قررت الحكومة التركية السماح، اعتبارًا من اليوم السبت، للشرطيات بارتداء الحجاب الإسلامي تحت غطاء الرأس الرسمي، على أن يكون من نفس لون البدلة الرسمية، وألا يحتوي على أي نقوش، جاء ذلك في بيان نشر في الجريدة الرسمية اليوم.
جدير بالذكر أنه لطالما طالب حزب العدالة والتنمية الحاكم بإلغاء القيود المفروضة على ارتداء الحجاب، فيما يواجه الحزب من جانب خصومه بتهم متعلقة بإضعاف الأسس العلمانية التي تقوم عليها الدولة التركية الحديثة.
ولكن مؤيدي الحزب يشيرون إلى أن مثل هذه الخطوات تعزز من الحريات العامة في البلاد، بالإضافة إلى أن قرارات مماثلة اتخذت مؤخرًا في كل من إسكتلندا وكندا بالسماح للشرطيات المسلمات بارتداء الحجاب.
وكانت تركيا قد رفعت الحظر المفروض على ارتداء طالبات الجامعات الحجاب في عام 2010، كما سمحت بارتدائه في المؤسسات العامة في العام 2013، والمدارس المتوسطة في عام 2014.
مشكلة الحجاب التاريخية في تركيا
تعود مشكلة الحجاب في تركيا إلى عام 1923 عندما تم تأسيس الجمهورية التركية على يد مصطفى كمال أتاتورك، لم يكن في الدستور الأول للجمهورية حظر للحجاب، ورغم ذلك لم تكن المؤسسات الرسمية تسمح للموظفات بالعمل بحجابهن.
مع الأخذ في الاعتبار أن ظاهرة الحجاب تنامت وظهرت النقاشات حولها في الدولة التركية في عام 1960 مع ازدياد أعداد الطالبات المحجبات اللاتي يرغبن بالدخول إلى الجامعات بحجابهن.
بعد انقلاب 1980 تم إصدار قانون “لوائح اللباس في المؤسسات العامة” الذي منع الحجاب في مؤسسات الدولة، وبسبب ذلك لم تتمكن بعض النساء من ممارسة عملهن في المؤسسات العامة بحجابهن.
أما بعيد الانقلاب الناعم الذي تم على حكومة حزب الرفاه بقيادة نجم الدين أربكان، صدر قرار من مجلس الأمن التركي مفاده أن “الحجاب” هو تهديد لتركيا العلمانية، وفي هذا التوقيت استهدفت النساء المحجبات، ولم يستطعن الدخول إلى الجامعات، ولم يقدرن على العمل بالحجاب، ومن كن يعملن منهن طردن من أعمالهن.
وقد كانت أبرز حوادث التضييق على المحجبات بعد هذا الانقلاب في عام 1999، عندما انتخبت للمرة الأولى نائبة محجبة كعضو في البرلمان التركي، ورغم ذلك لم يُسمح لها بأن تكون حاضرة في جلسات البرلمان بسبب ارتدائها للحجاب.
ولكن حظر الحجاب في مؤسسات الدولة استمر حتى عام 2010، إلى أن تم تعديل الدستور واتخاذ التدابير حول “الحقوق والحريات”، وطُرحت على الاستفتاء الشعبي ليتم قبولها وتصبح سارية المفعول، حتى تم رفع حظر الحجاب في هذا العام، ورفع الحظر عن الموظفات في المؤسسات العامة مع “حزمة قوانين الديمقراطية” التي أعلن عنها رئيس الوزراء في تلك الفترة رجب طيب أردوغان في أكتوبر من العام 2013 بشكل رسمي.
ومن المفارقات الجديرة بالتأمل في هذه الأيام، أن بعض الدول الأوروبية بدأت تفكر في تغيير سياساتها تجاه حرية الملبس التي كانت شعارًا دائمًا لعلمانيتها، وقد كانت العلمانية التركية أكثر تشددًا في هذه الناحية، إلا أنه وفي الوقت الذي تغلبت فيه على إرثها العلماني المتطرف وسمحت للشرطيات بارتداء حجابهن أثناء العمل بصورة طبيعية، تشهد أوروبا ردة عن مبادئها، بعدما لم تقبل دولة كفرنسا بارتداء لباس مختلف على الشاطئ للمسلمات، وقررت حظره، حتى تدخل القضاء بوقف قرار الحظر.