تواصل ماكينة الحكومة المصرية جمع الأموال اللازمة لتمويل العجز الحاصل في الموازنة المالية لديها، فبعد قرض الـ 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي بدأت القرارات تصدر تباعًا في رفع الدعم عن السلع الرئيسية والخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطنين بأسعار مدعومة أو فرض ضرائب جديدة على سلع وخدمات لجني أموال لخزينة الدولة.
وآخر تلك القرارات فرض ضريبة جديدة على دخول حفلات الزواج بمقدار 25%، لنفس الهدف الذي سعت فيه الحكومة لإعلان فرض ضريبة القيمة المضافة ورفع الدعم عن المواد والخدمات المدعومة، حيث بررت الحكومة هذه الضريبة لرفد خزانة الدولة بإيرادات ضريبية جديدة تساهم في سد عجز الموازنة.
وجاء في البيان الموقع في تاريخ 15 الشهر الجاري بحسب ما نقل عن صحيفة العربي الجديد، بإضافة قاعات الأفراح للنص القانوني المعمول به في قانون الضريبة على الملاهي، والذي يفرض ضريبة على دخول المسارح والملاهي وغيرها، وتم احتساب حد أدنى للفرد الواحد بجنيه واحد في حالة الدخول الحر لقاعات الأفراح، وعلى إدارة القاعة أن تقوم بتحويل إيرادات الضريبة لمصلحة الضريبة في اليوم التالي لإقامة الزفاف، وبحسب القرار سيتم احتساب الضريبة وفقًا لأعدد التذاكر المصدرة من قبل الحفل، أي بحسب عدد الحضور.
سينعكس القرار بشكل سلبي على قاعات الأفراح نفسها التي ستضطر لتعديل قائمة أسعارها للمقبلين على عمل حفلات الزفاف في القاعة وهي بهذا الرفع لن تكون في وضع يحسد عليه، فهذا سيدفع باحتمال أن يلغي البعض حجز القاعة وإيجاد مكان آخر أقل ثمنًا لإقامة الحفل فيه.
والنتيجة الأخرى لهذا القرار الذي تم إصداره بدون الرجوع للبرلمان، هو إضافة تكاليف أخرى على الزواج، ستجعل نسبة العزوف عن الزواج في مصر أكبر، بسبب ارتفاع تكاليف الزواج والمعيشة بشكل دراماتيكي في السنوات الأخيرة في مصر.
واستنتج خبراء أن فرض ضرائب جديدة ورفع الدعم سيؤدي إلى زيادة أسعار السلع والخدمات ما يؤدي إلى زيادة معدل التضخم العام في الاقتصاد وفي ظل ما يعانيه المجتمع من قلة الأعمال وهروب الاستثمارات الأجنبية وشبه توقف للسياحة فإن الوضع العام لا ينبئ بخير.
وبحسب بيانات جهاز التعبئة والإحصاء المصري، فقد بلغ معدل الزواج في مصر نحو 10.7 حالة زواج لكل ألف من السكان في عام 2013، بينما تنخفض النسبة لسكان المدن إلى 10.3 في الألف، مقابل 11.1 في الألف لسكان الريف.
مش دافع فواتير قد تتطور إلى مش حاجز قاعة
قرار رفع الدعم عن المحروقات بشكل كامل سيقر في المرحلة المقبلة، وقد يؤدي إلى حملات شعبية لرفض إجراءات الحكومة وسياساتها المالية، فقد أدى قرار رفع الدعم عن الكهرباء للمرة الثالثة من قبل وزارة الكهرباء المصرية لإطلاق موجة شعبية غاضبة على هذا القرار أفرز إطلاق حملة شعبية باسم “مش دافع الفواتير” شارك فيها كثير من المواطنين، حثوا فيها للامتناع عن دفع الفواتير للحكومة بحجة رفع الدعم والغلاء في المعيشة وارتفاع معدلات البطالة والفساد، الذي سحق الطبقة الوسطى، وأدى إلى إفقار فئة كبيرة من المواطنين.
ويشير ناشطون أنه في الوقت الذي تفرض فيه الحكومة ضرائب جديدة على السلع والخدمات والتي من المفترض أن يكون الهدف منها هو سد عجز الموازنة المالية، تخرج أخبار عن توسيع أسطول الطائرات الرئاسية من خلال شراء أربع طائرات فالكون فرنسية إكس 7 بقيمة 300 مليون دولار أي ما يقرب من 4 مليار جنيه.
وهذا ينافي سياسة التقشف وترشيد الاستهلاك التي من المفترض أن الحكومة تتبعها، وأن الرئيس السيسي ينادي على المواطنين أن يعملوا بها، ففي خطاب له وجه نداءه لكل مواطن مصري وبالأخص المرأة، منوهًا أن الأسرة في المجتمع تستطيع أن تقلل من الإنفاق في الكهرباء والماء و”حاجات كثيرة يتم استهلاكها” على حد تعبيره.
ومن جملة الضرائب التي تنوي الحكومة التوسع بها هي ضريبة القيمة المضافة، حيث تأمل الحكومة أن توفر لها نحو 30 مليار جنيه سنويًا.
وضريبة القيمة المضافة تفرض على كل المراحل التي تمر بها السلة أثناء إنتاجها، فإذا تكلفت شركة مصنعة لإنتاج سلعة ما بكلفة 500 جنيه وكانت ضريبة القيمة المضافة 10% فإن المصنع سيدفع لمصلحة الضرائب 50 جنيهًا كضريبة عن السلعة ليصبح تكلفة المنتج 550 جنيهًا، ومن ثم يذهب المنتج إلى الموزع ليفرض عليه هو الآخر ضريبة بشكل أقل ليقوم بإضافتها على الكلفة، وهكذا حتى يصل المنتج لرفوف المحال التجارية وقد أضيف عليه حتى وصل لهذا المكان ضريبة قيمة مضافة، وهذا كله يزيد من ثمن السلعة بشكل أو بآخر ويؤثر على حركة الاستهلاك والإنفاق في المجتمع ويزيد من معدل التضخم.
في حين أن ضريبة المبيعات تأخذ لمرة واحد فقط بعد بيع المنتج النهائي للمستهلك وتخضم من سعر المنتج النهائي، بينما ستستطيع الحكومة من خلال ضريبة القيمة المضافة الحصول على أجزاء من الضريبة خلال مراحل الإنتاج وستحد من التهرب الضريبي، وبالتالي سيتوسع الوعاء الضريبي للحكومة، والنقطة الأهم هي القبول الذي ستحصل عليه الحكومة إبان فرض هذه الضريبة لدى المقرضين العالميين مؤسسات وأفراد، فالمقرض يهمه بالدرجة الأولى طريقة تحصيل الحكومة للأموال من الشعب، وهذه الضريبة توفر آلية تمكن الحكومة من تحصيل الأموال من دافعي الضرائب بشكل مضمون أكثر.