انهيارات متتالية يتعرض لها تنظيم الدولة في ريف حلب الشمالي، فقد استطاعت فصائل الجيش السوري الحر “الفرقة 13، صقور الجبل، الجبهة الشامية، ونور الدين زنكي، وفرقة السلطان مراد وفيلق الشام” من التقدم بدعم الطيران والمدفعية التركية، حيث استطاعت تحرير عدد كبير من القرى كان آخرها بلدة جرابلس والراعي كما ، ويعني السيطرة عليها، بدء معارك استراتيجية في معاقل أخرى كمدينة منبج والباب الاستراتيجيتان، وهو ما يعني نهاية التنظيم في أقوى معاقله بريف حلب، بل ونهاية مشروع الدولة الكردية الانفصالية في شمال سوريا.
التقدم الميداني
وقد سيطرت فصائل الثوار المنضوية ضمن غرفة عمليات “درع الفرات” على عدة قرى في محيط مدينة جرابلس بريف حلب الشمالي بعد اشتباكات مع تنظيم الدولة، بالتزامن مع تمكن الثوار من السيطرة على مواقع شرقي بلدة الراعي.
وقال ناشطون، إن فصائل الثوار تمكنت من السيطرة بعد جرابلس على قرى (الحلوانية، حمير العجاج، البير التحتاني، والبير الفوقاني) غربي مدينة جرابلس بعد اشتباكات مع تنظيم الدولة، والتي أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى من الأخيرة.
في السياق ذاته، سيطر الثوار ضمن غرفة عمليات “حوار كلس” على قريتي تلج غربي والهضبات شرقي مدينة الراعي، إثر معارك مع تنظيم الدولة والذي حاول فجر اليوم السيطرة على بلدة الراعي “الاستراتيجية”، ولكن فصائل الثوار تمكنت من التصدي للهجوم والقتل العديد من عناصره.
أهداف الجيش الحر
قائد فرقة الحمزة، الملازم أول ” سيف أبو بكر” قال بحسب “أورينت” أن معركة درع الفرات حققت أهدافها كاملة في المرحلة الأولى، وفي وقت قصير، وتقوم الفصائل العسكرية المشتركة في معارك التحرير بتأمين مدينة جرابلس، وريفها القريب الذي تم تحريره، استعداداً لاستقبال ألاف المدنيين الذي فروا خوفاً من المعارك ضد التنظيم .
وأشار الملازم أول أبو بكر إلى أن فصائل الجيش السوري الحر وبدعم عسكري تركي تحضر الآن لخوض مرحلة ثانية من معركة ” درع الفرات” التي ستستهدف بشكل رئيسي القرى والبلدات الحدودية إلى الغرب من جرابلس وصولاً إلى بلدة الراعي المحررة، بطول 50 كيلو متراً على الأقل، وإذا ما حققت المرحلة الثانية من المعركة أهدافها سيكون لدى الجيش السوري الحر طريق امداد طويل يصل ريفي حلب الشمالي والشمالي الشرقي .
وأوضح الملازم أول أبو بكر أن الجيش السوري الحر اشتبك بشكل مباشر مع مليشيات قوات سوريا الديموقراطية ” قسد ” وجهاً لوجه في ريف جرابلس الجنوبي، بالقرب من بلدة العمارنة التي تقدمت إليها المليشيات الكردية بعد أن انسحب منها تنظيم الدولة وجرى بحسب أبو بكر قصف متبادل بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة بين الطرفين خلال اليومين الماضيين،حتى تمكن الجيش الحر من تحريرها.
وأكد الملازم أول أبو بكر أن مدينتي منبج والباب تقعان في قائمة الأهداف الاستراتيجية للمعركة، وتوقع انسحاب مليشيات قوات سوريا الديموقراطية من المنطقة، وإلا سوف تكون المواجهة العسكرية حتمية ضد تنظيمي ” قسد وداعش “
أهمية ريف حلب الشمالي
كان من الأسباب الرئيسية لعدم تمكن فصائل “الثورة السورية” من السيطرة على كامل مدينة حلب، تمكن تنظيم “الدولة” من الاستيلاء على مساحات شاسعة من ريف حلب الشمالي والشرقي وخصوصا مدينتي جرابلس والباب، والأخيرة تعتبر خزان بشري للثوار، ساهم شبابها مساهمة فعالة في المعارك مع اندلاع الثورة.
