بالرغم من الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعاني منها دول العالم عامة، والمنطقة العربية بصورة خاصة، جراء انخفاض أسعار النفط، وتراجع حركة التجارة العالمية، فضلًا عن تزايد معدلات الإرهاب في مختلف دول العالم، إلا أن قضاء الإجازات السنوية والعطلات الصيفية للمواطنين العرب خارج بلدانهم باتت تمثل عقيدة راسخة لا يمكن زحزحتها مهما كانت الأسباب والدوافع.
وحين تشير الدراسات والأبحاث إلى تصدر العرب قائمة الشعوب الأكثر إنفاقًا على السياحة الخارجية في ظل الظروف الحالكة التي تمر بها، إلى الحد الذي أوصل الأمر إلى استدانة البعض للسفر للدول الأوروبية أو الآسيوية على حد سواء، فلا بد من وقفة.
“نون بوست” يسعى من خلال هذه الإطلالة إلى إبراز أهم الوجهات السياحية للعرب، ومعدلات الإنفاق على هذه الرحلات التي تتراوح ما بين 4 – 5 رحلات للمواطن في العام الواحد، إضافة إلى تقديم خارطة مفصلة عن أفضل المدن السياحية حسب آراء الخبراء والمتخصصين.
65 مليار دولار إنفاق الخليجيين على السياحة الخارجية
في ظل الظروف السياسية والأمنية التي تعاني منها بعض الوجهات السياحية العربية المفضلة لاسيما مصر وسوريا ولبنان، لم يجد السائح العربي بد من تحويل قبلته السياحية إلى دول أوروبا وبعض مدن آسيا، وبالرغم من التكلفة الباهظة للإقامة في هذه الدول مقارنة بنظيراتها في المنطقة العربية، إلا أن هذا لم يمنع العرب من تلبية رغباتهم في رحلات ترفيهية سياحية مميزة.
إحصاءات البنك الدولي وبعض المراكز البحثية تشير إلى أن إنفاق العرب على السياحة الخارجية زاد بصورة ملحوظة مقارنة بما كان عليه في السنوات السابقة، وذلك بالرغم من الأزمات المالية التي تواجهها دول المنطقة خاصة دول الخليج جراء تراجع أسعار النفط، مما يعكس شغف وحرص السائح العربي على القيام بما اعتاد عليه مهما بلغت الكلفة ولو وصلت إلى حد الاستدانة حسب ما قال بعض الخبراء.
التقارير تشير إلى تصدر الخليجيين قائمة المواطنين العرب الأكثر إنفاقًا على السياحة الخارجية، حيث جاء السعوديون في المركز الأول بـ 25.1 مليار دولار، يليهم الإماراتيين بـ 17.7 مليار دولار، ثم 12.9 مليار دولار للقطريين، و12.3 مليار دولار للكويتيين، و2.3 مليار دولار للعمانيين، ثم 1.3 مليار للأردنيين، ومليار دولار للبحرينيين.
السعودية الأول عربيًا
للعام الخامس على التوالي، يتصدر السعوديون قائمة الشعوب الأكثر سفرًا للخارج في منطقة الشرق الأوسط والدول العربية، حيث تمثل حجوزات السعوديين للسفر والإقامة خارج أوطانهم 25% من إجمالي الحجوزات في منطقة الشرق الأوسط، مع توقعات بزيادتها إلى 36% خلال العام القادم، وذلك بالرغم من حالة التقشف التي تناشد الحكومة السعودية المواطنين بها بعد الأزمة التي تعرضت لها جراء تراجع أسعار النفط.
وبحسب دراسة أجرتها شركة Travelport السياحية، فإن معدلات عدد رحلات السعوديين تتراوح ما بين 4 – 5 رحلات في العام الواحد، بمعدل إنفاق ما يقرب من 6 آلاف دولار في الرحلة الواحدة، إضافة إلى وجود ما يقرب من 4.5 مليون سائح سعودي يسافرون سنويًا مع عائلاتهم.
بيانات منظمة السياحة العالمية أشارت إلى اعتلاء السائح السعودي المركز الأول في قائمة المواطنين الأكثر إنفاقًا خلال رحلاتهم الخارجية، متفوقًا بذلك على الصيني الذي جاء في المركز الثاني، ثم الأمريكي الذي حل ثالثًا.
وبحسب التقديرات الأولية للربع الأول من عام 2016 عن حركة السائحين في المملكة، والذين سافروا في رحلات سياحية مغادرة، فقد بلغ عدد السائحين السعوديين المسافرين للخارج نحو 5 ملايين و215 ألفًا، و798سائحًا، منهم 3.7 ملايين مواطن سعودي ينفقون نحو 11.2 مليار ريال، و1.5 مليون مقيم، وذلك حسبما أشار مدير عام مركز المعلومات والأبحاث السياحية، في الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني السعودية منذر الأنصاري.
