تنطلق الدورة الثانية والعشرون للألعاب الأولمبية الشتوية بمدينة سوتشي الروسية يوم 7 فبراير القادم.
وتقع مدينة سوتشي على سواحل البحر الأسود، عند سفح جبال القوقاز الشمالية.
وتأمل روسيا في أن تستخدم الالعاب الأولمبية الشتوية في 2014 لكي تظهر للعالم التقدم الاقتصادي والاجتماعي الذي حققته البلاد في ظل رئاسة فلاديمير بوتين. لكن هذا المنتجع الواقع على البحر الأسود قريب جداً من منطقة شمال القوقاز التي شهدت حربين بعد انهيار الاتحاد السوفياتي في الشيشان إلى جانب أعمال عنف شبه يومية في جمهوريات مثل داغستان.
وأمرت السلطات الروسية بتشديد الاجراءات الأمنية في سوتشي بعد التفجيرات خلال ماراثون بوسطن في نيسان/أبريل التي نسبت مسؤوليتها إلى شقيقين شيشانيين عاشا القسم الأكبر من حياتهما في روسيا.
وذكر وزيد الداخلية الروسي فلاديمير كولوكولتسيف أن روسيا ستنشر 37 ألف رجل أمن لحماية الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2014 التي تستضيفها سوتشي.
لكن في أي يوم قريبا جدا، قد تنفجر قنبلة في سوتشي، إن حدث ذلك، فإنه سيكون أسوأ كابوس يواجهه رئيس روسيا القوي فلاديمير بوتين الذي استخدم كل نفوذه لتنظيم تلك الأولمبياد.
فقد كان دوكو عمروف زعيم “إمارة القوقاز الإسلامية” قد دعا أنصاره في يوليو الماضي إلى استخدام “كافة السبل” لمنع بوتين من إقامة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية.
وفي تسجيل فيديو نشر على موقع بشبكة الإنترنت، قال عمروف -الذي تعتبره السلطات الروسية عدوها الأول- إنه ألغى فتواه بعدم مهاجمة أهداف روسية خارج شمال القوقاز والتي كان قد أصدرها في فبراير/شباط 2012.
وأكد عمروف -الذي يوصف بالمتشدد- في الفيديو أن روسيا تعتزم تنظيم الأولمبياد على جثث جدودهم وجثث كثيرين من الموتى المسلمين المدفونين في أراضيهم في منطقة البحر الأسود.
وأضاف قائلا “نحن كمجاهدين ملتزمون بعدم السماح بحدوث ذلك باستخدام كافة السبل التي يمنحنا إياها الله”.
ويذكر أن عمروف -الذي كان ينتمي إلى حركة شيشانية قاومت القوات الروسية من أجل استقلال الشيشان- تخلى عن الكفاح من أجل استقلال الشيشان في 2007 وانتقل إلى التيار الإسلامي معلنا قيام “إمارة القوقاز الإسلامية”.
وتبنى الهجوم على مطار موسكو دموديدوفا في يناير/كانون الثاني 2011 الذي أوقع 37 قتيلا، والهجوم المزدوج على مترو موسكو في 2010 والذي راح ضحيته أربعون قتيلا.
وبحسب وكالة الأنباء الفرنسية، فإن الولايات المتحدة تدرج إمارة القوقاز الإسلامية ضمن قائمتها للمنظمات “الإرهابية”.
وترتبط الشيشان تاريخيا بالدولة العثمانية ثم بروسيا القيصرية، ثم الاتحاد السوفيتي الذي فرض أحكاما شديدة القسوة على الشيشانيين متهما إياهم بالتعاون مع النازي الألماني. وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 انتُخب القائد الجنرال جوهر دودايف رئيسا للشيشان بناء على الانتخابات العامة التي جرت في أكتوبر 1991 وحصل فيها على نسبة 85% من الأصوات.ثم اعلن دوداييف استقلال الشيشان، مما أشعل الحرب الضارية بين الروس والشيشان من 1994 حتى 1996. حيث استمرت المعارك بين الطرفين حتى تمكنت القوات الروسية من احتلال العاصمة غروزني بعد تدميرها بشكل كامل، ثم قام الروس بإجراء اتفاقية لوقف الحرب.
واجهت الدولة الشيشانية بعد اتفاقية 1996م سوء حظ كمن في هذه الوثيقة نفسها التي تضمنت: تأجيل اتخاذ قرار في وضع الشيشان حتى 2001م، كما واظب الروس على أن تبقى الحكومة الشيشانية أسيرة الحرمان التشريعي، غير قادرة على الحصول على اعتراف دولي، ولا تستطيع السعي للحصول على تعويض من المحتل السابق. ولم يرحب أحد باستقبال بعثات دبلوماسية شيشانية لها وضع دبلوماسي كامل غير أفغانستان وجمهورية شمال قبرص التركية. وحتى اليوم لم تعترف بها أي دولة عربية ولا إسلامية.
وبعد شهر من تولي بوتين رئاسة الوزارة الروسية، بدأ الحرب على الشيشان، والتي كانت أهم وسائله في الصعود إلى الرئاسة في مارس 2002م. واتصفت حرب بوتين في الشيشان منذ بدايتها بالاستخدام المفرط؛ حيث زاد عدد القوات من (24 ألف جندي) إلى (100 ألف جندي)، واستمر القصف الجوي عدة أسابيع حتى سوى كل شيء في شمال جروزني بالأرض، ثم استولى عليها، وبعدها عين أحمد قديروف حاكمًا عليها الذي اغتيل في ٢٠٠٤.
ويرأس الشيشان الآن، رمضان قديروف نجل الرئيس الذي عينه الروس، والمقرب كثيرا من بوتين.
ومع الذعر الروسي من حدوث أي أعمال انتقامية من الطرف الشيشاني في أثناء الألعاب الشتوية، طالبت منظمات حقوقية روسيا بتخفيف الرقابة والتضييقات الأمنية، والتي قد تصل إلى حظر وسائل الاتصالات غير الروسية ومراقبة جميع الاتصالات الصادرة والواردة إلى المدينة، إلى الحد الذي جعل السلطات الأمريكية تنصح من قرروا حضور الألعاب “بنسيان هواتفهم النقالة وحواسيبهم المحمولة، فسيتم اعتراضها على أية حال”