تشهد العلاقات الموريتانية السنغالية في الآونة الاخيرة توترا ملحوظا نتيجة عديد الخلافات بين الطرفين و الملفات العالقة بينهما، على رأسها ملفي رخص الصيد للسنغاليين في المياه الإقليمية الموريتانية، ودخول قطعان الموريتانيين إلى الأراضي السنغالية خلال فصل الصيف.
وعرفت العلاقات بين البلدين تصعيدا متواترا من الطرفين، منذ شهر فبراير الماضي، بعد منع موريتانيا الصيادين السنغاليين من الصيد في مياهها الاقليمية، الأمر الذي دفع بالسنغال لطرد الآلاف من قطعان الإبل التي تعود لموريتانيين من أراضيها.
السنغاليون غير راضيين عن التعديلات الجديدة
وترتبط موريتانيا والسنغال منذ عام 2001 باتفاقية للصيد تجدد كل عام. وتنظم هذه الاتفاقية التعاون بين البلدين في مجال الصيد، وتتضمن تسهيلات للسنغاليين تسمح لهم باصطياد كميات من أسماك السطح لتموين سكان مدينة “سنلوي” بأسعار مخفضة. وتنص الاتفاقية على خضوعها للمراجعة سنويا لتجديد بروتوكول يحدد كمية ونوع الأسماك المسموح باصطيادها، وعدد الزوارق التي يمكنها الولوج إلى المياه الإقليمية الموريتانية.
وينص البروتوكول الأخير لمراجعة الاتفاقية الذي انتهت صلاحيته في تموز من العام الماضي على منح موريتانيا ثلاثمئة رخصة للسنغال لفائدة مجموعة الصيادين التقليديين في ولاية سنلوي السنغالية المحاذية للحدود مع موريتانيا.
وتسمح موريتانيا حسب الاتفاق المبرم بين البلدين، بدخول 300 زورق سنغالي تقليدي للاصطياد في مياهها الإقليمية وذلك بكمية لا تتجاوز 40 ألف طن مقابل تسديد الطرف السنغالي لمبلغ 10 يورو عن كل طن مصطاد.
منحت موريتانيا جارتها الجنوبية خصوصية تميزها عن بقية الأجانب العاملين في مجال الصيد
ويلزم التعديل، العاملون في القطاع بإفراغ حمولتهم في سفن في البحر تحت مراقبة السلطات الموريتاني، حتى تتأكد السلطات من موافقة حمولتها للقوانين الموريتانية، وعيناتها، وما إذا كانت مرخصة للزبون الأجنبي، وفق الاتفاق الموقع بين الطرفين.
ومنحت موريتانيا جارتها الجنوبية خصوصية تميزها عن بقية الأجانب العاملين في مجال الصيد، وتمثلت هذه الخصوصية في إنشاء ميناء شبه خاص في مدينة انجاكو (15 كلم من السنغال)، يفرغ فيها الصيادون السنغاليون حملتهم وتراقبها السلطات الموريتانية قبل توصيلها إلى السنغال، الأمر الذي رفضته السنغال.
من جانبها، دعت “اتحادية السماكين” الموريتانية، حكومة بلادها إلى إلغاء اتفاقية الصيد مع السنغال وتعويضها بتزويد مدينة سنلوي بحاجتها من الأسماك بالتسهيلات والأسعار نفسها التي تضمنتها الاتفاقية.
قوارب صيد بدائية
وقالت اتحادية السماكين الموريتانيين في بيان لها، إن الاتفاقية تلحق بهم أضرارا مادية كبيرة، وتستنزف الثروة البحرية للبلاد، وتمنح الأفضلية للصيادين السنغاليين، وتوفر لهم امتيازات تمكنهم من منافسة مصدري السمك الوطنيين.