الأنصاري في تصريحاته لصحيفة “المدينة” السعودية، أشار إلى أن البيانات الصادرة عن المركز تُظهر أن متوسط إقامة السائح السعودي خارج المملكة بلغ 11 يومًا، بمعدل إنفاق يصل إلى 291 ريالًا لليلة الواحدة كمتوسط عام، وهو ما يعني أن إجمالي إنفاق السائحين في الربع الأول من هذا العام قارب 16 مليار ريال.
أما عن وجهات السعوديين السياحية خلال هذا العام، فتؤكد البيانات بتصدر دول الخليج قائمة المقاصد السياحية للسائح السعودي، حيث بلغت نسبة المتجهين إلى دول الخليج 60% من إجمالي السائحين، ثم تأتي دول الشرق الأوسط بنسبة 19%، ثم جنوب آسيا بنسبة 11%، وشرق آسيا، ودول الباسيفك 3%، بالإضافة إلى 7% توجهوا إلى دول أخرى.
وبالرغم من تضارب البيانات حول معدلات سفر السعوديين للسياحة هذا العام، فإن الخبيرة في المجال السياحي بسمة حميدي، تشير إلى أن هذه السنة شهدت انخفاضًا في حجوزات الرحلات الدولية، خاصة خلال الصيف الحالي بنسبة لا تقل عن 30% نظرًا للظروف الاقتصادية العالمية والداخلية، رغم وجود عروض وتخفيضات كثيرة للسياحة الخارجية والداخلية.
حميدي أضافت في تصريحات لها إلى أن نسبة الانخفاض في الحجوزات الدولية مقارنة بصيف 2015 بلغت 50% في الحجوزات لمعظم الدول العربية، خاصة مصر والأردن، في حين بلغ الانخفاض في حجوزات تركيا 20% وشرق آسيا ما عدا ماليزيا 40%، وحافظت دبي على نسبة الحجوزات التي حققتها في العام الماضي وهي 50%، وارتفعت نسبة حجوزات أوروبا وخاصة النمسا وسويسرا إلى 60% مقارنة بصيف 2015.
وفي المقابل تحظر المملكة على مواطنيها السفر لبعض البلدان التي تشهد توترات سياسية وأمنية، في مقدمتها: إيران وسوريا والعراق والأراضي المحتلّة، بالإضافة إلى تايلاند (وذلك بعد حادثة مقتل 4 دبلوماسيين سعوديين في البلد الآسيوي منذ حوالي ربع قرن.
رغم التقشف: المصريون ينفقون 3 مليارات دولار
بالرغم من حالة التقشف التي يحياها المصريون في ظل ارتفاع الأسعار وزيادة معدلات التضخم وتراجع المستوى المعيشي، إلا أنه وكما تشير التقارير الحقوقية والديموغرافية فإن هناك في مصر شعبين، شعب يقبع داخل العشوائيات يتسول لقمة العيش هنا وهناك، يصارع الموت صباحًا ومساءً من أجل توفير قوت يومه له ولأسرته، وشعب آخر يتقلب على أسرة رغد العيش والحياة المرفهة لا يبالي بما يدور حوله من جرائم انتحار بسبب تردي الأوضاع المعيشية أو تظاهرات بحثًا عن كسرة خبز أو شربة ماء.
التصريحات الصادرة عن وزارة السياحة المصرية تشير إلى أن إجمالي ما ينفقه المصريون على السياحة الخارجية تجاوز 3.3 مليار دولار، بزيادة قدرها 10% عن العام المالي الماضي، والذي بلغ نحو 3 مليارات دولار، معظمهم على رحلات الحج والعمرة، بحسب بيانات البنك المركزي.
الزيادة الملحوظة في السياحة الخارجية للمصريين تأتي في الوقت الذي تشهد فيه السياحة المصرية تراجعًا ملحوظًا في عدد الوافدين، بما ترتب عليه تراجع إيراداتها من السياحة لتصل إلى نحو 7.4 مليار دولار في العام المالي الماضي، وهو مستوى يقترب من معدلاتها قبل عشر سنوات، حيث بلغت الإيرادات السياحية في عام 2005-2006 نحو 7.2 مليار دولار، بما يعكس حالة من التناقض الواضح.
