على أنغام أنشودة “كبر النصر برجالنا يوم الغضب..والكون وقف قبالنا نار ولهب..بشراك يا شعبي الصبر..طل بسمانا هالنصر..والعز عز المنتصر..والعار ع اللي انغلب..” بثت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة (حماس) فيلمها الجديد الذي يروي إحدى بطولات معركة العصف المأكول التي أجهزت فيها وحدة النخبة على 8 جنود إسرائيليين من النقطة صفر.
الفيلم الذي امتدّ لأكثر من 19 دقيقة، وحمل اسم “الضباب”، احتوى على مشاهد حقيقية عرضت لأول مرة لعملية أسر الجندي الإسرائيلي “شاؤول أرون”، وعملية التسلل خلف الخطوط التي نفذتها النخبة بعد عملية الأسر بتاريخ 25/7/2014.
تفاصيل العملية
تفاصيل العملية بحسب الكتائب، بعد رصد القسام تجمع لقوات الاحتلال يتكون من ناقلات جند وعدد من جنود المشاة شرق كتيبة التفاح والدرج، تم وضع خطة محكمة وتجهيز وحدة النخبة بالعتاد العسكري المطلوب بعد قضائهم أسبوعين كاملين داخل أحد أنفاق القسامية، بانتظار أوامر القيادة.
وقالت الكتائب “فجر يوم الخميس الموافق 24/7/2015، 25رمضان، وفي تمام الساعة 6 صباحاً جاء القرار من القيادة بالتنفيذ، حينها بدأ التحرك للهدف بأربعة مجاهدين من وحدة النخبة يحملون كافة صنوف الأسلحة الخفيفة، وقطعوا مسافة 1400 متر للوصول إلى الهدف .. وتسللت المجموعة في وجود الضباب الذي عمّ المنطقة خلف خطوط قوات العدو المتجمعة في محيط مسجد خديجة شرق كتيبة التفاح والدرج، حيث المكان الذي أسر من الجندي “شاؤول أرون”، وفجأة وجد المجاهدون 8 جنود في حالة سبات ونوم عميق، فبادرهم الشهيد أحمد الجماصي واخوانه بإطلاق النار صوبهم من مسافة صفر وأجهزوا عليهم جميعاً”.
الكتائب كشفت أن الشهيد أحمد الجماصي هو قائد العملية والذي استشهد خلالها، فيما كان برفقته الشهيد ثابت الريفي والذي استشهد في ميدان الإعداد والتجهيز.
وأضافت “وبعد تنفيذ العملية وأثناء انسحاب المجاهدين تقدمت آليتان صهيونيتان من نوع “ميركافا”، فقام الشهيد الجماصي باستهداف إحداها بقذيفة RBG لتأمين انسحاب المجموعة من مكان العملية، ما أدى لتدميرها ومقتل جندي وإصابة آخر، وأثناء ذلك أصيب الشهيد برصاص العدو بعد إطلاق النار بشكل عشوائي عقب استهداف الآلية ما أدى لاستشهاده”.
وتابعت :”وفور انتهاء المعركة عُثر على بقايا الدبابة المستهدفة ورشاش متوسط من نوع Fn– Mag عيار 7.62 51 mm يحمل رقم (3)، وذلك دليل على تدمير الدبابة المستهدفة بشكل كامل”.
رسائل القسام الثلاث
المحلل والمراقب السياسي حمزة أبو شنب، رأى أن عملية “الضباب“ تعدّ عملية متكاملة الأركان، ومن العمليات المنظمة التي سطر بها أفراد القسام البطولة والإذلال لجنود الاحتلال.
وقال أبو شنب، إن: “العملية تبرز تطور أداء المقاومة، في اعتمادها على مقاتلين مجهزين، درسوا العمل العسكري من كل جوانبه، ولم تذهب مرحلة الإعداد سدى التي أذاقوا من خلالها جنود الاحتلال الألم الكبير”.
المحلل السياسي أكد، أن أفراد القسام قدموا نموذجًا أجبروا الاحتلال من خلاله على تغيير تكتيكاته وسياساته أبرزها إخلاء المستوطنات المجاورة وتفريغ سكانه في أي مرحلة مقبلة، والاعتماد على مبدأ الدفاع في المناورات العسكرية الصهيونية.
بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي ثابت العمور، إن كتائب القسام بعثت من خلال هذا التسجيل عدة رسائل لعدة جهات، معتبرا أن “الفيلم جزء من الحرب المعلنة التي تنتهجها المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال، وتقوم على توثيق العمليات الميدانية النوعية التي تقوم فيها”.
وأضاف أن “مردود تلك الحرب الإعلامية التوثيقية كبير جداً، خاصة على الناحية النفسية للعدو الذي ينكر دائما حدوث عمليات أدت إلى قتلى وجرحى إسرائيليين، وتثبت للاحتلال بأن الحرب لم تنل من عزيمة المقاومة”.
