دفعت التطورات السياسية في المشهد المصري عقب بيان الثالث من يوليو 2013 بعزل الرئيس محمد مرسي إلى توجه الأنظار السياسية إلى العمل الخيري الاجتماعي بداية من حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة الصادر في 23 سبتمبر 2013 والخاص بحظر أنشطة تنظيم وجمعية الإخوان المسلمين ، وأي مؤسسة متفرعة منها أو تابعة لها، وأي منشأة تم تأسيسها بأموالها أو تتلقى منها دعما ماليا أو أي نوع من الدعم. كذلك حظر أي جمعية تتلقى التبرعات إذا كان بين أعضائها أحد المنتمين إلى الجماعة أو الجمعية أو التنظيم. أبضًا ما تبعه من إعداد مساعد وزير العدل لـ 72 كشفاً تضم أسماء 1055 جمعية مطلوب تجميد أموالها لارتباطها بشكل أو بآخر بالإخوان، وهى القائمة التى تم إخطار البنك المركزي المصري بتجميد حساباتها.
هذه الأحداث تدفع إلى التساؤل حول مستقبل العمل الخيري في ظل التمدد الطبيعي لقطاعات من الإسلاميين في الأنشطة الخيرية المختلفة ، أيضا حالة العمل الخيري عامة في ظل الأوضاع السياسية الحاليّة.
بداية .. ينطلق العاملون في المجال الخيري بكافة توجهاتهم من قاعدة “التكافل الاجتماعي” بين المسلمين كواجب شرعي على القادر مادياً وذلك من خلال فريضة الزكاة التي تفرض على كل مسلم قادر.لذا .. وجدت جمعيات خيرية تقوم على كفالة قطاعات من المجتمع ممن لا يصل إليهم دعم الدولة ، حيث ساعدتها الأوضاع الاقتصادية المتردية على لعبها دوراً هاماً في الحياة المصرية سواء من النواحي الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية ، فعلى المستوى الاجتماعي تتمحور أنشطها ما بين كفالة أيتام ورعاية مرضى ومساعدات فقراء وإغاثات في الكوارث الإنسانية في مصر وغيرها من الدول الإسلامية. وعلى المستوى الاقتصادي فإسهاماتها الاقتصادية عن طريق المشروعات التنموية التي تقيمها بعض هذه الجمعيات تؤثرعلى الاقتصاد القومي بضخ رأسمالها في شرايينها وما يترتب عليه من خلق فرص عمل للشباب مما يسهم في التقليل من نسب البطالة ، فضلا عن التخفيف عن كاهل ميزانية الدولة برعايتها قطاعات خارج اطار الدعم.
أما تمويل هذه الأنشطة فتكون من التبرعات التي يقدمها القادرين ماديا كمساعدات منهم سواء من مصر أو من الخارج وينظم القانون قبول هذه التبرعات. أيضا الزكاة والتي حدد النص القرءاني أوجه إنفاقها ولتعقيدات الحياة المعاصرة يلجأ البعض بزكاة أمواله إلى الجمعيات الخيرية كي تقوم بإنفاقها في الطرق الصحيحة شرعا.
وتكشف القوائم المنشورة مؤخرا فيما يخص الجمعيات المجمد أموالها عن عدة مفارقات حيث غلب عليها مؤسسات ذات طائع خيري خدمي مثل «مؤسسة بنك الطعام» ، «الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة» كذلك عدد من فروع كل من « الشبان المسلمين» ، «الحفاظ على القرآن الكريم» ، «أنصار السنة المحمدية».
وكمحاولة لفهم أسباب الزج بهذه الجمعيات في هذا القرار نشير إلى التالي:
1- أدت التضييقات الأمنية في عهد مبارك إلى الدفع بتيارات الإسلام السياسي أن تتحرك مجتمعيا ودعويا من خلال بعض فروع هذه الجمعيات بحيث كانت هناك دوائر متداخلة بين هذه التيارات وبعضها البعض أو بينها وبين الجمعيات الإسلامية تتغير حسب المناخ السياسي الذي يسمح أو لا يسمح بحرية الحركة. فمثلا بسبب الضغوط على الدعوة السلفية السكندرية في ظل العقود الماضية كانت تحرك من خلال بعض فروع جماعيتي أنصار السنة المحمدية ودعوة الحق ، وكانت مجلة الهدى النبوي لسان حال الدعوة السلفية بمقالات شيوخها فيها. كذلك كان للتيار المدخلي بعض التواجد المؤسسي في بعض فروع جمعية أنصار السنة . أما جماعة الإخوان المسلمين فلها بعض التواجد والعمل من خلال بعض فروع الجمعية الشرعية نتيجة التضييق الأمني عليها.
