وأحدثت “وثيقة حل للقضية الجنوبية” التي تم التوقيع عليها، الاثنين الماضي، في دار الرئاسة اليمنية، بحضور الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، شرخاً بين الأحزاب السياسية، بما فيها الأحزاب المنضوية تحت تكتل اللقاء المشترك، وبين حزب الرئيس السابق على عبد الله صالح، المؤتمر الشعبي العام الشريك في الحكومة، لأسباب عدة من بينها منحها الرئيس حق تشكيل لجنة للقيام بتحديد عدد أقاليم الدولة.
ووقّع على “وثيقة الحل ” غالبية ممثلي القوى والمكونات السياسية الممثلة في اللجنة المصغرة للقضية الجنوبية، وهي أحد اللجان المنبثقة عن مؤتمر الحوار الوطني وتتألف من 16 عضواً، من بينهم ممثلو الحراك الجنوبي السلمي الستة، فيما غاب ممثل الحزب الاشتراكي اليمني الشريك في الحكومة وأحد مكونات اللقاء المشترك، وانسحب ممثل حزب التنظيم الوحدوي الناصري وهو أحد مكونات اللقاء المشترك.
ورغم أن حزب المؤتمر الشعبي العام، كان أول الرافضين للوثيقة، فإن عبد الكريم الارياني، وهو نائب رئيس حزب المؤتمر الشعبي وممثله في نيابة رئاسة الحوار، وقع على الوثيقة بالنيابة عن ممثلي حزبه في اللجنة، وهو الأمر الذي رفضه الحزب معلنا أن الارياني “لا يُمثّل إلا نفسه بتوقيعه على الوثيقة”.
وبينما برّر الحزب الاشتراكي اليمني في بيان له، اعتراضه على الوثيقة، بأن “هناك أطراف تحاول فرض شكل الدولة القادمة، واعتماد الأقاليم الستة ( 4 في الشمال، و 2 في الجنوب ) مع تجاهل لرؤيته ذات الإقليمين ( شمالي وجنوبي)، قال حزب التنظيم الوحدوي الناصري، المنسحب هو الآخر من التوقيع، في بيان له أن “الوثيقة تؤسس لخلافات عميقة حول بناء الدولة، وتكرس مبدأ الهويتين داخل الدولة الواحدة”.
وأما في الشارع، وحسب ما نقلته وكالة الأناضول، فاستحوذت الوثيقة على حديث اليمنيين، حيث راح البعض إلى القول بأنها “نسفت كل ما بناه مؤتمر الحوار الوطني من توافق، وأعادت اليمن إلى مربع الصفر”، رأى آخرون أنها “مخرج الطوارئ الوحيد” للأزمة اليمنية بشكل عام، وللقضية الجنوبية بشكل خاص .
وقال عضو اللجنة المصغرة لحل القضية الجنوبية، علي عشال، لوكالة الأناضول، أن “الوثيقة مدخل حقيقي لحلحلة الأزمة في إطار مبني على التوصيات والجذور والأفكار المنبثقة عن كافة القوى السياسية اليمنية، التي اتفقت جميعها على الدولة الاتحادية، ولم يخرج أحد عن الشكل الاتحادي، حتى أولئك الذين لم يوقعوا عليها”، مضيفا أنها “تحقق للجنوبيين شراكة حقيقية من خلال البناء الفيدرالي”، وأنها كانت “محل نقاش وإجماع، ولم تحدث شرخاً في محتواها بالمجمل”.
كما أكد عشال أن “الخلاف ناتج عن عدد الأقاليم، حيث كان من الصعوبة أن تخرج بتوافق في تلك اللحظة، فكان من الضروري ترحيل الأمر إلى لجنة أخرى”، مؤكدا أن “اللجنة التي سيشكلها الرئيس هادي، ستعمل بموازاة لجنة صياغة الدستور القادم الذي سيطرح على الشعب”، منوهاً إلى أن هذه الآلية “تستند على الإرادة الشعبية، وستطرح على المجالس المحلية التي ستُنتخب”.
الكاتب الصحفي والباحث اليمني، مروان غفوري، رأى بأن “ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ اليمنية، ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺷﺎﻗﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﺑﻌﺪ ﺍﻟﺤﺪﻭد”، قائلا:” ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﺤﺪﺛﻮﻥ ﻋﻦ ﻭﺛﻴﻘﺔ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ، ﻭﻫﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﺳﻮﻯ ﺗﻠﺨﻴﺺ ﻟﻨﻘﺎﺵ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﻟﻴﻤﻨﻴﺔ ، ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻭﺛﻴﻘﺔ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﻟﻠﻴﻤﻦ ﺍﻟﻤﻮﺣﺪ، ﻫﻢ ﺃﻳﻀﺎً ﻳﻌﺠﺰﻭﻥ ﻛﻞ ﺍﻟﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺍﻗﺘﺮﺍﺡ ﻣﺸﺎﺭﻳﻊ ﺫﻛﻴﺔ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ، ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﺨﻤﺪ ﺍﻟﻨﻴﺮﺍﻥ ﺍﻟﻤﺸﺘﻌﻠﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺍﻟبلاد”، مضيفا أن الحفاظ على الجمهورية يستدعي “ﺷﻜﻼً ﺳﻴﺎﺳﻴﺎً ﺍﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺎً ﻭﻏﻴﺮ ﺗﻘﻠﻴﺪﻱ”.
مع العلم بأن الوثيقة تنص على أن “تبدأ مرحلة بناء دول اليمن الاتحادية بتبنِي الدستور، وتتبع جدولاً زمنياً، وتنتهي في فترة يحددها الدستور، ويتطلب الانتقال الكامل والفاعل إلى دولة اليمن الاتحادية الجديدة، مع بناء القدرات في كل ولاية وإقليم، وإنشاء مؤسسات جديدة، وسن تشريعات وقوانين، إضافة إلى تبنِي إصلاحات تشمل الملف الحقوقي للجنوب، وإنشاء صندوق ائتماني للجنوب”.