ترجع أهمية تقدم الجيش السوري الحر في ريف حلب الشمالي، أنه سيوسع من اتصاله الجغرافي مع تركيا وبالتالي سيمنع قطع الامدادات اللوجستية عنه.
ويشن الثوار هجوماً على تجمعات تنظيم الدولة في ريف حلب الشمالي على محورين بهدف ربط جرابلس بمدينة الراعي في الريف الشمالي والسيطرة على جميع القرى الفاصلة بينهما.
أسباب تراجع داعش
أما تراجع قوات تنظيم الدولة في الريف الشمالي فيرجع إلى الجبهات الواسعة التي فتحها التنظيم من دير الزور إلى درعا (حوض اليرموك)، ومن ريف الحسكة والجزيرة الفراتية إلى محيط مدينة “تدمر”، وصولا إلى معاركه في القلمون ومناطق جنوب دمشق (كمخيم اليرموك).
ورغم هذه العوامل، لكن التنظيم لم يرد كذلك أن تقع قواته كذلك بين عدوين، بل أراد أن تندلع معارك بين وحدات الحماية الكردية وبين الجيش السوري الحر، وهذا ما يفسر تراجعه السريع وعدم الاستماتة في القتال المعروفة عنه.
وأد الفيدرالية
كما أن هذا التقدم الكبير والقصف التركي المركز على قوات سوريا الديمقراطية التي يغلب عليها “مقاتلو الجناح المسلح لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي” من التقدم لتثبيت أركان الفيدرالية التي أعلنها مؤخرا، خصوصا بعدما سيطرت على تل رفعت ومطار منغ العسكري ومدينة منبج مؤخرا.
التقدم الأخير للجيش السوري الحر، شاركت فيه القوات التركية عبر العشرات من عناصر القوات الخاصة عبر الحدود مع سوريا، كما قصفت المدفعية التركية والطيران مواقع تنظيم “الدولة”.
أسباب التدخل التركي
ومن الاسباب الرئيسية للتدخل التركي في ريف حلب الشمالي، أن وحدات الحماية الكردية التي تتخفى تحت اسم “قوات سوريا الديمقراطية” أصبحت على وشك ربط مناطقها في عفرين بمناطقها في الحسكة وتل أبيض، بعدما ضربت تلك القوات عرض الحائط بالخطوط الحمراء التركية (أهم هذه الخطوط عدم عبور تلك القوات لغرب نهر الفرات)، لأن تركيا تعلم أن التواصل الجغرافي بين هذه المناطق سيعني قيام دولة كردية في شمال سوريا وهو ما يعني أن قيام دولة كردية في جنوب شرقي تركيا سيصبح تحصيل حاصل، ولهذا جاء التدخل التركي عنيفا.
هناك تغييرات التحالفات الدولية في المنطقة، خصوصا بعد “الصلح” الروسي التركي بعد زيارة الرئيس التركي رجب أردوغان إلى موسكو، نتج عنها ما يجري حاليا، وإن استمرت انهيارات تنظيم الدولة فستتغير المعادلات على الأرض ، خصوصا مع فشل إيران الأخير في ريف حلب الجنوبي وخسارتها للمئات من نخبة مقاتليها، ونجاح الفصائل العسكرية السورية في ريف حلب الجنوبي وتمكنهم من كسر الحصار الذي فرضته المليشيات الإيرانية واللبنانية والعراقية على مدينة حلب المحررة، بل إن الساحة السورية باتت على بعد أيام أو أسابيع قليلة من أكبر توحد فصائلي في سوريا قد يقلب الطاولة على الجميع.