ترجمة وتحرير نون بوست
كان فرزاد مادادزادة يوصل زبائنه في كرج وكان عائدًا إلى طهران عندما رن هاتفه، لقد اتصل به ضابط في الشرطة ليطلب منه أن يأتي إلى المحطة الواقعة في العاصمة الإيرانية حيث ظن سائق سيارة الأجرة أن هذا الاتصال ما هو إلا إجراء روتيني.
وفي هذا السياق، صرح فرزاد قائلاً: “لقد اعتقدت أن الأمر يتعلق بقيادتي لسيارة الأجرة، أو ربما أخذ شخص ما رقم لوحة التسجيل الخاصة بالسيارة ثم أبلغ عني”.
لقد كان على خطأ خاصة بعدما تلا ذلك الاتصال اعتقال وتحقيق دام لأشهر وضرب وحشي وحبس انفرادي تليهم محاكمة استمرت لبضع دقائق وأسفرت عن حكم بالسجن لمدة خمس سنوات، ولكن سائق الأجرة كان أحد المحظوظين.
فقد اعتقل سنة 2009 ثم أطلق سراحه من السجن سنة 2014 وكان واحدًا من عشرات الآلاف من السجناء المحتجزين في السجون الإيرانية في ذلك الوقت، ويعد فرزاد محظوظًا نظرًا لأنه واجه حكمًا بالسجن لمدة خمس سنوات في حين أن العديد من الإيرانيين لا يحلمون بالخروج من هناك، وتجدر الإشارة إلى أن منظمة العفو الدولية أعلنت أن بين سنتي 2013 و2015، تم إعدام حوالي 2000 شخص في إيران.
إن التصعيد الذي قامت به إيران مؤخرًا والذي يتمثل في إعدام 20 سجينًا سنيًا في سجن جوهردشت في وقت سابق من هذا الشهر قد ترك العديد متخوفين من إمكانية العودة إلى إحدى أسوأ الفترات في تاريخ إيران الحديث.
أصبح فرزاد سنة 2009 سجينًا سياسيًا حيث إن دعمه الكبير لحركة مجاهدي خلق الإيرانية، وهي إحدى جماعات المعارضة داخل إيران، استحوذ على اهتمام السلطات، وخلال وصفه لظروف اعتقاله، قال فرزاد “عندما ذهبت إلى المحطة رأيت أن الجو كان غير طبيعي”، وأضاف “كان هناك العديد من رجال الشرطة الذين يرتدون ملابس مدنية، ولم أدرك ما يحدث في ذلك الوقت لكنهم كانوا وكلاء من وزارة الاستخبارات”.
وصرح فرزاد أن رجال الاستخبارات صادروا ممتلكاته ما دفعه إلى سؤالهم “من أنتم؟”، فأجابوا “الأمر لا علاقة له بك”، ثم واصل فرزاد قائلاً “أعطوني مذكرة التفتيش وأخبروني سبب إحضارها”، عندها وضعوا غطاءً على رأسه ورموا به داخل السيارة ثم نقلوه إلى سجن إيفين داخل الزنزانة 209 التي تديرها وزارة الاستخبارات.
خلال مكوثه داخل السجن، تعرض فرزاد إلى الأساليب الوحشية المستخدمة من قبل المحققين وذلك بهدف انتزاع معلومات من السجناء المحتجزين، وخلال وصفه لعملية الاستجواب، صرح فرزاد “كانوا يأخذونني إما على الساعة الثامنة أو التاسعة سواء صباحًا أو مساءً، وإذا لم أمدهم بالمعلومات التي يريدونها مني، ينهالون علي بالضرب”، وأضاف “كان هناك ثلاثة أشخاص يقومون بضربي ليس فقط بهدف استخراج المعلومة بل يريدون مني الإدلاء باعتراف كاذب وتقديم أدلة ضد حركة مجاهدي خلق الإيرانية“.
وقال فرزاد “ولكي أكون صادقًا معكم، فإن أسوأ وسائل التعذيب هي الحبس الانفرادي”، وتجدر الإشارة إلى أن فرزاد كان يقضي بين شهرين أو ثلاثة أشهر داخل الحبس الانفرادي ما أثر على صحته النفسية والجسدية.
وشرح فرزاد الوضع قائلاً: “إن أي شخص يُلقى القبض عليه من قبل وزارة الاستخبارات التابعة للحرس الثوري، يتعرض لشتى أنواع التعذيب إلا إذا أعرب شخص ما عن استعداده للتعاون والإدلاء بالمعلومات التي يريدها النظام“.
وكان فرزاد أحد مؤيدي حركة مجاهدي خلق الإيرانية، وشارك ضمن أنشطة متعلقة بين حقوق الإنسان، ودعم أسر السجناء ونقل أخبارهم خارج إيران، كما شارك في الاحتجاجات المناهضة للنظام على الرغم من معرفته بمدى خطورتها، إلا أنه كان مستعدًا للمواجهة.
وقال “من حق أي فرد التعبير عن أرائه والاحتجاج وأنا أدرك جيدًا هذا الحق وبطبيعة الحال سندفع الثمن غاليًا وأنا مستعد لدفع حياتي ثمنًا لذلك”، وبسبب مشاركته في أنشطة معادية للنظام، يواجه فرزاد تهمتين رئيسيتين، أولهما “محاربة الله” وثانيهما وجود علاقة مع حركة مجاهدي خلق الإيرانية.
وصرح فرزاد “تم نقلي مرة واحدة إلى المحكمة وعقدت جلسة المحكمة، حيث استمرت خمس دقائق، قال لي خلالها القاضي أنني متهم بالحرب على الله وبعلاقتي مع حركة مجاهدي خلق الإيرانية، لكنه لم يمنحني فرصة الدفاع عن نفسي”، وأضاف “أعلمتهم حينها أن أغلب ما يقولونه كذب ولا أساس له من الصحة، وبعد مضي أسبوعين، أعلموني بأنه حكم علي بالسجن لمدة خمس سنوات”.
وتجدر الإشارة إلى أن فرزاد قضى أربع سنوات من فترة سجنه تحت ولاية الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد والسنة الأخيرة تحت ولاية الرئيس حسن روحاني، ومنذ الإفراج عنه، صرح فرزاد أن الأمور ازدادت سوءًا خاصة فيما يتعلق بمجال حقوق الإنسان.
وقد ارتفعت أعداد الاعتقالات لتشمل كل الناس دون استثناء وقد أثار هذا القمع المتواصل الذي تمارسه الحكومة خوف العامة من أن تمارس الحكومة سلطتها وتشن حملة إعدام جماعية شبيهة بتلك التي وقعت سنة 1988، وخلال السنة الفارطة، أعلنت منظمة العفو الدولية أن النظام الإيراني أعدم حوالي 977 سجينًا، وعلى سبيل المثال، بالأمس فقط نشر موقع للمعارضة رسالة من السجناء السياسيين حذر فيها الجماعات المحلية والدولية لحقوق الإنسان أن إعدامًا جماعيًا آخر يمكن أن يحدث.
وتجدر الإشارة إلى أنه خلال الآونة الأخيرة عمت الاحتجاجات شوارع طهران وعددًا من العواصم العالمية حيث حاول خلالها المشاركون لفت الانتباه إلى التجاوزات التي يمارسها النظام الإيراني ضد شعبه والمطالبة بتغيير النظام.
المصدر:مترو