العمور أشار إلى أن هذا العمل يبعث برسالة للداخل الفلسطيني تعمل على رفع معنويات المجاهدين والجبهة الفلسطينية ويعزز ثقتها، بالإضافة لدحض الروايات الإسرائيلية التي تحاول الترويج بأن جيشه لا يقهر، لافتا إلى أن الإعلام الإسرائيلي يتناول تلك العروض التوثيقية بشكل مهني للجمهور الإسرائيلي.
وحول توقيت العرض، أكد العمور، أن التوقيت يحمل رسالة ثانية تخدم ملف الأسرى “حيث أتى في وقت تحاول جهات كثيرة في إسرائيل شن حملة ضد حكومة نتنياهو وتتهمها بالتقصير في ملف الجنود الإسرائيليين الذين تأسرهم المقاومة في غزة، خاصة بعد تهديد القسام بمعاملة الجنود كما يتعامل الاحتلال مع أسرانا”.
المحلل السياسي، لفت أن هذه العروض التي يبثها القسام من حين لآخر، ستفتح جبهة إسرائيلية جديدة على نتنياهو، تضغط عليه بضرورة التحرك بأسرع وقت للإفراج عن الجنود لدى “القسام” في غزة.
أما الرسالة الثالثة فهي رسالة داخلية تسعى كتائب القسام لإيصالها للسلطة الفلسطينية، وبما يخدم مصلحة حركة حماس في الانتخابات البلدية المقبلة، مفادها أن غزة تنعم بالأمن، وأن المقاومة بغزة تعمل على جبهتين يد تعمل ويد تقاوم، إلى جانب رفع معنويات الناس وأهالي الأسرى، واستقطاب الرأي العام الفلسطيني لصالح المقاومة وحماس”.
وتوقع العمور، أن مثل تلك الأفلام والعروض التي تبثها المقاومة من حين لآخر، تدفع نحو بذل المزيد من الجهود العربية أو الأوروبية لعقد صفقة إفراج عن الأسرى، ورفع الحصار الإسرائيلي عن القطاع.
تمسك بالشروط
وما إن عرضت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة “حماس” فيلم “الضباب”، حتى امتلأ العالم الافتراضي وصفحات التواصل الاجتماعي برسائل الإعجاب والإشادة بأحداث الفيلم وشجاعة منفذي عملية الإنزال.
وحظي وسم (هاشتاغ) “#الضباب” بنسبة تداول كبيرة بين المغردين الفلسطينيين والعرب على سواء، كما استذكر النشطاء شهداء العملية، الشاب أحمد الجماصي الذي قاد عملية التسلل واستشهد خلالها، وثابت الريفي الذي شارك في العملية ولكنه ارتقى لاحقا في ميدان الإعداد والتجهيز بمطلع العام الجاري 2016.
ولم تقتصر المشاركات في الوسم على التغريدات بل اشتملت على نشر مقاطع فيديو قصيرة مقتطعة من الفيلم وصور من تفاصيل العملية ولحظات الاشتباك المباشر مع جنود الاحتلال إلى جانب نشر صور كاريكاتير وأبيات شعرية وخواطر أدبية تشيد بمنفذي عملية الإنزال الشهداء منهم والأحياء.
وفي مطلع أبريل/نيسان الماضي، كشفت كتائب القسام لأول مرة، عن وجود “أربعة جنود إسرائيليين أسرى لديها”، دون أن تكشف إن كانوا أحياءً أم أمواتاً، ولم تكشف عن أسماء الإسرائيليين الأسرى لديها، باستثناء الجندي شاؤول، الذي أعلن المتحدث باسم الكتائب “أبو عبيدة”، في 20 يوليو/تموز 2014، عن أسره، خلال تصدي مقاتلي “القسام” لتوغل بري للجيش الإسرائيلي، في حي التفاح، شرقي مدينة غزة.
وترفض حركة حماس، بشكل متواصل تقديم أي معلومات حول الإسرائيليين الأسرى لدى ذراعها المسلح.
وكانت الحكومة الإسرائيلية، أعلنت فقدان جثتي جنديين في قطاع غزة خلال الحرب الإسرائيلية (بدأت في 8 يوليو/تموز 2014 وانتهت في 26 أغسطس/آب من العام نفسه) هما آرون شاؤول، وهدار جولدن، لكن وزارة الدفاع عادت وصنفتهما مؤخراً على أنهما “مفقودان وأسيران”.
وإضافة إلى الجنديين، تتحدث إسرائيل، عن فقدان إسرائيليين اثنين أحدهما من أصل إثيوبي والآخر إسرائيلي من أصل عربي، دخلا غزة بصورة غير قانونية خلال الأشهر الماضية.