من حق المرشح للانتخابات أن يرش الورد على طرقات الناخبين، ولكن من واجب الناخب أن يستعمل عقله، ويسأل المرشح: كيف ستطور البلد، وتغير الواقع، وتعمر ما خربته ثلاثة حروب؟ ما الجديد الذي ستقوم به، وعجز عن القيام به من ترأسوا المجلس من قبل؟
غزة تحت الحصار الإسرائيلي، ويؤكد وزير الحرب الصهيوني ليبرمان أن غزة ستظل تحت الحصار حتى يتم نزع سلاح المقاومة، فهل معنى ذلك أن المرشحين الذين سيفوزون برئاسة المجالس المحلية في غزة قادرون على كسر قرار وزير الحرب الصهيوني، أم لديهم النية لكسر إرادة المقاومة، ونزع سلاحها، وتحقيق شرط ليبرمان لتعمير قطاع غزة؟
في كلا الحالتين لن ينجح الفائز برئاسة المجلس البلدي في غزة وخان يونس ورفح وباقي مدن قطاع غزة في التأثير على برنامج المقاومة التي تتصدى للعدوان، وكذلك لن ينجح الفائزون في الانتخابات المحلية بالضغط على إسرائيل كي ترفع الحصار عن غزة، والشروع في التعمير، وسيبقى الوضع على ما هو عليه حتى ولو صبت السلطة الفلسطينية المال في بنوك غزة صبًا، وذلك لأن التعمير مقترن برفع الحصار، ورفع الحصار مقترن بنزع سلاح المقاومة، ونزع سلاح المقاومة يعني تعرية نساء غزة وصباياها من الشرف الذي يجللهن بالبهاء والصفاء.
فهل سينجح الفائزون في زيادة المنح والمساعدات المقدمة من الدول المانحة؟
من المؤكد أن الأموال التي تقدمها الدول المانحة لتطوير عمل البلديات لا تقدم من أجل عيون بعض الشخصيات أو السياسات، وإنما هي مقدمة وفق خطة عمل سياسية واسعة المدى، وأزعم أن كل المنظمات المانحة لم توقف مساعداتها للمجالس البلدية طوال السنوات العشر الماضية، وبغض النظر عن شخص رئيس البلدية، وهل ينتمي لحركة حماس مثل المهندس يحيى الأسطل من خان يونس، أو كان رئيس البلدية ينتمي لحركة فتح مثل السيد محمد النجار من المغازي، فكل ما يهم المانحون هو تسيير المنحة للمؤسسة الممنوحة بنجاح، وبغض النظر عن رئيس المؤسسة، وهذا ما تؤكده مصلحة مياه الساحل، ومؤسسة أنيرا، والمؤسسة الألمانية للتنمية، والإغاثة الإسلامية، وجمعية المساعدات الشعبية النرويجية، والمفوضية الأوروبية للمساعدات، ومؤسسة UNDB ومؤسسة CHF وفي الفترة الأخيرة مؤسسة USAID وغيرها.
بقى أن أشير في إطار التعمير إلى المواطن الفلسطيني نفسه، والذي لا يملك فرصة عمل، ولا يملك قوت يومه، ويضرب عليه الحصار العام حصارًا خاصًا، هذا المواطن ولا يمكنه دفع الفاتورة، ولا يمكنه القيام بواجبه في التعمير، هذا المواطن العاطل عن العمل، والذي ينتظر المساعدات الغذائية، لن يتحرر من هذه الحالة إلا مع انكسار الحصار، فهل سينجح رئيس بلدية منتخب أن يكسر حصارًا سياسيًا واقتصاديًا وحياتيًا على قطاع غزة دون أن يسهم في تلبية شروط الصهاينة في نزع سلاح المقاومة؟ وهل يقدر على ذلك؟ وهل يجرؤ؟
وهل يقبل أي فلسطيني أن يغمس رغيف خبزه في دم المقاومة النازف؟