ويؤكد مسؤولو الاتحادية أن الكميات التي يصطادها الصيادون السنغاليون بموجب الاتفاقية توفر فائضا يتم تصديره لينافس إنتاج موريتانيا، ويطالبون الحكومة بحماية الثروة السمكية وضمان المصالح الوطنية عبر تشديد المراقبة على عمليات الاصطياد، وإلزام السنغاليين بتفريغ حمولة مراكبهم في الموانئ الموريتانية.
وأعقبت حادثة منع الصيادين السنغاليين من الصياد في المياه الاقليمية الموريتانية، انزعاج الجانب الرسمي السنغالي، حيث أظهرت تصريحات أدلى بها وزير الصيد السنغالي عمر كي، مؤخرا، انزعاج حكومة بلاده من الإجراءات التي يتضمنها قانون الصيد الذي أقرته الحكومة الموريتانية.
يشكل صيادو سنلويس الذين يسمون “غت اندر” بعددهم الكبير وباعتماد آلاف الأسر على مصايدهم، مجموعة ضغط سياسية واقتصادية كبيرة على حكومة داكار
ودعا عمر كي، في تصريحات صحفية، “الحكومة الموريتانية لفتح الباب أمام المفاوضات الخاصة بتجديد اتفاقية الصيد المبرمة بين البلدين تقديراً للروابط التاريخية والجغرافية القائمة بينهما”.
وأرجع الوزير السنغالي سبب توقف المفاوضات بين موريتانيا والسنغال حول اتفاقية الصيد، إلى مصادقة الحكومة الموريتانية مؤخراً على القانون الجديد للصيد, الذي يلزم بتفريغ جميع المنتوجات البحرية، على الأرض الموريتانية قبل إعادة شحنها لوجهاتها الخارجية.
ويشكل صيادو سنلويس الذين يسمون “غت اندر” بعددهم الكبير وباعتماد آلاف الأسر على مصايدهم، مجموعة ضغط سياسية واقتصادية كبيرة على حكومة داكار، كما أنهم يشكلون ورقة ضغط هامة بيد حكومة نواكشوط.
طرد السنغال للإبل الموريتانية يعمق الأزمة
وفي رد على قيام موريتانيا بمنع الصيادين السنغاليين من الصيد في مياهها الاقليمية، قامت السنغال بطرد الآلاف من قطعان الإبل الموريتانية التي اعتادت دخول الأراضي السنغالية مع بداية انقشاع الغطاء النباتي في الأراضي الموريتانية، والبقاء فيها لحين عودته مع بداية فصل الخريف.
وقررت السنغال بداية شهر يوليو الماضي إبعاد قطعان الإبل الموريتانية، في وقت واحد، عكس ما كان يحصل في السابق ( الابعاد كان يتم بشكل متدرج). ويرتبط الجانبان، الموريتاني والسنغالي، باتفاقية في هذا المجال، تعود لسنة 1974، تحدد المواقيت الزمنية لدخول القطعان وخروجها.
تقدر أعداد الثروة الحيوانية الموريتانية على الأراضي السنغالية بـ10 آلاف رأس من الإبل
ورغم استبعد مسؤولين موريتانيين امكانية تتأثر العلاقات بين بلادهم والسنغال بقرار السنغال إبعاد قطعان من الحيوانات تعود لموريتانيين وكانت ترعى على أراضيها. فان عديد الخبراء، حذروا من امكانية مزيد توتر العلاقات بين البلدين.
السنغال تمنع الإبل الموريتانية من دخول أراضيها
وتقدر أعداد الثروة الحيوانية الموريتانية على الأراضي السنغالية بـ10 آلاف رأس من الإبل، فيما قدر عدد الثروة الحيوانية السنغالية على الأراضي الموريتانية بـ10 آلاف بقرة.
ويؤكد مراقبون أن للأزمة بين موريتانيا والسنغال، لها دوافع أخرى، من بينها وجود مجموعات ضغط في البلدين تدفع للتصعيد وتوتير العلاقات، الى جانب ملف الغاز وإقامة رعايا البلدين.