2 – أدت حالة السيولة السياسية والنشاط السياسي لتيارات الإسلام السياسي عامة إلى الدفع بأبرز هذه الجمعيات إلى الظهور السياسي فلم يكن الأمر محاولة منها لممارسة العمل السياسي بل فقط لإثبات التواجد خاصة وأن الدعوة السفية السكندرية بدأت تنشط سياسيا وتقدم نفسها كممثل للسلفية مما استنفر أبرز وأقدم الجمعيات الإسلامية مثل الجمعية الشرعية وأنصار السنة للتحرك وإن كان هذا التحرك رمزيا أكثر منه واقعياً ، حيث تمثل ذلك في دعم الجمعية الشرعية للمرشح ” إسلامي” “محمد مرسي” في الانتخابات الرئاسية الأخيرة. كذلك نحت أنصار السنة المحمدية هذا المنحى ذات السياسي بعدما أنشأت مجلس شورى العلماء.
3- لم يتطرق قرار التجميد إلى تجميد أموال جمعية الدعاة الخيرية التي أنشأتها الدعوة السلفية وذلك بسبب الموقف السياسي الداعم للسياسة الحالية ، وموقفها المناقض لجماعة الإخوان المسلمين ولا للجمعيات القريبة منها مثل دعوة الحق، كذلك لم يتطرق القرار لأموال الجمعيات والطرق الصوفية لموقفها الواضح المؤيد لمرحلة مابعد الثالث من يوليو.
الإسلام السياسي والعمل الخيري
وبسبب أدوار هذه الجمعيات الاجتماعية أصبح لها وجودًا على أرض الواقع واتصالًا وثيقًا مع الناس ما جعل شبكة علاقاتها تلك مطمع من قبل بعض السياسيين الذين يُعانون من فقر شديد في القاعدة الشعبية مما يجعل مثل هذه الجمعيات مطمع للساسة لكي يلتمسوا فيها التأييد لطموحاتهم السياسية وللوجاهه الاجتماعية وذلك عن طريق طُرق عدة مثل الترهيب بسيف السلطة وتدخلاتها للحد من نشاط هذه الجمعيات أو بالترغيب بغض النظر عن بعض ما يحدث فيها من تجاوزات أو بالامتيازات والإعانات التي تمنحها لها الدولة. كذلك أصبحت وسيلة لتمدد جماعات الإسلام السياسي المجتمعي وتوسيع رقعتها وجذب متعاطفين وأنصار لها كان العمل الخيري أبرز هذه الوسائل التي سعت إليها كافة جماعات الإسلام السياسي.
ففي السبعينات لجأت كافة الجماعات إلى تقديم مساعدات مادية وعينية سواء للطلاب الغير قادرين أو الأسر الفقيرة وذلك عن طريق توزيع الملابس بأسعار رمزية كذلك للسلع الغذائية واللحوم فضلاً عن تقديم إعانات مادية وأدوية للمرضى ، أيضا طباعة الكتب الجامعية بأسعار زهيدة جدا بالمقارنة بالأسعار التي تباع بها مراعاة للطلبة الفقراء .. إلخ. وكان الوضع الاقتصادي السيء لمحافظات الصعيد سببا في انتشار الجماعة الإسلامية والتي اهتمت كثيرا بهذه الأعمال الخيرية مما مكنها من التمدد والسيطرة على مناطق كبيرة.
في إطار العمل الاجتماعي الذي تقوم به جماعة الإخوان المسلمين أنشئوا ” قسم البر والخدمة الاجتماعية” عام 1945م وذلك حسب موقع إخوان ويكي – الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين – والذي جاء في قانونه: إن من أغراض القسم الرعاية الصحية والاجتماعية عن طريق أسابيع الإصلاح – وذلك كي يكون العمل أكثر تنظيما ومؤسساتية – وكان للقسم مقرٌّ خاصٌّ بعيدٌ عن المركز العام، أمام مدرسة السينية بحي السيدة زينب، وبالقسم مستوصف يقوم بالكشف الطبي على المرضى نظير أجر يسير، كما يقوم بتنظيم الكشف على أعضاء شعب الإخوان، والقيام بقوافل طبية لعلاج الفقراء، ومعاونة مصلحة الشئون القروية بوزارة الصحة.
