هل لاحظت من قبل أنك في دائرة مزيفة من الترابط، وإحساس مزيف بالمشاعر، وهل ربطت الأمر بمواقع التواصل الاجتماعي، فإن لم تكن فعلت ذلك من قبل، فهذا يعني أنك لم تلاحظ الطبيعة الوحشية لمواقع التواصل الاجتماعي كذلك، فطبيعة مواقع التواصل الاجتماعي مليئة بسهولة التواصل مع ملايين من البشر، وإقامة روابط سريعة، والاستمتاع بها بسعادة مؤقتة، فنحن نستقبل العديد من الرسائل يوميًا، بعضها يفتقد إلى المحتوى من الأساس، وربما يحتوي على بعض من الأيقونات الصفراء عديمة القيمة.
نحن نقابل يوميًا من يفضلون الكتابة على التواصل السمعي عبر الهاتف، أو التواصل وجهًا لوجه سواء عبر البرامج التي توفر اتصال فيديو مباشر، أو وجهًا لوجه في مكان عام في عالم الواقع، ليس هذا فحسب، بل نجد أن أفراد البيت الواحد يتواصلون مع بعضهم عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، على الرغم من وجود عدة أمتار تفصلهم، ألم تفكر أن ذلك من الممكن أن يجعلنا أكثر غباءً في المستقبل القريب؟
إليك أربعة طرق من الممكن أن تجعلك بها مواقع التواصل الاجتماعي أكثر غباءً.
1- تؤثر مواقع التواصل الاجتماعي على ذاكرتك المؤقتة
يؤدي التعرض الدائم لمواقع التواصل الاجتماعي إلى ضعف في الذاكرة المؤقتة للإنسان “short-term memory”، فالتعرض للكلام المستمر على الفيسبوك والتغريدات السريعة على تويتر يضعف من قدرة الدماغ على تخزين المعلومات، ولا يسمح لها بالراحة من أجل المواصلة على تخزين كم كبير من المعلومات، فبالإضافة إلى التأثير المباشر على الذاكرة المؤقتة، تمنع مواقع التواصل الاجتماعي كذلك العقل من الدخول في حالة “الراحة” أو “Down Time”، وهو الوقت الذي يستغله الدماغ لنقل وتخزين المعلومات التي تعرض لها الفرد طوال اليوم، لذا يقول الأطباء إن التحديق من نافذة الحافلات في الشارع أكثر صحية للدماغ من التحديق المستمر في شاشة المحمول.
2- تجعلك مواقع التواصل الاجتماعي أكثر عرضة للضغط العصبي
تعرضك مواقع التواصل الاجتماعي لآراء ملايين البشر في اللحظة نفسها، فإذا قررت شراء أي منتج معين من الإنترنت، ربما لن يعجبك المنتج في البداية، إلا أنك وبعد أن تقرأ تعليقات مختلف المستخدمين على المنتج، يمكنك أن تغيّر رأيك بمنتهى السهولة، حيث جاءت إحدى الدراسات الاجتماعية بنتيجة مفاجئة، أنه يمكن لبضعة نقرات على زر الإعجاب في الفيسبوك أن يغير رأي الكثير من الأفراد، ولا يحتاج الأمر لآلاف من الأعداد، هذا أيضًا ما يفسر طريقة تعامل الجيل الحديث مع ما ينشروه على صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن لم تأت صورة لهم بعدد معين من نقرات الإعجاب، فإنهم سيقومون بحذفها من الصفحة، والعكس صحيح.
3- تؤذي مواقع التواصل الاجتماعي ثقة الفرد بنفسه
تسمح لك مواقع التواصل الاجتماعي بمراقبة حسابات العديد من الأشخاص، وهذا ما يجعلك ترى صور بعض الناس يستمتعون على شواطئ البحر، وآخرين يتسوقون في المحلات التجارية في باريس، وآخرين يقضون وقتًا ممتعًا مع الأصدقاء بتناول وجبات لذيذة من الممكن ألا تكون لك أنت القدرة على شرائها، كل ذلك وأكثر من صور العديد من المشاهير يستمتعون ببناء أجسادهم في صالات الرياضة، أو آخريات يتمتعن بفساتين للسهرة باهظة الثمن، هذا لا يمر مرور الكرام أمام مرأى الأعين، بل له دور ضخم في اهتزاز ثقة بعض الأفراد بأنفسهم، واستيائهم من حياتهم التي يعتبرونها مملة.
4- تفسد مواقع التواصل الاجتماعي التفكير النقدي
تدفعك مواقع التواصل الاجتماعي إلى إعادة التغريد، وإعادة النشر، والإعجاب بما يفعله مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي، كما تدفعك بدون وعي إلى أن تتبنى رأيهم، فتقلل من التفكير الذاتي والتفكير النقدي، وتجعلك وسيلة لإعادة النشر فحسب، كما لا تسمح لك بالتعبير المفتوح عن آرائك مع تحديد عدد الكلمات المسموح لك بنشرها، وهنا تختصر كلامك وتبسطه ليصل إلى أبسط المستويات، ولا يكون في الواقع ما تريد حقًا أن تعبر عنه.
إذا كنت ممن يعانون من إدمان مواقع التواصل الاجتماعي، فعليك أن تأخذ في الاعتبار آثارها السلبية عليك أكثر من آثارها الإيجابية، وإذا لزم الأمر، تخلص من هاتفك المحمول لفترات طويلة من اليوم، ولاحظ الفرق على سلوكك في حياتك اليومية عندما تقوم بالبعد عن مواقع التواصل الاجتماعي فترة طويلة، ولاحظ كيف يمكنك أن تتخلص من ارتباطك الدائم بها، وأن تقلل من نقرك على زر “نشر” و”إعجاب”، مع المحاولة المستمرة، من الممكن أن تتخلص تدريجيًا من الكثير من تلك المواقع، وأن تستخدمها فقط لما هو ضروري ولن يتم بدون استخدامها.