27 مليار دولار على السياحة العلاجية
في الوقت الذي تتمتع فيه الدول العربية بالعديد من المميزات الجغرافية والبيئية التي من الممكن أن تصلح كنواة لبناء صرح هائل لمنظومة علاجية فعّالة، إلا أن غياب التخطيط والرؤية لدى كثير من القائمين على أمور الحكومات العربية أهدر هذه الفرصة الاقتصادية العظيمة التي كان من الممكن أن تدر عليه مليارات الدولارات.
في تصريح صادم له أعلن الدكتور بندر بن فهد آل فهيد، رئيس المنظمة العربية للسياحة – إحدى مؤسسات جامعة الدول العربية – أن حجم إنفاق الدول العربية على السياحة العلاجية في الخارج، يقدر بـ 27 مليار دولار سنويًا، ملفتًا إلى أنه وبرغم وجود كل العناصر التي يمكن من خلالها إنفاق هذا المبلغ أو جزء كبير منه داخل الوطن العربي، إلا أن البنية التحتية للسياحة العلاجية في العديد من الدول العربية لا تزال في حاجة إلى تطوير.
أفضل 10 وجهات سياحية للعرب
نشر موقع موسوعة المسافرين تقريرًا عن أفضل المقاصد السياحية أمام العرب، مؤكدًا على تلبيتها لما يحتاجه السائح العربي خلال رحلاته الخارجية من روعة المكان، وسحر المنظر، وتكامل الخدمات، والمناخ الملائم، والسعر المناسب، وما إلى غير ذلك من الشروط التي يبحث عنها السائح قبل التوجه إلى أي مكان.
جاءت تركيا في المركز الأول حسب التقرير المنشور، وبالرغم مما تشهده من توترات وأزمات سياسية وأمنية في الآونة الأخيرة إلا أنها لازالت تمثل المقصد الأكثر تفضيلاً لدى السائح العربي لما تتمتع به من معالم سياحية وتراثية متميزة خاصة ملامح الدولة العثمانية، فضلاً عن شواطئها المميزة لاسيما بورصة وأنطاليا.
ثم تأتي ماليزيا في المركز الثاني حيث المتعة والإثارة، والجمع بين التراث الديني والمناظر الطبيعية الخلابة، فضلاً عن فخامة الإقامة في فنادق العاصمة كوالالمبور، إضافة إلى كونها بلدًا إسلاميًا أيضًا.
وتحل النمسا في المركز الثالث، حيث الطبيعة المتألقة والمتنوعة، والسفر والتنقل بين المدن بالقطارات المميزة، إضافة إلى الرحلات الترويحية والترفيهية بها لاسيما المشي على الحبل فوق جبل الألب.
ثم تأتي إيطاليا في المركز الرابع، حيث الأصالة والعراقة والحداثة في آن واحد، حين يلتقي التاريخ بالفن والموسيقى، وهو ما تجسده قصور روما ومسارحها ومعازفها التي تسحر الأذهان والعقول وتخطف الأبصار.
وحين يبحث العرب عن الفخامة والرقي، عن الأناقة والسمو، فعليهم بسويسرا، حيث الجمال والتألق، الهدوء والرومانسية الجميلة، وهو ما أهلها لتتصدر قائمة الدول الأكثر قصدًا من قبل سعداء العالم.
لم تكن سويسرا وحدها هي بلد الجمال والرومانسية، فهناك أيضًا فرنسا، موطن السحر والخيال، حيث برج إيفل، وكافيهات الشانزليزيه، والمسارح العملاقة، ودور السينما التراثية، وبالرغم مما تواجهه هذه الأيام من توترات أمنية إلا أنها ستظل أحد أهم المقاصد السياحية للباحثين عن السمو والرومانسية الحالمة.
كما تأتي جورجيا أيضًا ضمن قائمة العشرة الكبار أمام السائح العربي، فبالرغم من صغر حجم ومساحة هذه الدولة، إلا أن طبيعتها الخلابة، وسحرها الرائع، وغاباتها المتشابكة، وشواطئها الممتدة، ومياهها الصحية، كل هذا جعلها أحد أبرز الوجهات السياحية أمام السائح العربي.
ثم تحل إسبانيا في المركز الثامن في قائمة موسوعة المسافرين، بصفتها أحد أروع التضاريس في العالم، حباها الله بمعالم لا مثيل لها، فضلاً عن كونها أحد أهم المقاصد لعشاق الساحرة المستديرة، حيث برشلونة الكاتلونية، وريال مدريد الملكي، إضافة إلى المعالم السياحية الأندلسية الرائعة في غرناطة وقرطبة وأشبيلية.
أضف إلى ذلك بعض الوجهات السياحية المتميزة الأخرى مثل لندن، ودبي، والهند، وجنوب إفريقيا، وتنزانيا، وإندونيسا، وتايلاند، والمغرب.