ووفقا لحوار سابق أجراه ابراهيم سراج مسؤول ملف البر بالإسكندرية مع موقع ” أمل الأمة” أكد أن قسم البر بالجماعة يقوم علي خدمة المواطنين بقدر الامكان، ومساعدة المحتاجين والفقراء وكل من يحتاج يد المساعدة، وأن قسم البر يضم 35 ألف أسرة بحوالي 140 ألف فرد يقوم القسم علي خدمتهم وتوفير جميع الاحتياجات اللازمة لهم، وأكد أن هناك شريحتان يقوم القسم بخدمتهم الأولي شريحة شهرية يقوم القسم بتوفير احتياجات الأساسية بصفة شهرية من أموال وملابس وغذاء وكل ما تحتاجه الأسر المكفولة، والشريحة الثانية هي الموسمية كالأعياد أو المواسم أو شهر رمضان الكريم، ويكون ذلك بطريقة منظمة وتكون جميع الحالات مدروسة بشكل دقيق، لخدمة المحتاجين بقدر الامكان. وأفاد أن القسم يضم أكثر من 75 جمعية خيرية علي مستوي الإسكندرية للتفاعل مع المجتمع بشكل كبير، وأن القسم كان يضم قبل ثورة 25 يناير 28 جمعية فقط وذلك بسب الضغط الأمني المستمر، ولكن الأن الجمعيات الموجودة وبشكل قانوني وكلها مشهرة بوزارة التضامن الاجتماعي.
وأفاد أن القسم يضم العديد من اللجان التي تقوم علي توفير كل ما هو جديد للمواطن المصري ومنها لجنة التنمية والمشروعات والتي تقوم علي منح قروض صغيرة لصغار الحرفيين من أجل بناء مشروعات خاصة بدون أي نسب ربحية، كما أن اللجنة تقوم بدراسة مشروع أطفال الشوارع والذي سيكون علي مساحة 2000م لإيواء الأطفال وتعلميهم حرف يستطيعوا بناء مستقبلهم منها، وهذا المشروع سيكون به تعاون كبير مع وزارة لتضامن الاجتماعي ونقابة المهندسين، وسيخرج للنور خلال 4 أشهر.
وعن الأسواق الخيرية أوضح “سراج” أن جماعة الإخوان المسلمين أول من أبتكر فكرة الأسواق الخيرية لتقليل العبء المادي علي المواطنين جراء ما يحدث من أرتفاع للأسعار بشكل كبير، كما أن الاسواق الخيرية موجودة في كل منطقة علي مستوي الإسكندرية بشكل أسبوعي و موسمي وتكون الأسعار بسعر الجملة لخدمة المواطن. وأكمل “سراج” أن هناك مشروع جلود الأضاحي الذي ينظمه القسم كل عام، بتجميع جلود الأضحية وبيعها وصرف أموال بيعها علي الفقراء والمحتاجين وتوفير جميع احتياجاتهم بشكل كبير، وأفاد أن قسم البر قام بتوزيع لحمة علي الفقراء والمحتاجين تقدر بحوالي 14 مليون جنية خلال عيد الأضحى الماضي.
