أعلنت الحكومة المصرية البارحة الأربعاء رسمياً جماعة الإخوان المسلمين في مصر على أنها “جماعة إرهابية” بعد اتهامها بتنفيذ هجوم انتحاري في مديرية أمن الدقهلية شمال القاهرة أدى لمقتل 16 شخص وجرح قرابة الـ 140 آخرين.
بدأت القصة في ساعات ظهر الثلاثاء عندما فجر انتحاري نفسه بسيارة في مديرية أمن الدقهلية – حسب رواية وزارة الداخلية المصرية- الأمر الذي نفاه شهود عياد وقالوا أن التفجير حدث بعبوة من داخل مديرية الأمن، الأمر الذي أدّى إلى صخب إعلاميّ وشعبيّ واسع واتهامات وإشارات دون تصريح من إعلاميين وسياسيين مؤيدين للانقلاب العسكري إلى اتهام جماعة الإخوان المسلمين بتلك العملية، لتسارع جماعة مسلحة تطلق على نفسها “أنصار بيت المقدس” بإعلان مسؤوليتها عن التفجير.
وقال بيان على مواقع محسوبة على أنصار بيت المقدس – وهي إحدى الجماعات الجهادية التي تتخذ من سيناء مقراً لها – أن “العملية هي الثأر الرابع لمسلمي مصر”، مشيراً إلى أنه “إقامة لفريضة الجهاد فى سبيل الله ورد عادية الطغاة الظالمين ورداً على ما يقوم به النظام المرتد الحاكم من محاربة للشريعة الإسلامية وسفك لدماء المسلمين المستضعفين وانتهاك لأعراض نسائنا وإخواتنا قام إخوانكم فى جماعة أنصار بيت المقدس بفضل وتمكين من الله باستهداف مديرية أمن الدقهلية”.
جماعة الإخوان المسلمين في مصر سارعت إلى إدانة التفجير في بيان صادر باللغة الإنجليزية عن مكتب الجماعة في لندن، وقال البيان: “تدين جماعة الإخوان المسلمين بأشد العبارات الممكنة الهجوم على مديرية الأمن في المنصورة”، مضيفاً أن الجماعة “تعتبرهذا العمل هجومًا مباشرًا على وحدة الشعب المصري، وتطالب بفتح تحقيق على الفور حتى يمثل مرتكبو هذه الجريمة أمام العدالة”.
وبعد 3 ساعات من بعد التفجير، يصف رئيس الوزراء المصري حازم الببلاوي جماعة الإخوان المسلمين على أنها “جماعة إرهابية”، جاءت هذه التصريحات على لسان المستشار الإعلامي لرئاسة الوزراء شريف شوقي الذي قال: “بعد أن أظهرت الجماعة وجهها القبيح كجماعة إرهابية تسفك الدماء وتعبث بأمن مصر”، وأضاف: “رئيس الوزراء شدد على أن هذه الأعمال الإرهابية التى ترتكبها الجماعة لن تثنينا عن المضى قدما فى تنفيذ خارطة الطريق ولن تثنى المواطنين عن الذهاب بكثافة للتصويت على الدستور بما يسقط الإرهاب الذى ترتكبه الجماعة”، ثم أوضع شوقي أن “هذا القرار لم تصدره الحكومة قبل ذلك، لأنه سيكون قرار إداري، سيقوموا -جماعة الإخوان- بالاعتراض عليه -الطعن-، لكن بعد هذا الحادث سيصدر القرار من الحكومة، وليعترضوا عليه”.
خلال تلك الساعات، كل المؤشرات كانت تقول أن هناك قراراً رسمياً في طريقه للإصدار بإعلان جماعة الإخوان المسلمين “جماعة إرهابية”، ففي مداخلة للببلاوي على إحدى القنوات المصرية المحليّة في حديثه عن المتورطين في حادث التفجير، قال بأنهم “أيادٍ إرهابية سوداء، لن تنجح في القضاء على المسار الديمقراطي لخارطة الطريق”، وحول إعلان جماعة الإخوان “جماعة إرهابية”، أجاب الببلاوي: “لا أريد أن أستبق الأحداث، لكن لا شك أن وراء هذه الأيادي ومن قام به وحرض عليه إرهابيين.. وسنلاحق المتورطين بشكل قانوني”.
التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب المؤيد للرئيس المصري المعزول محمد مرسي سارع إلى إدانة تفجير الدقهلية مستنكرًا تحميله لجماعة الإخوان المسلمين، وقال التحالف بيان صادر عنه إن “هذا الحادث الإجرامي استهدف الأبرياء من أبناء مصر ونال من أمنها”، واصفاً مرتكبي هذا الحادث بأنهم “عملاء ومجرمون، ويستهدفون زرع الفتنة واستباحة دماء المصريين”، لافتًا إلى أن “السلمية هي خيار التحالف الوطني في دفاعه عن شرعية الشعب المصري”.
وفي مؤتمر صحفي مع ساعات مساء الأربعاء ، أعلنت الحكومة المصرية رسمياً جماعة الإخوان المسلمين “جماعة إرهابية”، وقال حسام عيسى نائب رئيس الوزراء المصري أن “مجلس الوزراء المصري ، قرر في اجتماعه اليوم الاربعاء، تصنيف جماعة الإخوان وتنظيمها جماعة إرهابية، في الداخل والخارج”، مضيفاً على أن هذا القرار اتخذ ” بناء على نص المادة 86 من قانون العقوبات وكل ما يترتب على ذلك من آثار”.
و وضع جماعة الإخوان المسلمين ضمن قانون 86 من العقوبات يعني حسب القانون أن “يقع كل من ينتمي إلى الجماعة أو يروج لها أو يكتب عنها أو يدعمها تحت طائلة العقوبات المقررة في هذه المادة المعنية بالإرهاب” ، والتي تنص على “يعاقب بالسجن كل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار”، ويعاقب “بالأشغال الشاقة المؤقتة كل من تولى زعامة أو قيادة ما فيها أو أمدها بمعونات مادية أو مالية مع علمه بالغرض الذي تدعوا إليه”، وكذلك “يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات كل من انضم إلى إحدى الجمعيات أو الهيئات أو المنظمات أو الجماعات، أو العصابات شارك فيها بأية صورة، مع علمه بأغراضها”.
ليس فقط بالمشاركة، فإن القانون يعاقب من يشارك بالكتابة أو يحوز منشورات للجماعة حيث يقول: “ويعاقب كل من روج بالقول أو الكتابة أو بأية طريقة أخرى وكذلك كل من حاز بالذات أو بالواسطة أو أحرز محررات أو مطبوعات أو تسجيلات، أيا كان نوعها، تتضمن ترويجاً أو تحبيذاً لشيء مما تقدم إذا كانت معدة للتوزيع أو الاطلاع الغير عليها، وكل من حاز أو أحرز أية وسيلة من وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية ، استعملت أو أعدت للاستعمال ولو بصفة وقتية لطبع أو تسجيل أو إذاعة شيء مما ذكر”.
ويضيف القانون، “تكون عقوبة الجريمة الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة، إذا كان الإرهاب من الوسائل التي تستخدم في تحقيق أو تنفيذ الأغراض التي تدعو إليها الجمعية أو الهيئة أو المنظمة أو الجماعة أو العصابة ” ويضيف: “وتكون عقوبة الجريمة الأشغال الشاقة المؤقتة إذا كان الإرهاب من الوسائل التي تستخدم في تحقيق أو تنفيذ الأغراض التي تدعو إليها الجمعية أو الهيئة أو المنظمة أو الجماعة أو العصابة، وتكون عقوبة الجريمة السجن مدة لا تزيد على عشر سنوات إذا كانت الجمعية أو الهيئة أو المنظمة أو الجماعة أو العصابة تستخدم الإرهاب لتحقيق الأغراض التي تدعو إليها، أو كان الترويج أو التحبيذ داخل دور العبادة أو الأماكن الخاصة بالقوات المسلحة أو الشرطة أو بين أفرادهما”
وبذلك ويعطي إعلان الإخوان المسلمين جماعة “إرهابية” السلطات في مصر سلطة اتهام أي عضو في الجماعة التي ينتمي إليها الرئيس المعزول محمد مرسي بالانتماء إلى جماعة إرهابية وكذلك كل من يمدها بالمال أو “يروج لها بالقول أو الكتابة أو حيازة المنشورات ويعرض نفسه للعقوبة التي لا تقل عن 10 سنوات و تصل إلى الإعدام.
قانون الـ 86 في مصر والذي تم الصاقه باعتبار الاخوان المسلمين “جماعة إرهابية” مشابه لقانون الـ 49 والذي أعلن فيه الرئيس السوري في ذلك الوقت حافظ الأسد عام 1980 الإعدام المباشر بحق أي شخص يثبت انتماؤه لجماعة الإخوان المسلمين، والتي رافقها مجازر في حلب وحماة قامت بها سرايا الدفاع التابعة للنظام السوري في ذلك الوقت.