الاقتصاد الأمريكي يعاني من مشكلة كبيرة

slider-3

لا تمر الولايات المتحدة بأفضل حالتها في هذه الأوقات، لا من حيث السياسة ولا الاقتصاد، أما السياسة فصعود المرشح عن الحزب الجمهوري دونالد ترامب والأفكار التي ينوي تطبيقها في حال وصوله إلى سدة الرئاسة، التي تنبئ بسياسة الانغلاق والانكفاء وتشجيع السياسات الحمائية وتخلي الولايات المتحدة عن دورها القيادي في العالم الذي اضطلعت به طوال الأعوام السابقة، ومن جهة أخرى فإنه نذير لبروز تيار اليمين الذي ينادي بإخراج المهاجرين ورفض سياسات السوق الحر ونبذ العديد من الاتفاقيات العالمية الموقعة والوحدة بين الدول.

أما الاقتصاد، فمنذ اندلاع الأزمة المالية العالمية في العام 2008 والولايات المتحدة تعاني من عدم خروجها من نفق الأزمة المالية لتواجه شبح مشاكل وعدم استقرار في الوضع العام للاقتصاد والأسواق المالية.

يوم الحساب قادم

كارل إيكان المستثمر والملياردير المعروف في الولايات المتحدة برؤيته الاقتصادية سواء في الاقتصاد الأمريكي أو في العالم، وهو مؤسس ومدير شركة الاستثمار Icahn  Enterprisesحيث تحظى توقعاته باهتمام وسائل الإعلام المحلية بشكل واسع النطاق، ويذكر أنه قام في وقت سابق من العام الجاري، ببيع حصته في شركة آبل الأمريكية، والبالغة 45.8 مليون سهم، بعد إعلان الشركة انخفاض إيراداتها في الربع الأول من 2016، والتي تعد المرة الأولى منذ 13 عامًا.

في مقابلة له مع وكالة بلومبيرغ الاقتصادية، توقع كارل أن مستقبل سوق الأسهم في الولايات المتحدة قاتمًا وأن الاستثمار في الأسهم في هذه الأوقات في غاية الخطورة على حد وصفه، وتوقع أن يوم الحساب قادم، فقيمة السوق مبالغ فيها بشكل كبير فمؤشر ستاندرد آند بورز 500 مقدر بأعلى من قيمته بنحو 20 مرة.

مستقبل سوق الأسهم في الولايات المتحدة قاتمًا والاستثمار في الأسهم في هذه الأوقات في غاية الخطورة

وعزا كارل الضعف الحاصل في الأسواق إلى أسعار الفائدة الصفرية ولبرامج إعادة شراء الأسهم، إذ إن كثرة القروض الرخيصة ستؤدي إلى تضخيم فقاعات الأصول، وانفجارها الحتمي سوف يخلق أزمة مالية أخرى، وقال: “مازلت أتوخى الحذر الشديد بخصوص سوق الأسهم الأمريكية، وأتوقع يوم الحساب ما لم يضخ تحفيز مالي من نوع ما”.

ولفت أيضًا أن قوة الدولار خلال الفترة السابقة أثرت بشكل سلبي على أعمال الشركات الأمريكية ذات التواجد الدولي، فعدد كبير من الشركات المدرجة تحت مؤشر ستاندرد آند بورز 500 عالمية النشاط، تنخفض أرباحها بعد تحويلها إلى الدولار الأمريكي.

الإنتاجية الأمريكية سالب 0.05%

كما أشار تقرير على موقع CNN Money أن الاقتصاد الأمريكي يعاني من مشكلة قلة الإنتاج، ففي فترة التسعينات وحتى عام الـ 2000 شهدت الأسواق المالية طفرة التكنولوجيا، وسجل معدل الإنتاجية في الولايات المتحدة آنذاك أكثر من 2.2% على أساس سنوي في المتوسط.

ويعود السبب في انتعاش الإنتاج إلى اتساع رقعة الاستثمار وإنفاق المال في قطاع التكنولوجيا لتطوير المصانع وعمليات الإنتاج واللحاق بالطفرة، فالاقتصاد المتعافي يمثل قطاع أعمال واسع النطاق يقوم بالاستثمار في مختلف المجالات وينفق الأموال على الإنتاج والتطوير والبحوث وتحفيز الإنتاج.

معدل الإنتاجية في الولايات المتحدة قريب من سالب 0.5% في الفترة المحددة بين أبريل/ نيسان ومايو/ أيار

وما بعد العام 2000 بدأ مؤشر الإنتاجية ينخفض بشدة عن المستويات العالية التي حققها في التسعينات، حيث انخفض إلى 1% على أساس سنوي وسطيًا، أما الآن فالمعدل قريب من سالب 0.5% في الفترة المحددة بين أبريل/ نيسان ومايو/ أيار، وفي هذا إشارة أن المجتمع الأمريكي هذا الربيع كان أقل إنتاجية عن نفس الفترة في العام السابق.

وقد تناول اقتصاديون أشكالاً لحل هذه المشكلة من خلال قيام الشركات بالاستثمار في معدات جديدة لتحفيز الإنتاجية أو أن تقوم بمراجعة الإحصاءات الخاصة في معدلات الإنتاجية لتلائم مدى التغير والتطور في “الاقتصاد الذكي” والذي يشير إلى استخدام التكنولوجيا في كل المجالات.

ويرى الخبير الاقتصادي ديفيد كيللي وهو رئيس الاستراتيجيين في بنك جي بي مورغان، أن المشكلة محصورة في قلة الإنفاق على الاستثمار، فالشركات تمتلك معدلات عالية من السيولة المالية، ولا تقوم بضخها في قنوات الاستثمار المعروفة والتي تتضمن البحث والتطوير والإنتاج، وما يحصل لدى الشركات الآن، إما أن تحتفظ بالسيولة المالية من خلال اكتنازها في حسابات بنكية أو تقوم باستخدم السيولة في إعادة شراء أسهم شركاتها في الأسواق المالية.

ولعل من أبرز الأسباب التي تمنع الشركات اليوم عن الاستثمار هو الانتخابات الرئاسية القادمة ومدة الضبابية التي تحوم حولها بسبب برنامج ترامب الرئاسي والذي يربك قطاع الأعمال والشركات المحلي بشكل كبير، ويُذكر أن 60% من الاقتصاديين الذين تم استطلاع أرئهم هذا الصيف من قبل المؤسسة الوطنية للأعمال والاقتصاد أفادوا أن عدم اليقين حول الانتخابات الرئاسية القادمة يمسك معدل النمو عن التحسن لأن الشركات تمتنع عن الاستثمار في المستقبل.