والدعارة والتسول.
وينص مشروع القانون على “تجريم جميع أشكال الاستغلال، بما فيها استغلال دعارة الغير والاستغلال عن طريق المواد الإباحية والعمل الجبري أو السخرة أو التسول أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق”.
وتنتشر في المغرب ظاهرة التسول خاصة من قبل المهاجريين الأفارقة السريين (غير قانونيين)، حتى إنه صار من المألوف، رؤية العديد من المهاجرين السريين القادمين من دول جنوب صحراء إفريقيا يتسكعون بأزقة وشوارع مدن المغرب، يحترفون التسول كمورد لكسب لقمة العيش وانتظار فرصة لعبور مضيق جبل طارق من طنجة نحو إسبانيا.
يعود آخر إحصاء للمتسولين في المغرب إلى عام 2007، ويفيد بوجود أكثر من 195 ألف متسول
في نفس السياق، أشارت وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية بالمغرب، بسيمة الحقاوي، إلى أن الأطفال الذين يتسولون في شوارع المدن، تدفعهم أسرهم للتسول، أو يكونون من دون عائلات ومأوى.
وتشير عدة تقارير إلى وقوف شبكات منظمة وراء المتسولين تتاجر بهم وبمعاناتهم، مستغلة أوضاعهم.
ويعود آخر إحصاء للمتسولين في المغرب إلى عام 2007، ويفيد بوجود أكثر من 195 ألف متسول يجوبون شوارع المدن والبوادي المغربية.
غلق مراكز إيواء المتسولين في موريتانيا
في الجارة الغربية للمغرب، أصبحت ظاهرة التسول حرفة تدر الربح الوفير على كل من يمتهنها بصفة مباشرة أو غير مباشرة.
في العاصمة نواكشوط، قرب الإدارات العمومية وفي مفترق الطرقات وأمام المساجد، يتجمع عشرات من المتسولين من رجال ونساء وصغار يمدون أيديهم ويهتفون بعبارات مختلفة، طلبًا لبعض الأوقية (العملة المحلية).
وكثيرًا ما ترصد الدولة الموريتانية في ميزانيتها العامة مبالغًا هامة لصالح تمويل برامج مكافحة التسول، إلا أنها لم تفلح في القضاء على هذه الظاهرة التي يمقتها الموريتانيون ويرون فيها انتقاصًا كبيرًا لإنسانية الإنسان.
وغالبًا ما تتوقف هذه البرامج بعد استنزاف الأموال المرصودة لها، دون تحقيق النتائج المرجوة، حتى إن بعض القائمين على مراكز الإيواء اضطروا إلى إغلاقها بعد أن هجرها المتسولون، بحثًا عن رزقهم في الشارع.