وبالنظر إلى الدعوة السلفية السكندرية ففي عام 1984 أرادت “المدرسة السلفية” – تكونت من الشباب السلفي الرافض للمنهج الإخواني وأول مجلس إدارة لها كان عام 1980- أن تتخطي أدوار التدريس والوعظ إلي دور اجتماعي وتثقيفي أوسع تحولت إلى “الدعوة السلفية” فبالإضافة إلى للدروس بالمساجد أسسوا اللجنة الاجتماعية وكانت تشرف على اللجان الاجتماعية الموجودة في كل مسجد والتي بدأت في جمع زكاة الفطر ، والتبرعات المالية والمادية وتوجهها للأنشطة الخيرية كل حسب المنطقة التي تغطيها أنشطة المساجد ، كما اهتموا بالدور الخيري الخاص برعاية الأرامل ، وكفالة الأيتام ، ومساعدات المرضى. كما ظلت تعمل على شكل خلايا عنقودية متفرقة استفادت من المنهج السلفي الواسع في اجتذاب القادرين من رجال البر من ذوي الميول الدينية والاستفادة منهم ؛ فلم تُنشئ مستشفيات أو عيادات طبية وماشابه بل استفادت من قاعدة المتعاطقين مع منهجهم في تقديم الرعايا الطبية للمحتاجين سواء مجانا أو بأسعار مخفضة. والأمر كذلك في غيرها من أوجه البر. وقد أشهرت الدعة السلفية جمعية لها باسم “جمعية الدعاة” ولديها تقريبا 23 فرعا فى المحافظات.
الجمعيات الإسلامية
رغم أن جذور الدور الاجتماعي والخيري والرعائي للجمعيات الأهلية الاسلامية في مصر تعود إلى الحركة الصوفية ، ونظام الوقف الإسلامي وكلاهما يستند في أدواره وأهدافه على التضامن الاجتماعي المؤسس على التجربة الإعانية والروحية لدى التصوف ومريديها أو على رغبات الأغنياء في العمل الخيري .. إلخ ، إلا أنها فيما بعد أخذ بعضها منهجا سلفيا مناسبا لجماعات سلفية تتحرك مجتمعيا من خلالها ، حيث نشط السلفيون بمختلف فضائلهم في العمل الخيري سواء بشكل فردي أم بشكل جماعي عن طريق الانضمام إلى الجمعيات الخيرية المختلفة.
ومن أبرز الجمعيات الإسلامية وأقدمها:
– الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية وهي أقدم الجمعيات الإسلامية أسست عام 1912 وهي جمعية خيرية يتم تمويل أنشطتها من أموال الزكاة ولا تتلقى تبرعات من خارج البلاد.
ومثل غيرها من الجمعيات الأهلية تخضع للإشراف الرقابى من قبل أجهزة الدولة المختلفة. تقوم الجمعية بعدد من المشروعات الاجتماعية الخاصة بكفالة الطفل اليتيــم – تيسير زواج اليتيمـات – رعاية المسلم المعــاق رعاية طالب العلــم – استضافة الفتيات اليتيمات والمغتربات – المقابر الشرعية – تشغيل أمهات الأيتـام. فضلاً عن عدد من عدد من المراكز الطبية المتخصصة التابعة للجمعية وتبلغ 24 مركزًا ، فضلا عن عدة المشروعات الطبية الخاصة بعلاج مرضى الفشل الكلـوي ومركز الأشعة التشخيصية بمعدل 140 حالة يومياً ، ومركزا للغسيل الكلوي يحتوي على 40 جهاز ، ومتوسط الحالات الجراحية التي تتكلفا الجمعية 2000 حالة سنويًا.
تتكفل الجمعية بكل هذه الخدمات مجانا فعلى سبيل المثال تنظم الجمعية قافلتين طبيتين يوم الجمعة من كل أسبوع إلى جميع محافظات الجمهورية بالتوالي بمجموعة من الاستشاريين في جميع التخصصات التي تطلبها المحافظة – يبلغ عدد الحالات التى يتم الكشف عليها سنويا 43.200حالة – وفي حالة تحصيل أي مبالغ نقدية من أي مريض تحت أي مبرر يتم إلغاء قافلة أثناء عملها في المحافظة.
