ترجمة وتحرير نون بوست
أن تكون لاعب كرة قدم في المملكة المتحدة ليس أمرًا سهلاً أو هينًا، فاللاعب يكون تحت الأضواء ويتم الحكم عليه من قِبل الحكومة والسلطات المدنية وكل من يدير المباراة، وتعود لعبة كرة القدم بالفائدة لكل طرف من هذه الأطراف التي لا تكترث إلا بالانتصار الذي يجعلهم يتمتعون بالهيبة التي تعقبها الأموال والمجد، فهذه الأطراف، منذ وضع القوانين الأولى للعبة كرة القدم، استفادت الكثير والكثير.
وقد تتخوف الحكومة من تجمع الجماهير خاصة وأن أغلبهم من الطبقة العاملة التي تستهلك الكحول وتحس بالحماس إذا ما تحدثت عن السياسة، لكن تبقى لعبة كرة القدم أفضل وسيلة لإبقاء عقول وأجسام هذه الفئات مشغولة، لكي لا تكتشف خيانة واستغلال الحكومة لها، أما الحكومة فهي تعتبر هذه الجماهير نوعًا ما أفضل من مروجي المخدرات وأسوأ من أباطرة الجريمة، فبإمكان الحكومات أن يكون لها مصلحة مع المجرمين، لكن لا يمكنها التعامل مع الجماهير، وليس من السهل التنبؤ بما قد يفعلونه كما أنهم محكومون بتيارات غريبة ومشاعر عميقة، لا يمكن للسياسيين فهمها أبدًا، ورغم كل المضايقات التي تتعرض لها الجماهير، فإنهم يبقون وفيين للمدارج.
ولذلك يتم إرسال قوات من الشرطة لمراقبة هذه الجماهير، ولذلك أيضًا تم وضع قوانين خاصة بهذه الجماهير، مثل هذه الممارسات جعلت مجرد الحماس الذي قد نحسه في لعبة كرة قدم يبدو وكأنه جريمة.
إذن من المؤكد أنه كان أمرًا صادًما عندما قامت مجموعة من أحباء فريق سلتيك الإسكتلندي بجمع تبرعات لعدة منظمات إغاثة تعمل في فلسطين عندما تم الإعلان أن سلتيك سيلعب ضد فريق من إسرائيل، في مباراة فاصلة في دوري أبطال أوروبا، وبالتالي، أراد بعض من مشجعي فريق سلتيك استغلال المباراة للقيام بمظاهرة صغيرة وسلمية ضد معاملة الحكومة الإسرائيلية للفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية.
قام حوالي 100 من محبي فريق سلتكك، من أصل 60000 كانوا متواجدين في المدرجات، برفع العلم الفلسطيني بعد أن علموا أنه سيتم نقل المباراة على العديد من القنوات التلفزيونية العالمية، وقد أرادوا من خلال هذه الحركة، أن يذكروا الشعب الفلسطيني بأنه يوجد من يشعر بمحنتهم حتى في غلاسكو، وتجدر الإشارة أن اللاعبيين الإسرائيليين عوملوا باحترام طوال المباراة.
أما الاتحاد الأوروبي لكرة القدم فقد اعتبر العلم الفلسطيني “راية غير مشروعة” عندما تم رفعها خلال المباراة، وشرع الاتحاد في الإجراءات التأديبية ضد سلتيك، وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها معاقبة فريق سلتيك بسبب سلوك سياسي “غير مبرر.”
وقد أطلق مشجعو الفريق حملة لجمع التبرعات لاثنين من الجمعيات الخيرية العاملة في الضفة الغربية، وفي صفحتهم في موقع “غو فاند مي”، قال المشجعون بأنهم يريدون جمع نفس مقدار الغرامة المالية التي سيقرها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم ثم سيتم توزيع الأموال على جمعيات الإغاثة في فلسطين، وقد بلغت التبرعات إلى حد الآن 200 ألف جنيه إسترليني وقد تبلغ 500 ألف جنيه إسترليني قبل 22 أيلول/ سبتمبر، أي اليوم الذي سيقوم فيه الاتحاد الأوربي لكرة القدم باتخاذ قرار ضد نادي سلتيك.
وفي الحقيقة، عادة ما يؤكد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم عن رفضه لجعل السياسة جزءًا من لعبة كرة القدم، فذلك سيجعل مهمة الحكومة أصعب بكثير، وعلى سبيل المثل، خلال فترة الحكم الفاشي في إسبانيا، رفع العلم الكتالوني قد ينجر عنه السجن أو القتل، والمكان الوحيد الذي يمكن أن يتم رفع العلم فيه هو ملعب “كامب نو” في برشلونة، لذلك فإن نادي برشلونة الاسباني يجسد الهوية الكاتالونية بكل اعتزاز، فكرة القدم تعتبر وسيلة للتعبير عن أي قضية وطنية.
وتجدر الإشارة إلى أنه تم إنشاء فريق سلتيك سنة 1887 ولعبوا أول مباراة سنة 1888 وذلك لجمع التبرعات للفقراء في أيرلندا، وكانت تتم معاملة الفريق بطريق سيئة في ذلك الوقت، لكن كلما فازوا بمباراة، تتحسن المعاملة شيئًا فشيء، في الحقيقة، أصبح هذا جزءًا من التاريخ، لكن لا يزال هناك أناس في فلسطين يعانون إلى الآن، إلا أنه من خلال أعمال خيرية وسعيًا للتضامن معهم، بإمكاننا جعلعم يشعرون بأنهم لا يعانون وحدهم.
المصدر: غارديان