يسود بعض الأوساط الجزائرية والمغربية تفاؤل كبير بشأن مستقبل العلاقات بين بلديهما، على ضوء الخطاب الأخير الذي أبدى فيه العاهل المغربي الملك محمد السادس رغبة في بناء “تضامن صادق” مع جارته الشرقية، فيما يرى آخرون أن مسار إعادة العلاقات بين البلدين الشقيقين إلى سكتها الطبيعية لا يزال بعيد المنال، نتيجة عدّة اعتبارات.
واستهل ملك المغرب، خطابه، بمناسبة الذكرى الـ63 لثورة الملك والشعب، بالحديث عن العلاقات المغربية الجزائرية، والتذكير بالروابط العديدة التي تجمع البلدين، بقوله “نتطلع لتجديد الالتزام بتلك الروح التضامنية والرفع التحديات الأمنية والتنموية، نتطلع لتجديد الالتزام والتضامن الصادق الذي يجمع الشعبين لمواصلة العمل سويًا بصدق وحسن نية لخدمة القضايا المغاربية ورفع التحديات التي تواجه المنطقة والقارة الإفريقية”.
هل تتحسن العلاقة بين البلدين؟
كلام ملك المغرب بمناسبة الذكرى الـ63 لثورة الملك والشعب، اعتبره بعض الخبراء مؤشرًا إيجابيًا لانفراج النزاع بين البلدين الذي يعود تاريخه إلى العهد الاستعماري الفرنسي، عندما أعادت باريس ترسيم الحدود بين البلدين المتجاورين بإدخال “الحاسي البيض” و”كولومب بشار” ضمن المقاطعة الفرنسية للجزائر آنذاك.
وأكد خبراء، أن كلام محمد السادس، ينم عن إرادة مغربية لتجاوز الخلافات بين البلدين، وإيجاد حلول ترضي الطرفين لما فيه فائدة شعوب البلدين والمنطقة على حدّ السواء.
يرى العديد من الخبراء، إن “التضامن الصادق” بين البلدين، افتقد تمامًا بعد غلق الحدود بين الجارين وفرض التأشيرة على المواطنين
في مقابل ذلك استبعد متابعون، إمكانية تطبيع العلاقات بين المغرب والجزائر نتيجة عدة اعتبارات، معتبرين أن ما حمله خطاب ملك المغرب كان فقط تغير اللهجة الحادة تجاه الجزائر واستبدالها بمضمون أكثر هدوءًا، مؤكدين أن إرساء أنظمة ديمقراطية بعيدًا عن تدخلات الخارج هو السبيل لإصلاح العلاقات بين البلدين الشقيقين.
وأكّد بعضهم أن الجدار الذي يبني على ضفتي الحدود بين البلدين وسباقهما نحو التسلح يناقض الرغبة المعلنة في تطبيع العلاقات.
الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة يزور الصحراء الغربية
ويرى العديد من الخبراء، أن “التضامن الصادق” بين البلدين، افتقد تمامًا بعد غلق الحدود بين الجارين وفرض التأشيرة على المواطنين، إضافة إلى تواصل أشكال الصحراء الغربية الذي يعرقل أي مبادرات باتجاه التسوية بين المغرب والجزائر.
الصراع يشعل حرب التسلح بين البلدين
أدى توتر العلاقات المتوترة بين المغرب والجزائر إلى سباق نحو التسلح بين البلدين، دفعهما إلى تخصيص ميزانيات ضخمة لشراء الأسلحة قصد تعزيز دفاعاتها العسكرية حتى أصبحتا من أبرز الدول التي تتسابق من أجل اقتناء الأسلحة.
وكشف تقرير صادر عن معهد ستوكهولم لدراسات السلام بالسويد، ضخامة إنفاق البلدين في المجال العسكري، وحافظت الجزائر والمغرب حسب تقرير المعهد على صدارة الدول الإفريقية في هذا المجال، بعد أن ارتفعت نسبة تسلح الجزائر بـ19%، لتكون بذلك حصتها في سوق الواردات الإفريقية 30%، وكذلك الشأن بالنسبة للمغرب، الذي وصلت نسبة وارداته 26%؛ لتبلغ نسبة واردات البلدين من مجمل واردات السوق الإفريقية 56%.
أدى سوء العلاقات بين المغرب والجزائر، إلى انحسار التخاطب بين سلطات البلدين في رسائل التهنئة الرسمية بين قادة الدولتين
ذكر المركز الأمريكي “ستراتفور” بأن الجزائر استغلت عائداتها النفطية من أجل رفع ميزانية التسلح والدفاع العسكري إلى 176% منذ 2004، حيث تخصص الجزائر حاليًا ميزانية تصل إلى 10.5 مليار دولار سنويًا، وهي ميزانية تتجاوز بثلاث مرات ما يخصصه المغرب في هذا المجال، الأمر الذي دفع بالمغرب إلى اتباع سياسة بناء تحالفات قوية مع البلدان الصديقة، على غرار ما يحدث مع بلدان مجلس التعاون الخليجي والاستفادة من دعم هذه الدول للمملكة.
احتدام سباق التسلح بين البلدين
وأدى سوء العلاقات بين المغرب والجزائر، إلى انحسار التخاطب بين سلطات البلدين في رسائل التهنئة الرسمية بين قادة الدولتين، وكانت آخرها تهنئة الرئيس الجزائري لملك المغربي محمد بمناسبة الذكرى الـ 63 لثورة الشعب والملك.