– جماعة أنصار السنة المحمدية: أسسها الشيخ محمد حامد الفقي عام 1926م بهدف “تجديد الدين على أساس من التوحيد الخالص والسنة الصحيحة ومحاربة الشرك والبدعة في كافة صورها ” . ينحصر نشاط الجمعية في أمرين، النشاط الدعوي من خلال مجلة التوحيد والمعاهد التي انشائها لإعداد وتخريج الدعاة، ومركز تعليم وتخريج الافارقة ومكاتب لتحفيظ القرآن الكريم، والأمر الثاني هو أعمال البر والإحسان وهذه تنحصر في بناء المساجد والمشروعات ومنها مستوصفات ومدارس اسلامية ودور للمسنين والأيتام، وكذلك بناء مساكن للفقراء
من أهم مصادر تمويل الجماعة – حسب تصريحات لرئيسها العام د.عبدالله شاكر- الأوقاف التي أوقفت للانفاق عليها، والمشروعات المقامة فوق مساجدها من مستشفيات ومدارس وحضانات ونشر وطباعة الكتب والمجلات والإعلانات، وتبرعات أهل الخير في مصر من انصار السنة المنتمين للجماعة، وتبرعات محبي دعوة التوحيد داخل مصر وتبرعات انصار السنة المقيمين في الخارج، وايضا من مشروعات تشغيل الشباب الخاصة بفروع الجماعة مثل بعض المصانع الصغيرة والمحلات إلخ. وفي إطار نفيه حصول الجمعية على تمويلات حسب تصريحات وزير العدل السابق فيما عرف بقضية التمويلات الأجنبية في 2011 وتم الزج بالجماعة فيها والزعم بحصولها على 296 مليون جنيه مما أثار حملة ضدها يقول د.أسامة سليمان – رئيس الإدارة المركزية للمشروعات بالجمعية – عن تمويل أنشطة الجماعة :” تتلقي تمويلات سنويه وشهريه من ثلاث جمعيات خليجية هي “احياء التراث ” في الكويت- دار البر ” في دبي – ” عيد بن محمد ” من قطر . ويدخل لحسابنا حوالي من 2 إلي 3 ملايين جنيه سنويا وهي ليست تبرعات ثابته وانما متغيرة حسب ما تقضيه الحاجة ، ويتم صرفها علي إقامة المساجد والمستشفيات وكفالة الايتام وحفر آبار ومساعدة معاقيين . كما أن كل مبلغ يأتي يعرض علي وزارة التضامن والمخابرات العامة قبل أن يُصرف ، ونأخذ موافقة كتابية علي صرف المبلغ وأحيانا يتم رفض صرف المبلغ ويُرد الي الجهات المانحة وإذا لم تخطرنا وزارة التضامن خلال 69 يوما يعتبر ذلك موافقة ضمنية علي أحقية الصرف.
مستقبل العمل الخيري
حكم المحكمة الصادر بحظر أي جمعية تتلقى التبرعات إذا كان بين أعضائها أحد المنتمين إلى الإخوان المسلمين حكم سياسي أكثر منه واقعي استهدف هز الصورة الذهنية للجماعة لدى قطاعات بعينها وتنفيذه لن يكون بسهولة ، لذا أتبعه قرار تجميد أموال الجمعيات الخيرية كوسيلة لتجفيف منابع التمويل والتضيق عليها. القرار يؤدي تفجير الأوضاع الاجتماعية وزيادة غضب المستفيدين من أنشطة هذه الجمعيات نحو الدولة أكثر منه نحو الإخوان كما استهدف السيناريو الموضوع.
وعلى المدى القصير والمتوسط تؤدي حالة التعبئة الإعلامية المضادة للجماعة إلى التأثر نوعا ما على التبرعات حيث تدفع هذه التطورات السياسية المواطن إلى إعادة النظر في التبرعات التي يقدمها مما سيؤثر في الإجمال على أداء هذه الجمعيات لبعض الوقت. لكن بصورة إجمالية لن يكون هذا القرار عائقا أمام جماعات الإسلام السياسي المختلفة فغالبها مارس العمل الخيري بشكل فردي أكثر منه بشكل مؤسساسي ، وغالب هذه التيارات ظل لوقت طويل يتحرك في المجتمع ويتمدد بلا أي إطار مؤسسي ، لذا فهذا التضييق هو معتاد عليه من قبل ولن يكون أزمة تعيق تحركه.
لكن التحدي الأبرز الذي يواجهه العمل الخيري هو مدى النجاح في مأسسته وتحويله إلى النمط الإنتاجي بديلًا عن النمط الاستهلاكي الحالي القائم على الصدقات والمساعدات الوقتية القائمة على تبرعات أهل الخير ، وهذا يستدعي عودة فكرة “الوقف” إلى الحياة الحديثة وتشجيعها من أجل ضمان استمرارية العمل الخيري ، فضلا عن استخدام علوم الإدارة الحديثة في إدارة هذه الأموال بحيث تدار هذه الأموال بشكل يؤدي لتوليد مصادر ذاتية منها.