أثارت أحداث العنف والشغب التي شهدتها مختلف ملاعب الجزائر، نهاية الأسبوع الماضي، حفيظة الجزائريين وخشيتهم من سقوط قتلى في الجولة القادمة، خاصة بعد تشبث الإدارة العامة للأمن بقرار سحب رجال الشرطة من الملاعب، في حين تساءل آخرون عن مصير ومستقبل البطولة الوطنية في ظل تفاقم ظاهرتي العنف والشغب داخل وخارج الملاعب.
وتسبب انسحاب الشرطة من ميادين كرة القدم في افتتاح الموسم الكروي الجديد لموسم 2016/ 2017 في الجزائر، في فوضى كبيرة، وصلت حد إلغاء مباراة رسمية هذا الموسم بين الصاعد الجديد إلى القسم الأول فريق “سريع غليزان”، وضيفه فريق “نصر حسين داي”، بعد أن أقدم مجموعة من المشجعين على إغلاق الطريق المؤدية إلى الملعب منذ ساعات الصباح الأولى، ما لم يمكِّن لاعبي الفريقين وكذلك طاقم التحكيم من الوصول إلى الملعب.
وقرر المدير العام للأمن في الجزائر عبد الغني هامل، في شهر سبتمبر/ أيلول 2014 سحب عناصر الأمن والشرطة من الملاعب الجزائرية، لكن القرار لم يدخل حيز التنفيذ إلا بداية هذا الموسم.
عشرات الجرحى في ملاعب الجزائر
وفي أول تجربة دون حضور رجال الأمن، كانت حصيلة أحداث العنف 23 جريحًا بالملاعب الجزائرية في افتتاح هذا الموسم، نتيجة عجز أعوان الأمن الجدد عن تنظيم المباريات.
وشهدت العديد من المباريات فوضى كبيرة، وتراشقًا بالحجارة مع كسر الحواجز الحديدية التي تفصل أنصار الفرق في بعض الملاعب.
وعرفت مباراة الكلاسيكو بين شبيبة القبائل ومولودية الجزائر، التي دارت وقائعها بملعب “1 نوفمبر” بمدينة تيزي وزو شرق الجزائر، سقوط 5 جرحى، بعد تراشق بين أنصار الفريقين.
أثبت أحداث العنف الأخيرة التي شهدتها ملاعب الجزائر عجز رؤساء الأندية وأعوان الملاعب وفشلهم في تنظيم مقابلة رسمية في كرة القدم.
ونتيجة ما شهدته الملاعب الجزائرية من عنف خلال الجولة الأولى للبطولة المحلية، قرر أعوان الملاعب – الذين تم تكوينهم لتعويض قوات الأمن – تقديم استقالتهم من مناصبهم.
وأثبت أحداث العنف الأخيرة التي شهدتها ملاعب الجزائر عجز رؤساء الأندية وأعوان الملاعب وفشلهم في تنظيم مقابلة رسمية في كرة القدم.
وأعقبت حالة الفوضى التي شهدتها انطلاقة الجولة الأولى من بطولة القسم المحترف الأول الجزائري، في ظل غياب عناصر الشرطة، حالة من الجزع والخوف صلب الشباب الجزائري، الذي أصبح يتخوف من المخاطرة بمتابعة مباريات أنديتهم.
دعوات لعودة قوات الأمن
بعد أحداث العنف الأخيرة، دعا جزائريون، أنصار النوادي إلى ضرورة مقاطعة المباريات سواء لعب فريقهم داخل الديار أو خارجها وعدم المخاطرة بحياتهم، في حين طالب آخرون بضرورة توقيف نشاط البطولة مؤقتًا حتى إيجاد الحلول اللازمة للحد من ظاهرتي العنف والشغب.
بدورهم طالب رؤساء أندية الرابطتين الأولى والثانية بضرورة إعادة الشرطة إلى الملاعب الجزائرية، من أجل ضمان أمن وسلامة المناصرين واللاعبين والمدرّبين وكل الرسميين، مناشدين اللواء عبد الغني هامل، المدير العام للأمن الوطني، الاستجابة لمطلبهم.
أكّد رؤساء النوادي، أن انسحاب الشرطة من الملاعب يشكّل خطرًا حقيقيًا
في نفس السياق أطلق أنصار العديد من الأندية في بطولتي الدرجتين الأولى والثانية، مبادرة يدعون فيها إلى عودة قوات الشرطة للإشراف على تنظيم المباريات الرسمية في الموسم الجديد، حيث تم الاتفاق على استغلال مباريات الجولة الثانية من الدرجة الأولى لرفع رايات في مدرجات مختلف الملاعب يدعون فيها إلى عودة الشرطة لضمان التغطية الأمنية.
وأكّد رؤساء النوادي، أن انسحاب الشرطة من الملاعب يشكّل خطرًا حقيقيًا، وأوضح هؤلاء، معتبرين، بأن النوادي المحترفة بحاجة إلى كثير من الوقت للاستعداد إلى ما بعد انسحاب الشرطة من الملاعب.
ويتساءل العديد المهتمين بالشأن الرياضي الجزائري عن كيفية تأمين مباراة “دربي” العاصمة في هذه الجولة القادمة المقرر بملعب 5 جويلية الأولمبي بين اتحاد الحراش ومولودية الجزائر، نظرًا للحساسية الكبيرة بين مشجعي الفريقين وتفاقم شرارتها مع مرور المواسم.
وكانت المديرية العامة للأمن الوطني في السابق تخصص في كل لقاء محلي بالملعب الأولمبي ما يقارب 5 آلاف شرطي بسبب كبر الملعب.
وحمل خبراء، رؤساء الأندية الجزائرية مسؤولية ما حصل وما سيحصل خاصة وأن المدير العام للأمن أعطاهم مهلة طويلة تسمح لهم بتكوين عناصر أمن خاصة، أو اللجوء إلى شركات حفظ الأمن الخاصة، حسب قولهم.
يتوقع متابعون أن تشهد مختلف الملاعب أحداث شغب وعنف أكبر من تلك التي عرفتها خلال الجولة الأولى من البطولة
من جهته أكّد، أمس، وزير الشباب والرياضة الهادي ولد علي، من تيبازة أن انسحاب الشرطة من الملاعب هو عملية آنية وظرفية سيتم التحقيق في نتائجها قبل اتخاذ القرار النهائي من عدمه، وقال الوزير: “إن أمن المناصرين وحياتهم لا يمكن التلاعب بهما، وعليه، فإن سحب الشرطة سيكون جزئيًا ومتوازيًا مع برنامج تكوين أعوان الملاعب لتعويض الدور الذي كانت تقوم به مصالح الأمن”.
ويتوقع متابعون أن تشهد مختلف الملاعب أحداث شغب وعنف أكبر من تلك التي عرفتها خلال الجولة الأولى من البطولة، خاصة في ظل عجز قوات الأمن البديلة “أعوان الملاعب” عن احتواء الأنصار وإنجاح العملية التنظيمية للمباريات، لافتقار هؤلاء لأدنى تكوين في مجال التحكم في جحافل الأنصار، فضلاً عن انحدارهم من فئة المناصرين “الشوفينيين” لأنديتهم، ما يجعلهم في كثير من الأحيان سببًا في اندلاع أعمال عنف في الملاعب لا في الحد منها، على اعتبار أن هذا الشرط هو الأول لكل مسؤولي الأندية لقبول ملفات أعوان الملاعب، وهو ما يسقط صفة الحيادية الواجب توفرها في مثل هذه المهنة كما هو متعارف عليه في أوروبا.